وفيه فصول:
وهي عشرة:
الأوّل والثاني: البول والغائط من كلّ حيوان له نفس سائلة محرّم الأكل بالأصل، أو بالعارض كالجلّال والموطوء، أمّا محلّل الأكل فبوله وخرؤه طاهران، وكذا خرؤ ما ليست له نفس سائلة من محرّم الأكل، ولا يترك الاحتياط بالاجتناب عن بوله إذا عدّ ذا لحم عرفاً.
مسألة 390: بول الطير وذرقه طاهران¬ وإن كان غير¬ مأكول اللحم بالأصل كالخفاش ونحوه، دون غىر مأكول اللحم بالعارض كالجلّال.
مسألة 391: ما يُشكّ في أنّ له نفساً سائلة، محكوم بطهارة خُرئه ويحتاط بالاجتناب عن بوله - كما تقدّم - وأمّا ما يُشكّ في أنّه محلّل الأكل أو محرّمه فيحكم بطهارة بوله وخرئه.
الثالث: المنيّ من كلّ حيوان له نفس سائلة وإن حَلّ أكل لحمه على الأحوط لزوماً، وكذلك السائل الخارج من المرأة الموجب لجنابتها على ما مرّ ، وأمّا منيّ ما ليس له نفس سائلة فطاهر .
الرابع: ميتة الإنسان وكلّ حيوان ذي نفس سائلة وإن كان محلّل الأكل وكذا أجزاؤها المبانة منها وإن كانت صغاراً، ويستثنى منها الشهيد ومَن اغتسل لإجراء الحدّ عليه أو القصاص منه.
مسألة 392: الجزء المقطوع من الحيّ بمنزلة الميتة، ويستثنى من ذلك: ما ينفصل من الأجزاء الصغار التى زالت عنها الحىاة وتنفصل بسهولة كالثالول والبثور وما يعلو الشفة والقروح ونحوها عند البرء، وقشور الجَرَب ونحوه المتّصل بما ينفصل من شعره، وما ينفصل بالحكّ ونحوه من الجسم فإنّ ذلك كلّه طاهر إذا فصل من الحيّ.
مسألة 393: أجزاء الميتة إذا كانت لا تحلّها الحياة طاهرة، وهي: الصوف، والشعر، والوبر، والعظم، والقرن، والمنقار، والظفر، والمخلب، والريش، والظلف، والسنّ، والبيضة إذا اكتست القشر الأعلى وإن لم يتصلّب، سواء أكان ذلك كلّه مأخوذاً من الحيوان الحلال أم الحرام، وسواء أُخذ بجزٍّ أم نتفٍ أم غيرهما، نعم يجب غَسل المنتوف من رطوبات الميتة، ويلحق بالمذكورات الإنفحة، وكذلك اللبن في الضرع ولا ينجس بملاقاة الضرع النجس، وإن كان الأحوط استحباباً اجتنابه ولا سيّما إذا كان من غير مأكول اللحم، هذا كلّه في ميتة طاهرة العين، أمّا ميتة نجسة العين فلا يستثنى منها شيء.
مسألة 394: فأرة المسك طاهرة إذا انفصلت من الظبي الحيّ ولو بعلاج بعد صيرورتها معدّة للانفصال بزوال الحياة عنها، وفي حكمها المبانة من الميتة، وأمّا المبانة من المذكّى فطاهرة مطلقاً، ومع الشكّ في حالها يُبنى على الطهارة، وأمّا المسك فطاهر في نفسه، نعم لو علم ملاقاته للنجس مع الرطوبة المسرية حكم بنجاسته.
مسألة 395: ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة، كالوزغ والعقرب والسمك، ومنه الخفّاش على ما ثبت بالاختبار، وكذا ميتة ما يشكّ في أنّ له نفساً سائلة أم لا.
مسألة 396: المراد من الميتة ما استند موته إلى أمر آخر غير التذكية على الوجه الشرعيّ.
مسألة 397: ما يؤخذ من يد المسلم من اللحم والشحم والجلد إذا شكّ في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة والحلّيّة ظاهراً، بشرط اقتران يده بما يقتضي تصرّفه فيه تصرّفاً يناسب التذكية، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون، وما يؤخذ من سوق المسلمين - إذا لم يعلم أنّ المأخوذ منه غير مسلم - ولا فرق في الثلاثة بين العلم بسبق يد الكافر أو سوقه عليه وعدمه إذا احتمل أنّ ذا اليد المسلم أو المأخوذ منه في سوق المسلمين أو المتصدّي لصنعه في بلد الإسلام قد أحرز تذكيته على الوجه الشرعيّ.
وأمّا ما يوجد مطروحاً في أرض المسلمين فيحكم بطهارته، وأمّا حلّيّته - مع عدم الاطمئنان بسبق أحد الأُمور الثلاثة - فمحلّ إشكال ولا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه.
مسألة 398: المذكورات إذا أُخذت من أيدي الكافرين واحتمل كونها مأخوذة من المذكّى يحكم بطهارتها وكذا بجواز الصلاة فيها، ولكن لا يجوز أكلها ما لم يحرز أخذها من المذكّى، ولو من جهة العلم بكونها مسبوقة بأحد الأُمور الثلاثة المتقدّمة.
مسألة 399: السقط قبل ولوج الروح نجس على الأحوط لزوماً، وأمّا الفرخ في البيض فهو طاهر .
مسألة 400: الإنفحة - وهي ما يتحوّل إليه اللبن في كِرْش الحيوان الرضيع كالجَدْي والسَّخْل - محكومة بالطهارة وإن أخذت من الميتة كما تقدّم، ولكن يجب غسل ظاهرها لملاقاته أجزاء الميتة مع الرطوبة، إلّا إذا ثبت أنّ المتعارف كونها مادّة غير متماسكة لا تقبل الغسل فإنّه يُحكم عندئذٍ بطهارتها مطلقاً، وأمّا الغشاء الداخليّ للكرش الذي قد يطلق عليه الإنفحة فهو نجس إذا أُخذ من الميتة.
الخامس: الدم من الحيوان ذي النفس السائلة، أمّا دم ما لا نفس له سائلة كدم السمك ونحوه فهو طاهر .
مسألة 401: إذا وجد في ثوبه - مثلاً - دماً لا يدري أنّه من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غيره بنى على طهارته.
مسألة 402: دم العلقة المستحيلة من النطفة نجس على الأحوط لزوماً، وأمّا الدم الذي يكون في البيضة فطاهر .
مسألة 403: الدم المتخلّف في الحيوان المذكّى بالنحر أو الذبــح محكــوم بالطهـارة - إلّا أن يتنجّس بنجاسة خارجيّة مثل السكّين التي يذبح بها - ويختصّ هذا الحكم بالحيوان مأكول اللحم على الأحوط لزوماً.
مسألة 404: إذا خرج من الجرح أو الدمّل شيء أصفر يشكّ في أنّه دم أم لا يحكم بطهارته، وكذا إذا شكّ من جهة الظلمة أنّه دم أم قيح، ولا يجب عليه الاستعلام، وكذلك إذا حكّ جسده فخرجت رطوبة يشكّ في أنّها دم أو ماء أصفر يحكم بطهارتها.
مسألة 405: الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب نجس ومنجّس له.
السادس والسابع: الكلب والخنزير البرّيّان، بجميع أجزائهما وفضلاتهما ورطوباتهما دون البحريّين.
الثامن: الخمر، والمراد به المسكر المتَّخذ من العصير العنبيّ، وأمّا غيره من المسكر والكحول المائع بالأصالة - ومنه الإسبرتو بجميع أنواعه إلّا ما ىحصل من تصعىد الخمر - فمحكوم بالطهارة وإن كان رعاية الاحتياط أولى.
مسألة 406: العصير العنبيّ لا ينجس بغليانه بنفسه أو بالنار أو بغير ذلك، ولكنّه يحرم شربه ما لم يذهب ثلثاه بالنار أو بغيرها، فإذا ذهب ثلثاه صار حلالاً إذا لم يحرز صيرورته مسكراً - كما ادُّعِيَ فيما إذا غلى بنفسه - وإلّا فلا يحلّ إلّا بالتخليل.
مسألة 407: العصير الزبيبيّ والتمريّ لا¬ ينجس بالغليان، كما لا¬ يحرم به ما لم ىحرز صىرورته مسكراً بالغليان، فيجوز وضع التمر والزبيب والكشمش في المطبوخات مثل المَرَق والمَحْشِيّ والطبيخ وغيرها، وكذا دِبس التمر المسمّى بدبس الدمعة.
مسألة 408: الفقّاع - وهو شراب متَّخذ من الشعير يوجب النشوة عادة لا السكر، وليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطبّاء - يحرم شربه بلا إشكال، والأحوط لزوماً أن يعامل معه معاملة النجس.
التاسع: الكافر، وهو مَنْ لم ينتحل ديناً، أو انتحل ديناً غير الإسلام، أو انتحل الإسلام وجحد ما يُعلم أنّه من الدين الإسلاميّ بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة ولو في الجملة، بأن يرجع إلى تكذيب النبيّ (صلّى الله علىه وآله) في بعض ما بلّغه عن الله تعالى في العقائد كالمعاد أو في غيرها كالأحكام الفرعيّة، وأمّا إذا لم يرجع جحده إلى ذلك بأن كان بسبب بُعده عن البيئة الإسلاميّة وجهله بأحكام هذا الدين فلا يحكم بكفره، وأمّا الفرق الضالّة المنتحلة للإسلام فيختلف الحال فيهم.
فمنهم: الغلاة، وهم على طوائف مختلفة العقائد، فمن كان منهم يذهب في غلوّه إلى حدّ ينطبق عليه التعريف المتقدّم للكافر حكم بكفره دون غيره.
ومنهم: النواصب، وهم المعلنون بعداوة أهل البيت (علىهم السلام) ولا إشكال في كفرهم.
ومنهم: الخوارج، وهم على قسمين: ففيهم من يعلن بغضه لأهل البيت (علىهم السلام) فيندرج في النواصب، وفيهم من لا يكون كذلك وإن عدّ منهم - لاتّباعه فقههم - فلا يحكم بكفره.
والكافر نجس بجمىع أقسامه على الأحوط لزوماً غير الكافر الكتابيّ فإنّه لا يبعد الحكم بطهارته، وإن كان الاحتياط حسناً، وأما المرتدّ فيلحقه حكم الطائفة التي لحق بها.
العاشر: عرق الإبل الجلّالة وغيرها من الحيوان الجلّال على الأحوط لزوماً.
مسألة 409: عرق الجنب من الحرام طاهر وتجوز الصلاة فيه وإن كان الأحوط استحباباً الاجتناب عنه فيما إذا كان التحريم ثابتاً لموجب الجنابة بعنوانه كالزناء واللواط والاستمناء ووطء الحائض - مع العلم بحالها - دون ما إذا كان بعنوان آخر كإفطار الصائم، أو مخالفة النذر، ونحو ذلك.
مسألة 410: الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس لا تسري النجاسة إليه، إلّا إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية، ويقصد بها ما يقابل مجرّد النداوة التي تعدّ من الأعراض عرفاً وإن فرض سرايتها لطول المدّة، فالمناط في الانفعال رطوبة أحد المتلاقيين، وإن كان لا يعتبر فيه نفوذ النجاسة ولا بقاء أثرها.
وأمّا إذا كانا يابسين أو نديّين جافّين فلا يتنجّس الطاهر بالملاقاة، وكذا لو كان أحدهما مائعاً بلا رطوبة كالذهب والفضّة ونحوهما من الفلزّات، فإنّها إذا أذيبت في ظرف نجس لا تتنجّس، إلّا مع رطوبة الظرف أو وصول رطوبة نجسة إلىه من الخارج.
مسألة 411: الفراش الموضوع في أرض السرداب إذا كانت الأرض نجسة لا ينجس وإن سرت رطوبة الأرض إليه وصار ثقيلاً بعد أن كان خفيفاً، فإنّ مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة، وكذلك جدران المسجد المجاور لبعض المواضع النجسة مثل الكنيف ونحوه فإنّ الرطوبة السارية منها إلى الجدران ليست مسرية، ولا موجبة لتنجّسها وإن كانت مؤثّرة في الجدار على نحو قد تؤدّي إلى الخراب.
مسألة 412: يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع متدافعاً إلى النجاسة، وإلّا اختصّت النجاسة بموضع الملاقاة ولا تسري إلى ما اتّصل به من الأجزاء، فإنّ صبّ الماء من الإبريق على شيء نجس لا تسري النجاسة إلى العمود فضلاً عمّا في الإبريق، وكذا الحكم لو كان التدافع من الأسفل إلى الأعلى كما في النافورة.
مسألة 413: الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجّس موضع الاتّصال، أمّا غيره من الأجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة إليه وإن كانت الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم، فالخيار أو البطّيخ أو نحوهما إذا لاقته النجاسة يتنجّس موضع الاتّصال منه لا غير، وكذلك بدن الإنسان إذا كان عليه عرق - ولو كان كثيراً - فإنّه إذا لاقى النجاسة تنجّس الموضع الملاقي لا غيره، إلّا أن يجري العرق المتنجّس على الموضع الآخر فإنّه ينجّسه أيضاً.
مسألة 414: يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظاً وإلّا اختصّت بموضع الملاقاة لا غير، فالدِّبْس الغليظ إذا أصابته النجاسة لم تسرِ النجاسة إلى تمام أجزائه بل يتنجّس موضع الاتّصال لا غير، وكذا الحكم في اللبن الغليظ، نعم إذا كان المائع رقيقاً سرت النجاسة إلى تمام أجزائه مطلقاً على الأحوط لزوماً، وذلك مثل الحليب والخَلّ وأيضاً السَّمْن في أيّام الصيف بخلاف أيّام البرد، والحدّ في الغلظة والرقّة هو أنّ المائـع إذا كان بحيــــث لو أخذ منــه شـيء بقي مكانـــه خالياً حين الأخــذ - وإن امتلأ بعد ذلك - فهو غليظ، وإن امتلأ مكانه بمجرّد الأخذ فهو رقيق.
مسألة 415: المتنجّس بملاقاة عين النجاسة كالنجس ينجِّس ما يلاقيه مع الرطوبة المسرية، وكذلك المتنجّس بملاقاة المتنجّس ينجّس ملاقيه فيما إذا لم تتعدّد الوسائط بينه وبين عين النجس وإلّا فلا ينجّسه وإن كان الأحوط استحباباً الاجتناب عنه، مثلاً : إذا لاقت اليد اليمنى البول فهي تتنجّس، فإذا لاقتها اليد اليسرى مع الرطوبة حكم بنجاستها أيضاً، وكذا إذا لاقى اليد اليسرى مع الرطوبة شيء آخر كالثوب فإنه يحكم بنجاسته، ولكن إذا لاقى الثوب شيء آخر مع الرطوبة سواء أكان مائعاً أم غيره فلا يحكم بنجاسته.
مسألة 416: تثبت النجاسة بالعلم وبالاطمئنان الحاصل من المناشئ العقلائيّة وبشهادة العدلين - بشرط أن يكون مورد الشهادة نفس السبب - وبإخبار ذي اليد، وفي ثبوتها بإخبار العدل الواحد فضلاً عن مطلق الثقة إشكال ما لم يوجب الاطمئنان.
مسألة 417: ما يؤخذ من أيدي الكافرين المحكومين بالنجاسة من الخبز والزيت والعسل ونحوها من المائعات والجامدات طاهر، إلّا أن يعلم بمباشرتهم له بالرطوبة المسرية، وكذلك ثيابهم وأوانيهم، والظنّ بالنجاسة لا عبرة به.
مسألة 418: يشترط في صحّة الصلاة - الواجبة والمندوبة وكذلك في أجزائها المنسيّة - طهارة بدن المصلّي وتوابعه من شعره وظفره ونحوهما، وطهارة ثيابه من غير فرق بين الساتر وغيره، إلّا ما لا تتمّ الصلاة فيه كما سيأتي، والطواف الواجب والمندوب كالصلاة في ذلك على تفصىل مذكور في محلّه.
مسألة 419: الغطاء الذي يتغطّى به المصلّي مضطجعاً إن كان متدثّراً به بحيث يصدق عرفاً أنّه لباسه وجب أن يكون طاهراً وإلّا فلا.
مسألة 420: يشترط في صحّة الصلاة طهارة محلّ السجود - وهو ما يحصل به مسمّى وضع الجبهة - دون غيره من مواضع السجود.
مسألة 421: يجتزأ بصلاة واحدة في بعض أطراف العلم الإجمالي بنجاسة اللباس إذا كانت الشبهة غير محصورة، ولا يجتزأ بها في الشبهة المحصورة، بل يجب تكرار الصلاة في أطرافها زائداً على المقدار المعلوم بالإجمال ليحرز وقوعها في اللباس الطاهر، فلو علم بنجاسة ثوبين من مجموعة محدودة من الثياب كفاه أن يصلّي في ثلاثة منها وإن علم بثلاثة كفاه أن يصلّي في أربع وهكذا، وكذلك الحكم في محلّ السجود، وقد مرّ في الفصل الرابع من أقسام المياه ضابط الشبهة المحصورة وغير المحصورة.
مسألة 422: لا فرق - على الأحوط لزوماً - في بطلان الصلاة لنجاسة البدن أو اللباس أو المسجد بين كون المصلّي عالماً بشرطيّة الطهارة للصلاة وبأنّ الشيء الكذائيّ - كالخمر مثلاً - نجس، وبين كونه جاهلاً بذلك عن تقصير بأن لا يكون معذوراً في جهله، وأمّا إذا كان جاهلاً به عن قصور فتصحّ صلاته، والقاصر هو المعذور في جهله كما لو وثق بمن أخبره بالحكم ثُمَّ تبيّن الخلاف.
مسألة 423: إذا كان جاهلاً بالنجاسة ولم يعلم بها حتّى فرغ من صلاته فلا إعادة عليه في الوقت ولا القضاء في خارجه، هذا إذا لم يكن شاكّاً في النجاسة قبل الدخول في الصلاة أو شكّ وفحص ولم يحصل له العلم بها، وأمّا الشاكّ غير المتفحّص فتلزمه - على الأحوط لزوماً - الإعادة والقضاء إذا وجدها بعد الصلاة.
مسألة 424: إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة وعلم بسبق حدوثها على الدخول فيها فإن كان الوقت واسعاً فالأحوط وجوباً استئنافها، وإن كان الوقت ضيقاً حتّى عن إدراك ركعة، فإن أمكن النزع أو التبديل أو التطهير بلا لزوم المنافي فعل ذلك وأتمّ الصلاة وإلّا صلّى فيه، والأحوط استحباباً القضاء أيضاً.
مسألة 425: إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة واحتمل حدوثها بعد الدخول فيها فإن أمكن التجنّب عنها بالتطهير أو التبديل أو النزع على وجه لا ينافي الصلاة فعل ذلك وأتمّ صلاته ولا إعادة عليه، وإذا لم يمكن ذلك فإن كان الوقت واسعاً فالأحوط وجوباً استئناف الصلاة بالطهارة، وإن كان ضيقاً أتمّها مع النجاسة ولا شيء عليه.
مسألة 426: إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلّى، فإن كان نسيانه ناشئاً عن الإهمال وعدم التحفّظ فالأحوط لزوماً أن يعيد الصلاة، سواء أتذكّر في أثنائها أم بعد الفراغ منها، وهكذا لو تذكّر بعد مضيّ الوقت، وأمّا إذا لم يكن منشأ نسيانه الإهمال فحكمه حكم الجاهل بالموضوع وقد تقدّم.
مسألة 427: إذا غسل ثوبه النجس وصلّى فيه مطمئنّاً بطهارته ثُمَّ تبيّن أنّ النجاسة باقية فيه لم تجب الإعادة ولا القضاء لأنّه كان جاهلاً بالنجاسة.
مسألة 428: إذا لم يجد إلّا ثوباً نجساً فإن لم يمكن نزعه لبرد أو نحوه صلّى فيه ولا يجب عليه القضاء، وكذلك إن أمكن نزعه وإن كان الأحوط استحباباً الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً.
مسألة 429: إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالاً بنجاسة أحدهما وجبت الصلاة في كلٍّ منهما كما مرّ، وإن لم يتمكّن إلّا من صلاة واحدة يصلّي في أحدهما لا عارياً، ويتخيّر بينهما مع عدم الترجيح لأحدهما على الآخر احتمالاً ومحتملاً، وإلّا فيلزمه اختيار المرجّح منهما.
مسألة 430: إذا تنجّس موضعان من بدنه أو من ثوبه ولم يكن عنده من الماء ما يكفي لتطهيرهما معاً، لكن كان يكفي لأحدهما وجب تطهير أحدهما مخيّراً إلّا مع الدوران بين الأقلّ والأكثر أو الأخفّ والأشدّ أو متّحد العنوان ومتعدّده ككون أحدهما متنجّساً بدم السباع مثلاً فيختار - على الأحوط لزوماً - تطهير الثاني في الجميع، وإن كان كلّ من بدنه وثوبه متنجّساً فالأحوط وجوباً تطهير البدن إلّا إذا كانت نجاسة الثوب أكثر أو أشد أو متعدّد العنوان فيتخيّر حينئذٍ في تطهير أيّهما شاء.
مسألة 431: يحرم أكل النجس وشربه، ويجوز الانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة.
مسألة 432: لا يجوز بيع الخمر والخنزير والكلب غير الصيود، وكذا الميتة النجسة على الأحوط لزوماً، ولا بأس ببيع غيرها من الأعيان النجسة والمتنجّسة إذا كانت لها منفعة محلّلة معتدّ بها عند العقلاء على نحو يبذل بإزائها المال، وإلّا فلا يجوز بيعها وإن كان لها منفعة محلّلة جزئيّة على الأحوط وجوباً.
مسألة 433: يحرم تنجيس المساجد وبنائها من الداخل وسطحها وآلاتها التي تعدّ جزءاً من البناء كالأبواب والشبابيك وكذلك ما هو مستعمل فىها بالفعل من الفراش ونحوه، وإذا تنجّس شيء منها وجب تطهيره، بل يحرم إدخال النجاسة العينيّة غير المتعدّية إليه إذا لزم من ذلك هتك حرمة المسجد مثل وضع العذرة والميتة، ولا بأس به مع عدم الهتك، ولا سيّما فيما يعدّ من توابع الداخل، مثل أن يدخل الإنسان وعلى ثوبه أو بدنه دم لجرح أو قرح أو نحو ذلك.
مسألة 434: تجب المبادرة إلى إزالة النجاسة من المسجد وما تقدّم من بنائه وسطحه وآلاته وفراشه حتّى أنّه لو دخل المسجد ليصلّي فيه فوجد فيه نجاسة وجبت المبادرة إلى إزالتها مقدّماً لها على الصلاة مع سعة الوقت، لكن لو صلّى وترك الإزالة عصى وصحّت الصلاة، أمّا في الضيق فتجب المبادرة إلى الصلاة مقدّماً لها على الإزالة، وإذا صلّى في المسجد وفي الأثناء علم أنّ فىه نجاسة وجب الإتمام في ضىق الوقت وكذا مع عدم المنافاة للفورىّة العرفىّة على الأحوط وجوباً، وفي غىرهما ىجب الإبطال والإزالة مع استلزام الهتك أو فوات القدرة على الإزالة بعد الصلاة وبدونهما ىتخىّر بىن الأمرىن.
مسألة 435: إذا توقّف تطهير المسجد على تخريب شيء منه وجب تطهيره إذا كان يسيراً لا يعتدّ به، وأمّا إذا كان التخريب مضرّاً بالوقف ففي جوازه فضلاً عن الوجوب إشكال، حتّى فيما إذا وجد باذل لتعميره، نعم إذا كان بقاؤه على النجاسة موجباً للهتك وجب التخريب بمقدار يرتفع به.
مسألة 436: إذا توقّف تطهير المسجد على بذل مال يسير لا يعدّ صرفه ضرراً وجب، إلّا إذا كان بذله حرجيّاً في حقّه، ولا يضمنه من صار سبباً للتنجيس، كما لا يختصّ وجوب إزالة النجاسة به، نعم من تسبّب في تنجيس ما هو وقف على المسجد إذا أدّى ذلك إلى نقصان قيمته يضمن ذلك النقصان.
مسألة 437: إذا توقّف تطهير المسجد على تنجّس بعض المواضع الطاهرة وجب إذا كان يطهّر بعد ذلك.
مسألة 438: إذا لم¬ يتمكّن الإنسان من تطهير المسجد وكان بقاؤه على النجاسة مستلزماً للهتك وجب عليه إعلام غيره إذا علم حصول التطهىر بإعلامه، بل وإن احتمل ذلك على الأحوط لزوماً.
مسألة 439: إذا تنجّس حصير المسجد وجب تطهيره فيما إذا لم يستلزم فساده، وأمّا مع استلزام الفساد ففي جواز تطهيره أو قطع موضع النجس منه إشكال، نعم إذا كان بقاؤه على النجاسة موجباً للهتك وجب رفعه بما هو الأقلّ ضرراً من الأمرين.
مسألة 440: لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خراباً وإن كان لا يصلّي فيه أحد مادام يصدق عليه (عنوان المسجد) عرفاً، ويجب تطهيره إذا تنجّس.
مسألة 441: إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد المسجدين أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما.
مسألة 442: يلحق بالمساجد المصحف الشريف والمشاهد المشرفة والضرائح المقدسة والتربة الحسينيّة بل وتربة الرسول (صلّى الله علىه وآله) وسائر الأئمّة (علىهم السلام) المأخوذة من قبورهم للتبرّك، فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب إهانتها وتجب إزالة ما يوجبها.
مسألة 443: إذا تغيّر عنوان المسجد بأن غُصِبَ وجعل طريقاً أو بُني دكّاناً أو خاناً أو نحو ذلك، لم يحرم تنجيسه ولم يجب تطهيره وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه، وأمّا معابد الكفّار فهي غير محكومة بأحكام المساجد، نعم إذا اتّخذت مسجداً كأن باعوها على المسلمين فجعلوها مسجداً جرى عليها جميع أحكام المسجد.
وهو أُمور :
الأوّل: دم الجروح والقروح، في البدن واللباس حتّى تبرأ بانقطاع الدم انقطاع برءٍ، ومنه دم البواسير خارجيّة كانت أو داخليّة، وكذا كلّ جُرح أو قُرح باطنيّ خرج دمه إلى الظاهر .
ولا يعتبر ترتّب المشقّة النوعيّة على الإزالة أو التبديل وإن كان الأحوط استحباباً اعتباره، نعم يعتبر في الجُرح والقُرح أن يكون ممّا يعتدّ به وله ثبات واستقرار، وأمّا الجروح والقروح الجزئيّة فيجب تطهيرها إذا زاد الدم على الدرهم كما سيأتي.
مسألة 444: كما يعفى عن الدم المذكور يعفى أيضاً عن القَيْح المتنجّس به، والدواء الموضوع عليه، والعرق المتّصل به، والأحوط استحباباً شدّه إذا كان في موضع يتعارف شدّه.
مسألة 445: إذا كانت الجروح والقروح المتعدّدة متقاربة بحيث تعدّ جرحاً واحداً عرفاً، جرى عليه حكم الواحد، فلو برىٔ بعضها لم يجب غسله بل هو معفوّ عنه حتّى يبرأ الجميع.
مسألة 446: إذا شكّ في دم أنّه دم جرح أو قرح أو لا، لا يعفى عنه على الأحوط لزوماً.
الثاني: الدم في البدن واللباس إذا كانت سعته أقلّ من الدرهم، ويستثنى من ذلك دم الحيض، ويلحق به على الأحوط لزوماً دم نجس العين والميتة والسباع بل مطلق غير مأكول اللحم، ودم النفاس والاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضاً، ولا يلحق المتنجّس بالدم به في الحكم المذكور .
مسألة 447: إذا تفشّى الدم من أحد الجانبين إلى الآخر فهو دم واحد، نعم إذا كان قد تفشّى من مثل الظهارة إلى البطانة، فهو دم متعدّد إلّا في صورة التصاقهما بحيث يعدّ في العرف دماً واحداً، ويلاحظ التقدير المذكور في صورة التعدّد بلحاظ المجموع، فإن لم يبلغ المجموع سعة الدرهم عفي عنه وإلّا فلا.
مسألة 448: إذا اختلط الدم بغيره من قيح أو ماء أو غيرهما لم يُعْفَ عنه.
مسألة 449: إذا تردّد قدر الدم بين المعفوّ عنه والأكثر، بنى على العفو إلّا إذا كان مسبوقاً بالأكثريّة عن المقدار المعفوّ عنه، وإذا كانت سعة الدم أقلّ من الدرهم وشكّ في أنّه من الدم المعفوّ عنه أو من غيره بنى على العفو ولم يجب الاختبار، وإذا انكشف بعد الصلاة أنّه من غير المعفوّ لم تجب الإعادة.
مسألة 450: الأحوط لزوماً الاقتصار في مقدار الدرهم على ما يساوي عقد الإبهام.
الثالث: الملبوس الذي لا تتمّ به الصلاة وحده - يعني لا يستر العورتين - كالخُفّ والجورب والتكّة والقلنسوة والخاتم والخلخال، والسوار ونحوها، فإنّه معفوّ عنه في الصلاة، ولكن الأحوط وجوباً أن لا يكون متّخذاً من الميتة النجسة أو من نجس العين كالكلب.
الرابع: المحمول المتنجّس، فإنّه معفوّ عنه حتّى فيما كان ممّا تتمّ فيه الصلاة، فضلاً عمّا إذا كان ممّا لا تتمّ به الصلاة كالساعة الجيبيّة والدراهم والسكّين والمنديل الصغير ونحوها.
مسألة 451: يعفى عن المحمول المتنجّس وإن كان متّخذاً ممّا تحلّه الحياة من أجزاء الميتة أو متّخذاً من أجزاء السباع أو غيرها ممّا لا يؤكل لحمه، نعم يشترط في العفو عن الثــاني أن لا يكـــون شيء منــه على بدنــه أو لباســه الذي تتمّ فيه الصــلاة - على تفصيل يأتي في لباس المصلّي - فلا مانع من جعله في ظرف وحمله معه في جيبه.
الخامس: كلّ نجاسة في البدن أو الثوب في حال الاضطرار، بأن لا يتمكّن من تطهير بدنه أو تحصيل ثوب طاهر للصلاة فيه ولو لكون ذلك حرجيّاً عليه، فيجوز له حينئذٍ أن يصلّي مع النجاسة وإن كان ذلك في سعة الوقت، إلّا أنّ الجواز في هذه الصورة يختصّ بما إذا لم يحرز التمكّن من إزالة النجاسة قبل انقضاء الوقت أو كون المبرّر للصلاة معها هو التقيّة، وإلّا فيجب الانتظار إلى حين التمكّن من إزالتها.
والمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) العفو عن نجاسة ثوب المربّية للطفل الذكر إذا كان قد تنجّس ببوله ولم يكن عندها غيره بشرط غسله في اليوم والليلة مرّة، ولكن المختار إناطة العفو فيه أيضاً بالحرج الشخصيّ فلا عفو من دونه.
وهي أُمور :
الأوّل: الماء، وهو مطهّر لبعض الأعيان النجسة كالميّت المسلم، فإنّه يطهر بالتغسيل على ما مرّ في أحكام الأموات، كما يطهر الماء المتنجّس على تفصيل تقدّم في أحكام المياه، نعم لا يطهر الماء المضاف في حال كونه مضافاً وكذا غيره من المائعات.
وأمّا الجوامد المتنجّسة فيطهّرها الماء بالغسل بأن يستولي عليها على نحو تنحلّ فيه القذارة عرفاً - حقيقة أو اعتباراً - وتختلف كيفيّة تطهيرها باختلاف أقسام المياه وأنواع المتنجّسات وما تنجّست به على ما سيأتي تفصيل ذلك في المسائل الآتية.
مسألة 452: يعتبر في التطهير بالماء القليل - مضافاً إلى استيلاء الماء على الموضع المتنجّس على النحو المتقدّم - مروره عليه وتجاوزه عنه على النهج المتعارف بأن لا يبقى منه فيه إلّا ما يعدّ من توابع المغسول، وهذا ما يعبّر عنه بلزوم انفصال الغسالة، وهو ىختصّ بالغسالة المتنجّسة، ومرّ أنّ تنجّسها في الغسلة غىر المزىلة لعىن النجاسة مبنيّ على الاحتىاط اللزوميّ.
توضيح ذلك: أنّ المتنجّس على قسمين:
الأوّل: ما تنجّس ظاهره فقط من دون وصول النجاسة إلى باطنه وعمقه، سواء أكان ممّا ينفذ فيه الماء ولو على نحو الرطوبة المسرية أم لا، كبدن الإنسان وكثير من الأشياء كالمصنوعات الحديديّة والنحاسيّة والبلاستيكيّة والخزفيّة المطليّة بطلاء زجاجيّ.
وفي هذا القسم يكفي في تحقّق الغسل استيلاء الماء على الظاهر المتنجّس ومروره عليه.
الثاني: ما تنجّس باطنه ولو بوصول الرطوبة المسرية إليه، لا مجرّد النداوة المحضة التي تقدّم أنّه لا يتنجّس بها، وهذا على أنواع:
النوع الأوّل: أن يكون الباطن المتنجّس ممّا يقبل نفوذ الماء فيه بوصف الإطلاق ويمكن إخراجه منه بالضغط على الجسم بعصر أو غمز أو نحوهما أو بسبب تدافع الماء أو توالي الصبّ، وهذا كالثياب والفرش وغيرهما ممّا يصنع من الصوف والقطن وما يشبههما، وفي هذا النوع يتوقّف تطهير الباطن على نفوذ الماء المطلق فيه وانفصال ماء الغسالة بخروجه عنه ولا يطهر الباطن من دون ذلك.
النوع الثاني: أن يكون الباطن المتنجّس ممّا يقبل نفوذ الماء فيه بوصف الإطلاق ولكن لا يخرج عنه بأحد الأنحاء المتقدّمة كالحبّ والكوز ونحوهما، وفي هذا النوع لا يطهر الباطن بالغسل بالماء القليل على الأحوط لزوماً لأنّ الحكم بطهارة الباطن تبعاً للظاهر مشكل، ودعوى صدق انفصال الغسالة عن المجموع بانفصال الماء عن الظاهر بعد نفوذه في الباطن غير واضحة لا سيّما إذا لم يكن قد جفّف قبل الغسل.
النوع الثالث: أن يكون الباطن المتنجّس ممّا لا يقبل نفوذ الماء فيه بوصف الإطلاق ولا يخرج منه أيضاً، ومن هذا القبيل الصابون والطين المتنجّس وإن جفّف ما لم يصر خزفاً أو آجراً، وفي هذا النوع لا يمكن تطهير الباطن لا بالماء الكثير ولا بالماء القليل.
مسألة 453: ما ينفذ الماء فيه بوصف الإطلاق ولكن لا يخرج عن باطنه بالعصر وشبهه كالحبّ والكوز يكفي في طهارة أعماقه - إن وصلت النجاسة إليها - أن تغسل بالماء الكثير ويصل الماء إلى ما وصلت إليه النجاسة، ولا حاجة إلى أن يجفّف أوّلاً ثُمَّ يوضع في الكرّ أو الجاري، وكذلك العجين المتنجّس يمكن تطهيره بأن يخبز ثُمَّ يوضع في الكرّ أو الجاري لينفذ الماء في جميع أجزائه.
مسألة 454: الثوب المصبوغ بالصبغ المتنجّس يطهر بالغسل بالماء الكثير إذا بقي الماء على إطلاقه إلى أن ينفذ إلى جميع أجزائه ويستولي عليها، بل بالقليل أيضاً إذا كان الماء باقياً على إطلاقه إلى أن يتمّ عصره أو ما بحكمه ولا ينافي في الصورتين التغيّر بوصف المتنجّس مطلقاً.
مسألة 455: اللباس أو البدن المتنجّس بالبول يطهر بغسله بالماء الجاري مرّة واحدة، ولا بُدَّ من غسله مرّتين إذا غسل بالماء القليل، وكذلك إذا غسل بغيره - عدا الجاري - على الأحوط وجوباً، وأمّا غيرهما من المتنجّسات عدا الآنية فيطهر بغسله مرّة واحدة مطلقاً، وكذا المتنجّس بغير البول ومنه المتنجّس بالمتنجّس بالبول في غير الأواني، فإنّه يكفي في تطهيره غسلة واحدة مع زوال العين وإن كان زوالها بنفس الغسلة الأُولى.
مسألة 456: الآنية إن تنجّست بولوغ الكلب فيما فيها من ماء أو غيره ممّا يصدق معه أنّه فضله وسؤره غسلت ثلاثاً، أُولاهنّ بالتراب وغَسلتان بعدها بالماء.
مسألة 457: إذا لطع الكلب الإناء أو شرب بلا ولوغ لقطع لسانه كان ذلك بحكم الولوغ في كيفيّة التطهير وإن لم يبقَ فيه شيء يصدق أنّه سؤره، وأمّا إذا باشره بلعابه أو تنجّس بعرقه أو سائر فضلاته أو بملاقاة بعض أعضائه فالأحوط لزوماً أن يعفّر بالتراب أوّلاً ثُمَّ يغسل بالماء ثلاث مرّات، وإذا صبّ الماء الذي ولغ فيه الكلب في إناء آخر جرى عليه حكم الولوغ.
مسألة 458: الآنية التي يتعذّر تعفيرها بالتراب تبقى على النجاسة، ولا يسقط التعفير به على الأحوط لزوماً، وأمّا إذا أمكن إدخال شيء من التراب في داخلها وتحريكه بحيث يستوعبها أجزأ ذلك في طهرها.
مسألة 459: يجب أن يكون التراب الذي يعفّر به الإناء طاهراً قبل الاستعمال.
مسألة 460: يجب في تطهير داخل الإناء المتنجّس من شرب الخنزير غسله سبع مرّات، وكذا من موت الجُرَذ، بلا فرق فيها بين الغسل بالماء القليل أو الكثير، وإذا تنجّس داخل الإناء بغير ما ذكر وجب في تطهيره غسله بالماء ثلاث مرّات حتّى إذا غسل في الكرّ أو الجاري أو المطر على الأحوط لزوماً، هذا في غير أواني الخمر، وأمّا هي فيجب غسلها ثلاث مرّات مطلقاً والأولى أن تغسل سبعاً.
مسألة 461: مرّ أنّ الثوب أو البدن إذا تنجّس بالبول يكفي غَسله في الماء الجاري مرّة واحدة، ويتعيّن غسله مرّتين إذا غسل بالماء القليل وكذلك إذا غسل بغيره - عدا الجاري - على الأحوط لزوماً، ولا بُدَّ في الغسل بالماء القليل من انفصال الغسالة كما مرّ في المسألة (452)، ولا يعتبر ذلك في الغسل بغيره.
مسألة 462: التطهير بماء المطر يحصل بمجرّد استيلائه على المحلّ المتنجّس من غير حاجة إلى العصر أو ما بحكمه، وأمّا التعدّد فلا يسقط فيما سبق اعتباره فيه مطلقاً على الأحوط لزوماً، كما لا يسقط اعتبار التعفير بالتراب في المتنجّس بولوغ الكلب.
مسألة 463: يكفي في تطهير المتنجّس ببول الصبيّ أو الصبيّة - ما دام رضيعاً لم يتغذَّ بالطعام - صبّ الماء عليه وإن كان قليلاً مرّة واحدة بمقدار يحيط به، ولا يحتاج إلى العصر أو ما بحكمه فيما إذا كان المتنجّس لباساً أو نحوه.
مسألة 464: يتحقّق غَسل الإناء بالقليل بأن يصبّ فيه شيء من الماء ثُمَّ يدار فيه إلى أن يستوعب تمام أجزائه ثُمَّ يراق، فإذا فعل به ذلك ثلاث مرّات فقد غُسل ثلاث مرّات وطهر فيما يكون تطهيره بذلك.
مسألة 465: يعتبر في الماء المستعمل في التطهير طهارته قبل الاستعمال.
مسألة 466: يعتبر في التطهير زوال عين النجاسة دون أوصافها - كاللون والريح -، فإذا بقي واحد منهما أو كلاهما لم يقدح ذلك في حصول الطهارة مع العلم بزوال العين.
مسألة 467: الأرض الصلبة أو المفروشة بالآجر أو الصخر أو الزفت أو نحوها يمكن تطهيرها بالماء القليل إذا جرى عليها، لكن مجمع الغسالة يبقى نجساً إلّا مع انفصال الغسالة عنه ولو بسحبها بخرقة أو نحوها فيحكم بطهارته أيضاً.
مسألة 468: لا يعتبر التوالي فيما يعتبر فيه تعدّد الغسل، فلو غسل في يوم مرّة وفي آخر أُخرى كفى ذلك، كما لا تعتبر المبادرة إلى العصر أو ما بحكمه فيما سبق اعتباره في تطهيره، نعم لا بُدَّ من عدم التواني فيه بحدٍّ يستلزم جفاف مقدار معتدٍّ به من الغسالة.
مسألة 469: ماء الغسالة - أي الماء المنفصل عن الجسم المتنجّس عند غسله - نجس مطلقاً على ما تقدّم في أحكام المياه، ولكن إذا غسل الموضع النجس فجرى الماء إلى المواضع الطاهرة المتّصلة به لم يلحقها حكم ملاقي الغُسالة لكي يجب غَسلها أيضاً بل إنّها تطهّر بالتبعيّة.
مسألة 470: الأواني الكبيرة المثبّتة يمكن تطهيرها بالقليل بأن يصبّ الماء فيها ويدار حتّى يستوعب جميع أجزائها، ثُمَّ يُخرَج حينئذٍ ماء الغسالة المجتمع في وسطها بنزح أو غيره، ولا تعتبر المبادرة إلى إخراجه ولكن لا بُدَّ من عدم التواني فيه بحدٍّ يستلزم جفاف مقدار معتدٍّ به من الغُسالة، ولا يقدح الفصل بين الغسلات، ولا تقاطر ماء الغسالة حين الإخراج على الماء المجتمع نفسه، وتطهر آلة إخراج الماء بالتبعيّة.
مسألة 471: الدسومة التي في اللحم أو اليد لا تمنع من تطهير المحلّ، إلّا إذا بلغت حدّاً تكون جرماً حائلاً، ولكنّها حينئذٍ لا تكون مجرّد دسومة عرفاً.
مسألة 472: إذا تنجّس اللحم أو الأرز أو الماش أو نحوها ولم تدخل النجاسة في عمقها، يمكن تطهيرها بوضعها في طشت طاهر وصبّ الماء عليها على نحو يستولي عليها، ثُمَّ يراق الماء ويفرغ الطشت مرّة واحدة فيطهر المتنجّس، وكذا الطشت تبعاً، وكذا إذا أريد تطهير الثوب فإنّه يكفي أن يوضع في طشت طاهر ويصبّ الماء عليه ثُمَّ يعصر ويفرغ الماء مرّة واحدةً فيطهر ذلك الثوب والطشت أيضاً، وإذا كان تطهير المتنجّس يتوقّف على التعدّد كالثوب المتنجّس بالبول كفى الغسل مرّة أُخرى على النحو المذكور، ولا فرق فيما ذكر بين الطشت وغيره من الأواني والأحوط الأولى تثليث الغسل في الجميع.
مسألة 473: الحليب المتنجّس إذا صنع جبناً ووضع في الكثير أو الجاري لا يحكم بطهارته إلّا إذا علم بوصول الماء إلى جميع أجزائه، وهو فرض لا يخلو عن بُعدٍ.
مسألة 474: إذا غسل ثوبه المتنجّس ثُمَّ رأى بعد ذلك فيه شيئاً من الطين أو مسحوق الغسيل أو الصابون الذي كان متنجّساً لا يضرّ ذلك في طهارة الثوب، إلّا إذا كان حاجباً عن وصول الماء إلى موضع التصاقه فيحكم ببقاء نجاسة ذلك الموضع وكذا إذا شكّ في حاجبيّته، نعم ظاهر الطين أو الصابون الذي رآه محكوم بالطهارة على كلِّ حال، إلّا إذا علم ظهور باطنه أثناء العصر أو الغمز .
مسألة 475: الحُليّ الذي يصوغها الكافر المحكوم بالنجاسة إذا لم يعلم ملاقاته لها مع الرطوبة يحكم بطهارتها، وإن عُلِمَ ذلك يجب غسلها ويطهر ظاهرها ويبقى باطنها على النجاسة في الجملة، وإذا استعملت مدّة وشكّ في ظهور الباطن لم يجب تطهيرها.
مسألة 476: الدهن المتنجّس لا يمكن تطهيره بجعله في الماء الكرّ الحارّ ومزجه به، وكذلك سائر المائعات المتنجّسة فإنّها لا تطهر إلّا بالاستهلاك.
مسألة 477: إذا تنجّس التنّور يمكن تطهيره بصبّ الماء من الإبريق عليه، ومجمع ماء الغسالة يبقى على نجاسته إلّا أن يخرج بنزح أو غيره فيحكم بطهارته أيضاً.
الثاني من المطهرات: الأرض، فإنّها تطهّر باطن القدم وما تُوُقِّيَ به كالنعل والخُفّ أو الحذاء ونحوها بالمسح بها أو المشي عليها بشرط زوال عين النجاسة بهما، ولو زالت عين النجاسة قبل ذلك فلا يطهر موضعها بالمسح بها أو المشي عليها على الأحوط لزوماً، ويشترط - على الأحوط وجوباً - كون النجاسة حاصلة من الأرض المتنجّسة سواء بالمشي عليه أو بغيره كالوقوف عليها.
مسألة 478: المراد من الأرض مطلق ما يسمّى أرضاً من حجر أو تراب أو رمل، ويعمّ الحكم الآجر والجصّ والنورة أيضاً، ويعتبر طهارتها وجفافها.
مسألة 479: يلحق ظاهر القدم والنعل بباطنهما إذا كان يمشي بها لاعوجاج في رجله، وكذا حواشي الباطن والنعل بالمقدار المتعارف، وأمّا إلحاق عيني الركبتين واليدين إذا كان المشي عليها وكذا ما توقّي به، وكذلك أسفل خشبة الأقطع فلا يخلو عن إشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.
مسألة 480: إذا شكّ في طهارة الأرض يبني على طهارتها فتكون مطهّرة حينئذٍ، إلّا إذا كانت الحالة السابقة نجاستها، أو وجب الاجتناب عنها لكونها طرفاً للعلم الإجماليّ بالنجاسة.
مسألة 481: إذا كان في الظلمة ولا يدري أنّ ما تحت قدمه أرض أو شيء آخر من فرش ونحوه، لا يكفي المشي عليه في حصول الطهارة، بل لا بُدَّ من العلم بكونه أرضاً.
الثالث: الشمس، فإنّها تطهّر الأرض وما يستقرّ عليها من البناء، دون ما يتّصل بها من الأبواب والأخشاب والأوتاد على الأحوط لزوماً، وكذلك الأشجار وما عليها من الأوراق والثمار والخضروات والنباتات.
نعم يلحق بالأرض والبناء في ذلك الحصر والبواري سوى الخيوط التي تشتمل عليها.
مسألة 482: يشترط في الطهارة بالشمس - مضافاً إلى زوال عين النجاسة وإلى رطوبة الموضع رطوبة مسرية - الجفاف المستند إلى الإشراق عرفاً وإن شاركها غيرها في الجملة من ريح أو غيرها.
مسألة 483: يطهر الباطن المتنجّس المتّصل بالظاهر تبعاً لطهارة الظاهر إذا جفّ بإشراق الشمس على الظاهر من دون فاصل زمانيّ يعتدّ به بين جفافهما.
مسألة 484: إذا كانت الأرض النجسة جافّة وأُريد تطهيرها يمكن أن يصبّ عليها الماء الطاهر أو المتنجّس فإذا يبست بالشمس طهرت.
مسألة 485: إذا تنجّست الأرض بالبول فأشرقت عليها الشمس حتّى يبست طهرت، من دون حاجة إلى صبّ الماء عليها، نعم إذا كان البول غليظاً له جرم لم يطهر جرمه بالجفاف، بل ولا يطهر سطح الأرض الذي عليه الجرم.
مسألة 486: الحصى والتراب والطين والأحجار المعدودة جزءاً من الأرض بحكم الأرض في الطهارة بالشمس وإن كانت في نفسها منقولة، دون التي لا تكون معدودة من الأرض كالجصّ والآجر المطروحين على الأرض المفروشة بالزفت أو بالصخر أو نحوهما.
مسألة 487: المسمار الثابت في الأرض أو البناء ليس بحكم الأرض في الطهارة بالشمس على الأحوط لزوماً.
الرابع: الاستحالة، وهي تبدّل شيء إلى شيء آخر مختلفين في الصورة النوعيّة عرفاً، ولا أثر لتبدّل الاسم والصفة فضلاً عن تفرّق الأجزاء، فيطهر ما أحالته النار رماداً أو دخاناً سواء أكان نجساً كالعذرة أو متنجّساً كالخشبة المتنجّسة، وكذا ما صيّرته فحماً إذا لم يبقَ فيه شيء من مقوّمات حقيقته السابقة وخواصّه من النباتيّة والشجريّة ونحوهما، وأمّا ما أحالته النار خزفاً أو آجراً أو جصّاً أو نورة فلا يطهر بذلك على الأحوط لزوماً.
مسألة 488: تفرّق أجزاء النجس أو المتنجّس بالتبخير لا يوجب الحكم بطهارة المائع المصعّد فيكون نجساً ومنجّساً، نعم لا ينجّس بخارهما ما ىلاقيه من البدن والثوب وغيرهما.
مسألة 489: الحيوان المتكوّن من النجس أو المتنجّس كدود العذرة والميتة وغيرهما طاهر .
مسألة 490: الماء النجس إذا صار بولاً لحيوان مأكول اللحم أو عرقاً أو لعاباً لطاهر العين فهو طاهر .
مسألة 491: الغذاء النجس أو المتنجّس إذا صار روثاً لحيوان مأكول اللحم أو لبناً لطاهر العين أو صار جزءاً من الخضروات أو النباتات أو الأشجار أو الأثمار فهو طاهر، وكذلك الكلب إذا استحال ملحاً.
الخامس: الانقلاب، فإنّه مطهّر للخمر إذا انقلبت خَلّاً بنفسها أو بعلاج، ولو تنجّس إناء الخمر بنجاسة خارجيّة ثُمَّ انقلبت الخمر خلّاً لم تطهر وكذا إذا وقعت النجاسة في الخمر وإن استهلكت فيها، ويلحق بالخمر فيما ذكر العصير العنبيّ إذا انقلب خلّاً فإنّه يحكم بطهارته بناءً على نجاسته بالغليان.
السادس: الانتقال، ويختصّ تطهيره بانتقال دم الإنسان والحيوان إلى جوف ما لا دم له عرفاً من الحشرات كالبقّ والقمّل والبرغوث، ويعتبر فيه أن يكون على وجهٍ يستقرّ النجس المنتقل في جوف المنتقل إليه بحيث يكون في معرض صيرورته جزءاً من جسمه، وأمّا إذا لم يعدّ كذلك أو شكّ فيه لم يحكم بطهارته، وذلك كالدم الذي يمصّه العلق من الإنسان على النحو المتعارف في مقام المعالجة فإنّه لا يطهر بالانتقال، والأحوط الأولى الاجتناب عمّا يمصّه البقّ أو نحوه حين مصّه.
السابع: الإسلام، فإنّه مطهّر للكافر من النجاسة الناشئة من كفره على ما تقدّم، وأمّا النجاسة العرضيّة - كما إذا لاقى بدنه البول فعلاً - فهي لا تزول بالإسلام، بل لا بُدَّ من إزالتها بغسل البدن، ولا فرق في طهارة بدن الكافر بالإسلام بين الكافر الأصليّ وغيره، فإذا تاب المرتدّ - ولو كان فطريّاً - يحكم بطهارته.
الثامن: التبعيّة، وهي في عدّة موارد منها:
1. إذا أسلم الكافر تبعه ولده الصغير في الطهارة بشرط كونه محكوماً بالنجاسة تبعاً - لا بها أصالة ولا بالطهارة كذلك كما لو كان مميّزاً واختار الكفر أو الإسلام - وكذلك الحال فيما إذا أسلم الجدّ أو الجدّة أو الأمّ، ويختصّ الحكم بطهارة الصغير بالتبعيّة بما إذا كان مع مَنْ أسلم بأن يكون تحت كفالته أو رعايته بل وأن لا يكون معه كافر أقرب منه إليه.
2. إذا أسر المسلم ولد الكافر فهو يتبعه في الطهارة إذا لم يكن معه أبوه أو جدّه، والحكم بالطهارة - هنا أيضاً - مشروط بما تقدّم في سابقه.
3. إذا انقلب الخمر خلّاً يتبعه في الطهارة الإناء الذي حدث فيه الانقلاب بشرط أن لا يكون الإناء متنجّساً بنجاسة أُخرى.
4. إذا غسّل الميّت تبعه في الطهارة يد الغاسل والسُّدّة التي يغسل عليها والثياب التي يُغسّل فيها والخرقة التي يستر بها عورته، وأمّا لباس الغاسل وبدنه وسائر آلات التغسيل فالحكم بطهارتها تبعاً للميّت محلّ إشكال والاحتياط لا يترك.
التاسع: زوال عين النجاسة وتتحقّق الطهارة بذلك في موردين:
1. بواطن الإنسان غير المحضة كباطن الأنف والأذن والعين ونحو ذلك، فإذا أصاب داخل الفم - مثلاً - نجاسة خارجيّة طهر بزوال عينها، ولو كانت النجاسة داخليّة - كدم اللّثة - لم ينجس بها أصلاً.
وأمّا البواطن المحضة للإنسان - وكذلك الحيوان - فلا تنجس بملاقاة النجاسة وإن كانت خارجيّة.
2. بدن الحيوان، فإذا أصابته نجاسة خارجيّة أو داخليّة يطهّر بزوال عينها، كمنقار الدجاجة الملوّث بالعذرة وبدن الدابّة المجروحة، وولد الحيوان الملوّث بدم الولادة فإنّها تطهر جميعاً بمجرّد زوال عين النجاسة.
هذا، ولا تسري النجاسة من النجس إلى الطاهر إذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن المحض، سواء أكانا متكوّنين في الباطن كالمذيّ يلاقي البول في الباطن، أم كان النجس متكوّناً في الباطن والطاهر يدخل إليه كإبرة التزريق فإنّها لا تتنجّس بملاقاة الدم في العضلة فيحكم بطهارتها لو خرجت غير ملوّثة به، أم كانا معاً متكوّنين في الخارج ودخلا وتلاقيا في الباطن، كما إذا ابتلع شيئاً طاهراً وشرب عليه ماءاً نجساً، فإنّه إذا خرج ذلك الطاهر من جوفه غير ملوّث بالنجاسة حكم عليه بالطهارة.
وهذا بخلاف ما إذا كان التلاقي في الباطن غير المحض بين المتكوّنين في الخارج كالأسنان الصناعيّة إذا لاقت الطعام المتنجّس في الفم فإنّها تتنجّس بذلك ولا بُدَّ من تطهيرها.
العاشر : غياب المسلم البالغ أو المميّز، فإذا تنجّس بدنه أو لباسه ونحو ذلك ممّا في حيازته ثُمَّ غاب يحكم بطهارة ذلك المتنجّـس إذا احتمـــل تطهيــره احتمــالاً عقلائيّــاً - وإن علم أنّه لا يبالي بالطهارة والنجاسة كبعض أفراد الحائض المتّهمة - بل ىمكن إجراء الحكم في الطفل غىر الممىّز أىضاً بلحاظ كونه من شؤون من ىتولّى أمره، ولا يشترط في الحكم بالطهارة للغيبة أن يكون من في حيازته المتنجّس عالماً بنجاسته، ولا أن يستعمله فيما هو مشروط بالطهارة كأن يصلّي في لباسه الذي كان متنجّساً، بل يحكم بالطهارة بمجرّد احتمال التطهير كما سبق، وفي حكم الغياب العمى والظلمة، فإذا تنجّس بدن المسلم أو ثوبه ولم يرَ تطهيره لعمى أو ظلمة يحكم بطهارته بالشرط المتقدّم.
الحادي عشر : استبراء الحيوان، فكلّ حيوان مأكول اللحم إذا صار جلّالاً - أي تعوّد أكل عذرة الإنسان - يحرم أكله ولبنه فينجس بوله وخرؤه وكذا عرقه كما تقدّم، ويحكم بطهارة الجميع بعد الاستبراء وهو : أن يُمنع الحيوان عن أكل النجاسة لمدّة يخرج بعدها عن صدق الجلّال عليه، والأحوط الأولى مع ذلك أن يراعى فيه مضيّ المدّة المعيّنة له في بعض الأخبار، وهي: في الإبل أربعون يوماً، وفي البقر عشرون، وفي الغنم عشرة، وفي البطّة خمسة، وفي الدجاجة ثلاثة.
مسألة 492: الظاهر قبول كلّ حيوان للتذكية عدا نجس العين، والحشرات مطلقاً وهي الدوابّ الصغار التي تسكن باطن الأرض كالضبّ والفأر، وكذلك ما يحرم أكله وليس له نفس سائلة كالحيّة، والحيوان المذكّى طاهر يجوز استعمال جميع أجزائه فيما يشترط فيه الطهارة حتّى جلده ولو لم يدبغ.
الثاني عشر : خروج الدم عند تذكية الحيوان، فإنّه بذلك يحكم بطهارة ما يتخلّف منه في جوفه، والأحوط لزوماً اختصاص ذلك بالحيوان المأكول اللحم كما مرّ بيان ذلك في مسألة (403).
مسألة 493: تثبت الطهارة بالعلم، وبالاطمئنان الحاصل من المناشئ العقلائيّة، وبالبيّنة - إذا كان موردها السبب نفسه - وبإخبار ذي اليد إذا لم تكن قرينة على اتّهامه، وفي ثبوتها بإخبار الثقة ما لم يوجب الاطمئنان إشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك، وإذا شكّ في نجاسة ما علم طهارته سابقاً يبنى على طهارته.
يحرم استعمال أواني الذهب والفضّة في الأكل والشرب، بل يحرم أيضاً استعمالها في الطهارة من الحدث والخبث وغيرها على الأحوط لزوماً، ولا يحرم نفس المأكول والمشروب، ويجوز التزيّن بها وكذا اقتناؤها وبيعها وشراؤها وصياغتها وأخذ الأجرة عليها وإن كان الأحوط استحباباً في الجميع الترك.
مسألة 494: يعتبر في صدق الآنية على الظرف أن يكون مظروفه ممّا يوضع فيه ويرفع عنه بحسب العادة، فلا تصدق على إطار المرآة ونحوه ممّا يكون مظروفه ثابتاً فيه، كما يعتبر أن يكون محرزاً للمأكول والمشروب بأن يكون له أسفل وحواشي تُمْسِك ما يوضع فيه منهما، فلا تصدق الآنية على القناديل المشبّكة والأطباق المستوية ونحوهما.
مسألة 495: لا فرق في حكم الآنية بين الصغيرة والكبيرة، كما لا فرق بين ما يكون على هيئة الأواني المتعارفة وما لا تكون على تلك الهيئة.
مسألة 496: إذا شكّ في آنية أنّها من الذهب أو الفضّة أم لا، جاز استعمالها، وكذلك إذا شكّ في ظرف أنّه ممّا يصدق عليه الآنية أم لا إذا كان الشكّ على نحو الشبهة الموضوعيّة.
مسألة 497: يكره استعمال القدح المفضّض، والأحوط لزوماً عزل الفم عن موضع الفضّة عند الشرب منه.
والله سبحانه العالم وهو حسبنا ونعم الوكيل