إن حُبّ الوصول السريع لنيل الأهداف المشروعة والتي تحتاج الى زمن طويل لتحقيقها، تتلون فيه وتتعدّد طموحاتوهموم الشباب، مثل الرغبة في منصب أو وظيفة عالية مرموقة بوقت قصير ولا اعتراض بنيلها ضمن اللوائح والقوانين الموضوعة، كالتفوق على الأقران والسعي وراء استحصال الرزق وتوسعته وفق قانون وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولكن الإشكال في غير ذلك كالقفز على أكتاف الآخرين ممّن هم أحق منه في ذلك المنصب، وذلك بشراء الذمم، وتفعيل المحسوبيات والوساطات، وغيرها من الوسائل والسلوكيات الخاطئة والتصرفات السيئة لبتي تعوّد عليها بعض الناس، وللأسف قد يكبر هذا التصرف مع الفرد وينمو، وكما كان متّكِلاً على غيره في الصغر، كذلك الحال في مرحلة الشباب والكبر، فكانت هذه الصفة ملازمة له في حياته العملية أيضاً، ولم يعترضه شخص تبنّى الإرشاد والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعدم إستغلال الآخرين وجهودهم والإسلام دين التكافل والمحبة والإخاء والتورع عن سلب حقوق المسلمين واستغلالهم، وأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، ومحاولة استفراغ الوسع لإصلاح هذا الشخص بالتي هي أحسن، وإلا لا بد من الكشف عنه لدى المسؤول، فعدم ذلك سبب من أسباب تأخر البلد وتراجعه وإبعاد المستحقين عن تبوّؤ مواقع المسؤولية والتربّع عليها، فأتّق الله يا من تريد أخذ مكان الآخرين وميزاتهم، وغبن من هم أحق بها منك، فشبابك يفارق بالشيب، والعمر المديد بالموت، فلا معنى لمنازعة الآخرين على شيء زائل، فتوخّ الخير ليوم الحساب فلا مال يبقى ولا جاه ولا منصب ولو دامت لغيرك ما وصلت اليك، فأتعظ وأقنع بما عندك،فإن الغنى هو الثقة والتوكل والرضا بالرزاق الرحيم،الذي خزائنه لا تنفذ، ولتكن بما في يدي الله أوثق منك مما في يديك، ومن لم يرض من الدنيا بما استحصله لم يكن شيء منها يكفيه، فعن النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) قال:(مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ ، وَمَنِ اسْتَغْنى أَغْنَاهُ اللّهُ)[1] ، فلِم العجلة والحياة أمامك وخياراتها كثيرة فرزقك لا يناله غيرك، فسبحان مُقسِّم الأرزاق على العباد، قال تعالى: (وَالله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ) سورة النحل:72، وهذا التفاوت والتفضيل حاصل بأمره سبحانه، فقد جاء عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ:«كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ـ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ ـ يَقُولُ : ابْنَ آدَمَ ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ مِنَ الدُّنْيَا مَا يَكْفِيكَ ، فَإِنَّ أَيْسَرَ مَا فِيهَا يَكْفِيكَ ؛ وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِيدُ مَا لَا يَكْفِيكَ ، فَإِنَّ كُلَّ مَا فِيهَا لَا يَكْفِيكَ»[2].