الإعاقة والعدل الإلهي

تشتبه على البعض ممن ليس له علم واطلاع شبهات واهية لا تكاد يكون لها وزن في عالم المعرفة والعلم، لكن وبسبب ضعف الرصيد العلمي لدى الإنسان تنطلي عليه بعض الشبهات، ويزيغ عن الصراط السوي، ومن تلك الشبهات التي أثّرت على البعض هي شبهة نشوء بعض الناس ومنذ الولادة على الإعاقات الجسدية أو العقلية، فما ذنب المولود الذي يولد مجنوناً؟! أو يولد أعمى؟! أو يولد ناقص الأعضاء؟! فكل تلك الإعاقات البدنية والعقلية تتنافى مع العدل الإلهي!

وجواب هذه الشبهة: هو أن تلك الإعاقات البدنية والعقلية لا ترتبط بعدالة الله جل وعلا، وليس العدل الإلهي دخل في ذلك؛ لأن الله جل ذكره خلق الكون بمجراته وكواكبه وبكل ما يحويه على نظام دقيق ومعادلة فائقة الدقة، وربط كل شيء في عالم التكوين بأسباب وعلل، وكل المسببات والمعلولات لا تتحقق ولا ترى نور الوجود والتحقق ما لم تتحقق أسبابها وعللها، فالصانع في مصنعه ما لم يسلك النظام الدقيق في عمله وإنتاجه فإنه ستكون نتائج العمل والإنتاج معيوبة وغير صحيحة، وهكذا الفلاح في زراعته، فإنه لولـم يحسن استصلاح أرضه بالصورة الجيدة، وما لم تكن بذوره سليمة، فإنه سيكون حاصله فاسداً ومعيوباً فهكذا هو الإنسان وعوامل تكوينه منذ أول انعقاد له في عالم الأجنة والأرحام، فما لم تكن تلك الظروف والشروط مؤاتيه لتكوينه فإنه لا يسلم من العيوب والنواقص، فسلامة الأب والأم من الأمراض والأعراض، وعدم تناولهما الأدوية والعقاقير المؤثرة سلباً على تكوين الجنين، وسلامة الأجواء المحيطة من التلوّثات والإشعاعات وغيرها كفيلة في سلامة الجنين من العيوب والأمراض والتشوهات.

  ولو راجعنا إحصائيات الإعاقات والتشوّهات قليلاً لوجدنا أن نسبة حالات التشوّهات في الأطفال ليست بأكثر من نسبة حالات السلامة عند الباقين، وعليه:

  تعتبر الإعاقات والتشوهات هي بفعل ظروف خاصة تحيط بأجواء الجنين وليس بأصل خلقة الله تعالى وتكوينه للبشر.

المصدر: مجلة اليقين، العدد (51)، الصفحة (10).