قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : «قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ وَصِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ وَشَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَعِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ »
إنّ ما يميّز الإنسان عن شركائه في الوجود هو امتيازات القدرة وخصوصيات المشاعر المقننة والموجّهة نحو وجهة ما، وفي غير ذلك فليس هناك من فرق بينه وبين غيره من ناحية الطعام والنوم والتناسل فهذه كلّها غرائز وظيفتها وظيفة الآلات في البقاء والاستمرارية أمّا الصدق والمروءة والغيرة والأنفة والقدرة والهمة فهي مواد الإنسانية ومميزاتها - لا منافاة بين هذا القول ووجود بعض من هذه الصفات والخصائص في بعض الحيوان؛ لأنّ وجودها كلاً في الإنسان وبعضاً في غيره إن وجدت بكيفية ما-عن غيره من المخلوقات المشاركة له في الوجود، وكلام أمير المؤمنين(عليه السلام) أعلاه نبينه في:
1- مكانة الإنسان على قدر ما يبذله من جهد في طلب المكانة والمنزلة في كلّ ناحية من نواحي الامتياز المجتمعي.
2- صدق الإنسان ينبع من أخلاقه الكريمة فلا يكذب ذو الأخلاق، بل يصدق في القول والعمل بمقدار أخلاقه الكريمة وترسخها فيه.
3- الشجاعة مفهوم واقعي وقد عرّفها أمير المؤمنين (عليه السلام) في مورد آخر بقوله: «الشجاعة نصرة حاضرة وفضيلة ظاهرة»[1].
وورد بيانها في كلام له فيه تفصيل أكثر يقول فيه: «جبلت الشجاعة على ثلاث طبائع، لكلّ واحدة منهنّ فضيلة ليست للأخرى.
السخاء بالنفس، والأنفة من الذل، وطلب الذكر، فإن تكاملت في الشجاع كان البطل الذي لا يقام لسبيله، والموسوم بالإقدام في عصره، وإن تفاضلت فيه بعضها على بعض كانت شجاعته في ذلك الذي تفاضلت فيه أكثر وأشدّ إقداماً»[2].
فهي قوة القلب وطلب الذكر الحسن ورفض الظلم ومَن وجد فيه الأنفة وجد فيه شجاعة تقابلها بالمقدار تزاد بزيادتها.
4- العفّة وهي التنزّه عن الفعل المحرّم والمخصوص منه الزنا وما جرى مجراه من أفعال فكلّما كان الإنسان غيوراً لا يقبل السوء لنفسه وعياله كان أبعد وأعف عن الحرام؛ لأنّه لا يقبل أن يُصنع بعرضه شيئاً من ذلك السوء فيجتنبه غيرةً على نفسه وعياله.
مجلة ولاء الشباب العدد (68)