أحكام الخلوة

كتاب الطهارة » أحكام الخلوة

المبحث الثاني أحكام الخلوة



وفيه فصول:

الفصل الأوّل أحكام التخلّي

يجب حال التخلّي وفي سائر الأحوال ستر العورة - وهي القُبُل والدُّبُر - عن كلّ ناظر مميّز، عدا من له حقّ الاستمتاع منه كالزوج والزوجة، فإنّه يجوز لكلٍّ منهما أنْ ينظر إلى عورة الآخر .
والمقصود بستر العورة: ستر بشرتها دون الحجم، وإنْ كان الأحوط استحباباً ستره أيضاً.
مسألة 54: الأحوط وجوباً عدم استقبال القبلة أو استدبارها في حال التخلّي، وكذلك الاستقبال بنفس البول أو الغائط وإنْ لم ‏يكن المتخلّي مستقبلاً أو مستدبراً، ويجوز ذلك في حال الاستبراء والاستنجاء وإنْ كان الأحوط استحباباً الترك، ولو اضطرّ إلى أحدهما فالأحوط لزوماً اختيار الاستدبار .
مسألة 55: إذا اشتبهت القبلة في جميع الجهات الأصليّة والفرعيّة، فالأحوط لزوماً الامتناع عن التخلّي حتّى مع اليأس عن معرفتها إلّا عند عدم إمكان الانتظار أو كون الانتظار حرجيّاً أو ضرريّاً.
مسألة 56: لا يجوز النظر إلى عورة الغير - بالغاً كان أو صبيّاً مميّزاً - حتّى الكافر المماثل على الأحوط لزوماً، سواء أكان النظر مباشرة أم من وراء الزجاجة ونحوها أم في المرآة أم في الماء الصافي.
مسألة 57: لا يجوز التخلّي في ملك غيره إلّا بإذنه ولو بالفحوى.
مسألة 58: لا يجوز التخلّي في المدارس ونحوها من الأوقاف - ما لم يعلم بعموم وقفها - إذا كان ذلك مزاحماً للموقوف عليهم أو مستلزماً للضرر، بل وفي غير هاتين الصورتين أيضاً على الأحوط لزوماً.
ولو أخبر المتولّي أو بعض أهل المدرسة بالتعميم كفى بشرط حصول الاطمئنان بصدقه أو كونه ذا يد عليها، ويكفي جريان العادة به أيضاً، وهكذا الحال في سائر التصرّفات فيها.

الفصل الثاني الاستنجاء

لا يجب الاستنجاء - أي تطهير مخرج البول والغائط - في نفسه، ولكنّه يجب لما يعتبر فيه طهارة البدن، ويعتبر في الاستنجاء غسل مخرج البول بالماء ولا يجزىٔ غيره، وتكفي المرّة الواحدة مطلقاً وإن كان الأحوط استحباباً في الماء القليل أن يغسل به مرّتين والثلاث أفضل، وأمّا موضع الغائط فإن تعدّى المخرج تعيّن غسله بالماء كغيره من المتنجّسات، وإن لم ‏يتعدّ المخرج تخيّر بين غسله بالماء حتّى ينقى، ومسحه بالأحجار أو الخرق أو القرطاس أو نحوها من الأجسام القالعة للنجاسة، والماء أفضل، والجمع أكمل.
مسألة 59: الأحوط الأولى مسح المخرج بقطع ثلاث وإنْ حصل النقاء بالأقلّ.
مسألة 60: يعتبر أن يكون الجسم الممسوح به طاهراً فلا يجزىٔ المسح بالأجسام المتنجّسة، كما يعتبر أن لا يكون فيه رطوبة مسرية فلا يجزىٔ مثل الخرقة المبلّلة.
مسألة 61: يحرم الاستنجاء بالأجسام المحترمة في الشريعة المقدّسة، ولو استنجى بها عصى لكنْ يطهر المحلّ.
مسألة 62: يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر، ولا تجب إزالة اللون والرائحة، ويجزئ في المسح إزالة العين ولا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول عادة إلّا بالماء.
مسألة 63: إذا خرج مع الغائط أو قبله أو بعده نجاسة أُخرى - مثل الدم - ولاقت المحلّ، أو وصل إلى المحلّ نجاسة من الخارج، لم ‏يجز في تطهيره إلّا الماء، نعم لا يضرّ في النساء تنجّسه بالبول.

الفصل الثالث مستحبّات التخلّي ومكروهاته

يستحبّ للمتخلّي - على ما ذكره العلماء (رضوان الله تعالى عليهم) - أن يكون بحيث لا يراه الناظر ولو بالابتعاد عنه، كما يستحبّ له تغطية الرأس والتقنّع وهو يجزىٔ عنها، والتسمية عند التكشّف، والدعاء بالمأثور، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج، والاستبراء، وأن يتّكئ حال الجلوس على رجله اليسرى، ويفرّج اليمنى.
ويكره الجلــوس للتخلّي في الشـــوارع والمشــارع، ومساقط الثمار، ومواضع اللعـــن - كأبواب الدور ونحوها من المواضع التي يكون المتخلّي فيها عرضة للعن النّاس - والمواضع المعدّة لنزول القوافل، بل ربّما يحرم الجلوس في هذه المواضع لطروّ عنوان محرّم، وكذا يكره استقبال قرص الشمس أو القمر بفرجه، واستقبال الريح بالبول، والبول في الأرض الصلبة، وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء خصوصاً الراكد، والأكل والشرب حال الجلوس للتخلّي، والكلام بغير ذكر الله تعالى، إلى غير ذلك ممّا ذكره العلماء (رضوان الله تعالى عليهم).

الفصل الرابع الاستبراء

الأَولى في كيفيّة الاستبراء من البول أن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثاً، ثُمَّ منه إلى رأس الحشفة ثلاثاً، ثُمَّ يَنْتُرَها ثلاثاً، ويكفي سائر الكيفيّات المشاركة مع هذه الكيفيّة في الضغط على جميع المجرى من المقعدة على وجه تتوجّه قطرة البول المحتمل وجودها فيه إلى رأس الحشفة وتخرج منه، ولا يكفي في ذلك ما دون الثلاث، ولا تقديم المتأخّر .
وفائدة الاستبراء طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنّه بول، ولا يجب الوضوء منه.
مسألة 64: إذا خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء - وإن كان تَرْكه لعدم التمكّن منه - بنى على كونه بولاً فيجب التطهير منه والوضوء، وكذا إذا كان المشتبه مردّداً بين البول والمنيّ فيما إذا لم ‏يكن قد توضّأ بعد خروج البول، وأمّا إذا كان قد توضّأ بعد خروجه فيلزمه الجمع بين الغسل والوضوء على الأحوط لزوماً، ويلحـق بالاستبــراء - في الفائدة المذكورة - طول المدّة على وجه يقطع بعدم بقاء شيء في المجرى.
مسألة 65: لا استبراء للنساء، والبلل المشتبه الخارج منهنّ طاهر لا يجب له الوضوء، نعم الأَولى للمرأة أن تصبر قليلاً وتتنحنح وتعصر فرجها عرضاً ثُمَّ تغسله.
مسألة 66: إذا شكّ في الاستبراء أو الاستنجاء بنى على عدمه وإن كان من عادته فعله، وإذا شكّ من لم ‏يستبرئ في خروج رطوبة بنى على عدمها وإن كان ظانّاً بالخروج.
مسألة 67: إذا علم أنّه استبرأ أو استنجى وشكّ في كونه على الوجه الصحيح بنى على الصحّة.
مسألة 68: لو علم بخروج المذيّ ولم يعلم استصحابه لجزء من البول بنى على طهارته وإن كان لم‏ يستبرئ، إلّا إذا شكّ في أنّ هذا الموجود هل هو بتمامه مذيّ أو مركّب منه ومن البول؟.