وفيه فصول:
ويجمعها العذر المسقط لوجوب الطهارة المائيّة وهو أُمور :
الأوّل: عدم وجدان أقلّ ما يكفيه من الماء لوضوئه أو غسله، ولو لكون الموجود منه فاقداً لبعض الشرائط المعتبرة فيه.
مسألة 342: لا يسوغ التيمّم للمسافر بمجرّد عدم علمه بوجود الماء لديه، بل لا بُدَّ له من إحراز عدمه بالفحص عنه، فلو احتمل وجوده في أمتعته أو في القافلة أو عند بعض المارّة وجب عليه الفحص إلى أن يحصل العلم أو الاطمئنان بعدمه، نعم لا يبعد عدم وجوب الفحص فيما إذا علم بعدم وجود الماء قبل ذلك واحتمل حدوثه، ولو كان في فلاة واحتمل وجود الماء فيما يقرب من مكانه أو في الطريق وجب الفحص عنه.
والأحوط لزوماً أن يفحص في المساحة التي حوله ما يقارب (220) متراً في الأرض الحَزْنَة (الوَعْرَة)، وما يقارب (440) متراً في الأرض السهلة، من الجهات الأربع إن احتمل وجوده في كلّ جهةٍ منها، وإن اطمأنّ بعدمه في بعض معيَّن من الجهات الأربع لم يجب عليه الطلب فيها، فإن لم يحتمل وجوده إلّا في جهةٍ معيّنة وجب عليه الطلب فيها خاصّة دون غيرها، والبيّنة بمنزلة العلم فإن شهدت بعدم الماء في جهة أو جهات معيّنة لم يجب الطلب فيها.
مسألة 343: إذا وجب الفحص عن الماء في مساحة لم يلزمه طلبه فيها ماشياً أو راكباً بل يكفي الاستطلاع عنه بأيّ وجه ممكن، كما لا تعتبر المباشرة في الفحص، فيكفي طلب الغير سواء أكان عن استنابة أم لا، ولكن يشترط حصول الاطمئنان بقوله ولا يكفي كونه ثقة.
مسألة 344: إذا علم أو اطمأنّ بوجود الماء خارج الحدّ المذكور في المدن أو الأرياف أو الآبار التي تكون بينه وبينها مسافة شاسعة لم يجب عليه السعي إليه، نعم إذا أحرز وجوده فيما هو خارج عن الحدّ المذكور بمقدار لا يصدق عرفاً أنّه غير واجد للماء وجب عليه تحصيله.
مسألة 345: إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجده لا تجب إعادة الطلب بعد دخول الوقت وإن احتمل تجدّد وجوده، نعم إذا ترك الفحص في بعض الأمكنة للقطع بعدم وجود الماء فيها ثُمَّ شكّ في ذلك فلا بُدَّ من تكميل الطلب، وكذا إذا انتقل عن ذلك المكان فإنّ عليه تكميل الطلب مع التداخل في بعض المساحة واستئنافه مع عدمه.
مسألة 346: إذا طلب الماء بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات، فلا تجب إعادة الطلب عند كلّ صلاة وإن احتمل العثور مع الإعادة لاحتمال تجدّد وجوده.
مسألة 347: يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت بقدر ما يتضيّق عنه دون غيره، ويسقط كذلك إذا خاف على نفسه أو ماله من لُصّ أو سَبُع أو نحوهما، وكذا إذا كان في طلبه حرج لا يتحمّله.
مسألة 348: إذا ترك الطلب حتّى ضاق الوقت فإن كان يعثر على الماء لو طلب كان عاصياً وإلّا كان متجرّياً، وتصحّ صلاته حينئذٍ وإن علم أنّه لو طلب لعثر، ولكن الأحوط استحباباً القضاء خصوصاً في الفرض المذكور .
مسألة 349: إذا ترك الطلب وتيمّم وصلّى في سعة الوقت برجاء المشروعيّة ففي صحّة تيمّمه وصلاته إشكال وإن تبيّن عدم الماء، فلا يترك الاحتياط بالإعادة.
مسألة 350: إذا كان معه ماء فنسيه وتيمّم وصلّى ثُمَّ ذكر ذلك قبل أن يخرج الوقت فعليه أن يتوضّأ ويعيد الصلاة.
مسألة 351: إذا طلب الماء فلم يجده ويئس من العثور عليه في الوقت فتيمّم وصلّى، ثُمَّ تبيّن وجوده في المساحة التي يجب الفحص عنه فيها أو في أمتعته أو القافلة صحّت صلاته ولا يجب الإعادة أو القضاء.
الثاني: عدم تيسّر الوصول إلى الماء الموجود، إمّا لعجز عنه تكويناً لكبر أو نحوه، أو لتوقّفه على ارتكاب عمل محرّم كالتصرّف في الإناء المغصوب، أو لخوفه على نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به من سَبُعٍ أو عدوّ أو لُصّ أو ضياع أو غير ذلك.
الثالث: كون استعمال الماء ضرريّاً ولو لخصوصيّة فيه كشدّة برودته، سواء أوجب حدوث مرض أو زيادته أو بطء برئه، ومنه الشَّيْن الذي يعسر تحمّله، وهو الخشونة المشوّهة للخلقة والمؤدّية إلى تشقّق الجلد، ومنه أيضاً الرمد المانع من استعمال الماء إذا كان مكشوفاً، وأمّا إذا كان مستوراً بالدواء فيتعيّن الوضوء جبيرة، وكذا غيره من الموارد التي يمكن فيها تحصيل الطهارة المائيّة مع المسح على الجبيرة على التفصيل المتقدّم في محلّه.
مسألة 352: إذا أمكن دفع الضرر الناشئ من استعمال الماء بتسخينه أو بوجه آخر وجب ولم ينتقل إلى التيمّم.
مسألة 353: لا يعتبر العلم أو الاطمئنان بترتّب الضرر على استعمال الماء، بل يكفي الاحتمال المعتدّ به عند العقلاء - ولو بملاحظة الاهتمام بالمحتمل - المعبّر عنه بالخوف.
الرابع: الحرج والمشقّة إلى حدّ يصعب تحمّله عليه، سواء أكان في تحصيل الماء مثلما إذا توقّف على الاستيهاب الموجب لذلّه وهوانه، أو على شرائه بثمن يضرّ بماله، وإلّا وجب الشراء ولو كان بأضعاف قيمته، أم كان في نفس استعماله لشدّة برودته أو لتغيّره بما يتنفّر طبعه منه، أم كان فيما يلازم استعماله في الوضوء أو الغسل كما لو كان لديه ماء قليل لا يكفي للجمع بين استعماله في الوضوء أو الغسل وبين أن يبلّل رأسه به مع فرض حاجته إليه لشدّة حرارة الجوّ - مثلاً - بحيث يقع لولاه في المشقّة والحرج.
الخامس: خوف العطش على نفسه أو على غيره ممّن يرتبط به ويكون من شأنه التحفّظ عليه والاهتمام بشأنه، وإن كان من غير النفوس المحترمة إنساناً كان أو حيواناً، وإذا خاف العطش على غيره ممّن لا يهمّه أمره ولكن يجب عليه حفظه شرعاً أو يلزم من عدم التحفّظ عليه ضرر أو حرج بالنسبة إليه اندرج ذلك في غيره من المسوّغات.
السادس: أن يكون مكلّفاً بواجب أهمّ أو مساوٍ يستدعي صرف الماء فيه، مثل إزالة الخبث عن المسجد، فإنّه يجب عليه التيمّم وصرف الماء في تطهيره، وكذا إذا كان بدنه أو لباسه متنجّساً ولم يكفِ الماء الموجود عنده للطهارة الحدثيّة والخبثيّة معاً، فإنّه يتعيّن صرفه في إزالة الخبث، وإن كان الأولى فيه أن يصرف الماء في إزالة الخبث أوّلاً ثُمَّ يتيمّم بعد ذلك.
السابع: ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو عن استعماله بحيث يلزم من الوضوء أو الغسل وقوع الصلاة أو بعضها في خارج الوقت، فيجوز التيمّم في جميع الموارد المذكورة.
مسألة 354: إنّ صحّة التيمّم لأحد المسوّغات المذكورة - بل وجوب اختياره في بعضها حذراً عن مخالفة تكليف إلزاميّ - لا ينافي صحّة الطهارة المائيّة مع توفّر شرائطها، وهذا يجري في جميع المسوّغات المتقدّمة عدا الثالث منها، فإنّه يحكم ببطلان الوضوء والغسل فيما يكون استعمال الماء بنفسه ضرريّاً وإن لم يكن بمرتبة محرّمة، وأمّا في غيره فيحكم بصحّتهما حتّى فيما يجب فيه حفظ الماء كما في المسوّغ السادس.
مسألة 355: إذا وجب التيمّم لفقد بعض شرائط الوضوء أو الغُسل، فتوضّأ أو اغتسل لنسيان أو غفلة أو جهل لم يصحّ، نعم في الوضوء والغُسل بالماء المغصوب تفصيل قد تقدّم في المسألة (132).
مسألة 356: إذا آوى إلى فراشه وذكر أنّه ليس على وضوء جاز له التيمّم رجاءً وإن تمكّن من استعمال الماء، كما يجوز التيمّم لصلاة الجنازة إن لم يتمكّن من استعمال الماء وإدراك الصلاة، بل لا بأس به مع التمكّن أيضاً رجاءً.
يجوز التيمّم بكلّ ما يسمّى أرضاً، سواء أكان تراباً أم رملاً أو مدراً أم حصى أم صخراً - ومنه أرض الجصّ والنورة قبل الإحراق - وإن كان الأحوط استحباباً الاقتصار على التراب مع الإمكان، والأحوط لزوماً اعتبار علوق شيء ممّا يتيمّم به باليد، فلا يجزئ التيمّم على مثل الحجر الأملس الذي لاغبار عليه.
مسألة 357: لا يجوز التيمّم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وإن كان أصله منها، كرماد غير الأرض، والنبات، وبعض المعادن كالذهب والفضّة، وأمّا العقيق والفيروزج ونحوهما من الأحجار الكريمة فيجوز التيمّم بها مع تحقّق العلوق، وكذلك الخزف والجصّ والنورة بعد الإحراق وإن كان الأحوط استحباباً تقديم غيرها عليها.
مسألة 358: لا يجوز التيمّم بالنجس، ولا المغصوب، ولا الممتزج بما يخرجه عن اسم الأرض، نعم لا يضرّ إذا كان الخليط مستهلكاً فيه عرفاً، ولو أُكره على المكث في المكان المغصوب جاز التيمّم على أرضه، ولكن يقتصر فيه على وضع اليدين ولا يضرب بهما عليها.
مسألة 359: إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما، وإذا اشتبه التراب بالرماد فتيمّم بكلٍّ منهما صحّ، بل يجب ذلك مع الانحصار، وكذلك الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس.
مسألة 360: الغبار المجتمع على الثوب ونحوه إذا عدّ تراباً دقيقاً بأن كان له جرم بنظر العرف جاز التيمّم به، وإن كان الأحوط استحباباً تقديم غيره عليه، وإذا كان الغبار كامناً في الثوب - مثلاً - وأمكن نفضه وجمعه بحيث يصدق عليه التراب تعيّن ذلك إذا لم يتيسّر غيره.
مسألة 361: إذا تعذّر التيمّم بالأرض وما يلحق بها من الغبار تعيّن التيمّم بالوحل - وهو الطين الذي يلصق باليد - ولا يجوز إزالة جميعه بحيث لا يعلق باليد شيء منه، بل الأحوط لزوماً عدم إزالة شيء منه إلّا ما يتوقّف على إزالته صدق المسح باليد، ولو أمكن تجفيفه والتيمّم به تعيّن ذلك ولا يجوز التيمّم بالوحل حينئذٍ.
ولو تعذّر التيمّم بكلّ ما تقدّم تعيّن التيمّم بالشيء المُغبرّ - أي ما يكون الغبار كامناً فيه - أو لا يكون له جرم بحيث يصدق عليه التراب الدقيق كما تقدّم.
وإذا عجز عن الأرض والغبار والوحل والشيء المُغبرّ، كان فاقداً للطهور، وحينئذٍ تسقط عنه الصلاة في الوقت ويجب القضاء في خارجه.
مسألة 362: إذا تمكّن المكلّف من الثلج وأمكنه إذابته والوضوء به، أو أمكنه مسح الوجه واليدين به على نحو يتحقّق مسمّى الغَسل مع مسح الرأس والرجلين بنداوة اليد تعيّن ذلك ولم يجز له التيمّم، وأمّا إذا لم يتمكّن من المسح به إلّا على نحو لا يتحقّق الغَسل فيتعيّن التيمّم، وإن كان الأحوط استحباباً له الجمع بين التيمّم والمسح به والصلاة في الوقت.
مسألة 363: الأحوط وجوباً أن يكون ما يتيمّم به نظيفاً عرفاً، ويستحبّ أن يكون من رُبى الأرض وعواليها، ويكره أن يكون من مهابطها، وأن يكون من تراب الطريق، ويستحبّ نفض اليدين بعد الضرب.
كيفيّة التيمّم أن يضرب بباطن يديه على الأرض - ويكفي وضعهما عليها أيضاً - والأحوط وجوباً أن يفعل ذلك دفعة واحدة، ثُمَّ يمسح بهما تمام جبهته - وكذا جبينيه على الأحوط لزوماً - من قصاص الشعر إلى الحاجبين وإلى طرف الأنف الأعلى المتّصل بالجبهة، والأحوط الأولى مسح الحاجبين أيضاً، ثُمَّ يمسح تمام ظاهر الكفّ اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى، ثُمَّ يمسح تمام ظاهر الكفّ اليسرى كذلك بباطن الكفّ اليمنى، ولا يجزئ مسح اليسرى قبل اليمنى على الأحوط لزوماً.
مسألة 364: لا يجب المسح بتمام كلٍّ من الكفّين بل يكفي صدق المسح بهما عرفاً.
مسألة 365: المراد من الجبهة الموضع المستوي، والمراد من الجبين ما بينه وبين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر .
مسألة 366: تكفي ضربة واحدة في التيمّم سواء أكان بدلاً عن الغُسل أم الوضوء، وإن كان الأحوط استحباباً تعدّد الضرب، فيضرب ضربة للوجه وضربة للكفّين، والأولى أن يمسح الكفّين مع الوجه في الضربة الأُولى، ثُمَّ يضرب ضربة ثانية فيمسح كفّيه، وكذا الحال في الوضع.
مسألة 367: إذا تعذّر الضرب والوضع ثُمَّ المسح بالباطن انتقل إلى الظاهر، وكذا إذا كان الباطن متنجّساً نجاسة متعدّية إلى ما يتيمّم به ولم يمكن منع التعدّي ولو بالتجفيف، وأمّا إذا لم تكن متعدّية فلا بأس بالمسح به إذ لا تعتبر طهارة الماسح، كما لا تعتبر طهارة الممسوح.
وإذا كان على الممسوح حائل - كالجبيرة - لا يمكن إزالته مسح عليه، وأمّا إذا كان ذلك على الباطن الماسح فمع عدم الاستيعاب يمسح بالباقي، وأمّا معه فىكفي المسح به وإن كان الأحوط الأولى الجمع بين المسح به والمسح بالظاهر بعد الضرب أو الوضع.
مسألة 368: المحدث بالأصغر يتيمّم بدلاً عن الوضوء، والجنب يتيمّم بدلاً عن الغُسل، والمحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمّم بدلاً عن الغُسل وإذا كان محدثاً بالأصغر أيضاً فالأحوط استحباباً أن يتوضّأ أيضاً، وإن لم يتمكّن من الوضوء يتيمّم بدلاً عنه، وإذا تمكّن من الغُسل أتى به، وهو يغني عن الوضوء إلّا في الاستحاضة المتوسّطة، فإنّه لا بُدَّ فيها من الوضوء فإن لم تتمكّن تيمّمت عنه، وإن لم تتمكّن من الغسل أيضاً يكفي تيمّم واحد بدلاً عنهما جميعاً.
يشترط في التيمّم النيّة نحو ما تقدّم في الوضوء، والأحوط لزوماً أن تكون مقارنة للضرب أو الوضع.
مسألة 369: لا تجب في التيمّم نيّة البدليّة عن الوضوء أو الغسل، بل تكفي نيّة القربة فقط، نعم مع الإتيان بتيمّمين بدلاً عن الغسل والوضوء - ولو احتياطاً - فلا بُدَّ من التمييز بينهما بوجه ويكفي التمييز بنيّة البدليّة.
مسألة 370: التيمّم رافع للحدث ما لم يتحقّق أحد نواقضه، ولا تجب فيه نيّة الرفع ولا نية الاستباحة للصلاة مثلاً.
مسألة 371: يشترط في التيمّم المباشرة، وكذا الموالاة حتّى فيما كان بدلاً عن الغسل، ويشترط فيه أيضاً الترتيب على حسب ما تقدّم، والأحوط وجوباً الابتداء من الأعلى والمسح منه إلى الأسفل.
مسألة 372: مَنْ قُطعت إحدى كفّيه أو كلتاهما يتيمّم بالذراع، ومَنْ قُطعت إحدى يديه من المرفق يكتفي بضرب الأُخرى أو وضعها والمسح بها على الجبهة ثُمَّ مسح ظهرها بالأرض، وأمّا أقطع اليدين من المرفق فيكفيه مسح جبهته بالأرض وقد مرّ حكم ذي الجبيرة والحائل في المسألة (367)، ويجري هنا ما تقدّم في الوضوء في حكم اللحم الزائد واليد الزائدة.
مسألة 373: إذا لم يتمكّن من المباشرة إلّا مع الاستعانة بغيره بأن يشاركه في ضرب يدَيْه أو وضعهما على ما يتيمّم به ثُمَّ وضعهما على جبهته ويدَيْه مع تصدّيه هو للمسح بهما تعيّن ذلك، وهو الذي يتولّى النيّة حينئذٍ، وإن لم يتمكّن من المباشرة ولو على هذا النحو طلب من غيره أن ييمّمه فيضرب بيدَي العاجز ويمسح بهما مع الإمكان، ومع العجز يضرب المتولّي بيدَي نفسه ويمسح بهما، والأحوط لزوماً في الصورتين أن يتولّى النيّة كلّ منهما.
مسألة 374: الشعر المتدلّي على الجبهة يجب رفعه ومسح البشرة تحته، وأمّا النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسحه إذا لم ىكن خارجاً عن المتعارف، وإلّا وجب إزالة المقدار الزائد.
مسألة 375: إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة وإن كانت لجهل أو نسيان، أمّا لو لم تفت فيصحّ إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب.
مسألة 376: الخاتم حائل يجب نزعه من اليد في حال المسح عليها.
مسألة 377: يعتبر إباحة التراب الذي يتيمّم به كما مرّ، والأحوط الأولى إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمّم والظرف الذي يشتمل على ما يتيمّم به بأن لا يكون مغصوباً مثلاً.
مسألة 378: إذا شكّ في جزء من التيمّم بعد الفراغ لم يلتفت، إلّا إذا كان الشكّ في الجزء الأخير وحصل قبل فوات الموالاة أو الدخول في عمل آخر من صلاة ونحوها، فإنّه يلزمه الالتفات إلى الشكّ، ولو شكّ في جزء منه بعد التجاوز عن محلّه لم يلتفت وإن كان الأحوط استحباباً التدارك.
لا يجوز التيمّم للصلاة الموقّتة مع العلم بارتفاع العذر والتمكّن من الطهارة المائيّة قبل خروج الوقت، بل لا يجوز التيمّم مع عدم اليأس من زوال العذر أيضاً، إلّا إذا احتمل عروض العجز عن التيمّم مع التأخير، وأمّا مع اليأس منه فلا إشكال في جواز البدار، ولو صلّى معه لم تجب إعادتها حتّى مع زوال العذر في الوقت.
مسألة 379: إذا تيمّم لصلاة فريضة أو نافلة لعذر فصلّاها ثُمَّ دخل وقت أُخرى فمع عدم رجاء زوال العذر والتمكّن من الطهارة المائيّة تجوز له المبادرة إليها في سعة وقتها، ولا يجب عليه إعادتها لو ارتفع عذره بعد ذلك، وأمّا مع رجاء زوال العذر فالأحوط لزوماً التأخير .
مسألة 380: لو وجد الماء في أثناء الصلاة فريضة كانت أو نافلة مضى في صلاته وصحّت مطلقاً، وإن كان الأحوط الأولى الاستئناف بعد تحصيل الطهارة المائيّة إذا كان الوجدان قبل الركوع بل أو بعده ما لم يتمّ الركعة الثانية.
مسألة 381: إذا تيمّم المحدث بالأكبر - من جنابة أو غيرها - لعذر ثُمَّ أحدث بالأصغر لم ينتقض تيمّمه فيتوضّأ إن أمكن وإلّا فيتيمّم بدلاً عن الوضوء، والأحوط الأولى أن يجمع بين التيمّم بدلاً عن الغسل وبين الوضوء مع التمكّن، وأن يأتي بتيمّمه بقصد ما في الذمّة إذا لم يتمكّن من الوضوء.
مسألة 382: لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء أو الغسل بعد دخول الوقت، بل لا تجوز - على الأحوط لزوماً - إراقته قبل دخول الوقت مع العلم بعدم وجدانه بعد الدخول، وإذا تعمّد إراقة الماء وجب عليه التيمّم مع عدم رجاء وجدانه فيصلّي متيمّماً، ولو تمكّن منه بعد ذلك لم تجب عليه إعادة الصلاة ولا قضاؤها، ولو كان على وضوء لا يجوز إبطاله على الأحوط لزوماً إذا علم بعدم وجود الماء أو يئس منه، ولو أبطله والحال هذه تيمّم وصلّى وتجزئ أيضاً على ما مرّ .
مسألة 383: يشرع التيمّم لكلّ مشروط بالطهارة من الفرائض والنوافل، نعم في مشروعىّته لصلاة القضاء مع رجاء زوال العذر والتمكّن من الإتىان بها مع الطهارة المائىّة إشكال، ومثلها في ذلك النوافل الموقّتة في سعة وقتها.
ويشرع التيمّم أىضاً لكلّ ما يتوقّف كماله على الطهارة إذا كان مأموراً به على الوجه الكامل، كقراءة القرآن والكون في المساجد ونحو ذلك، وفي مشروعيّته للكون على الطهارة إشكال، كما لم تثبت بدلىّته عن الأغسال والوضوءات المستحبّة حتّى للمتطهّر عن الحدث.
مسألة 384: إذا تيمّم المحدث لغاية جازت له كلّ غاية وصحّت منه، فإذا تيمّم للصلاة جاز له دخول المساجد والمشاهد وغير ذلك ممّا يتوقّف صحّته أو كماله أو جوازه على الطهارة المائيّة، وإذا تيمّم لضيق الوقت جاز له في حال الصلاة كلّ غاية كمسّ كتابة القرآن وقراءة العزائم ونحوهما.
مسألة 385: ينتقض التيمّم بمجرّد التمكّن من الطهارة المائيّة وإن تعذّرت عليه بعد ذلك، إلّا إذا كان التمكّن منها في أثناء الصلاة فقط فإنّه لا ينقض تيمّمه حينئذٍ كما تقدّم.
وإذا وجد من تيمّم تيمّمين احتياطاً بدلاً عن الوضوء والغسل ما يكفيه من الماء لوضوئه انتقض تيمّمه الذي هو بدل عنه، وإن وجد ما يكفيه للغسل انتقضا معاً سواء أَكَفى للجمع بينه وبين الوضوء أم لا، ويكفيه الغُسل حينئذٍ.
هذا في غير المستحاضة المتوسّطة، وأمّا هي فإن وجدت ما يكفي للغُسل والوضوء احتاطت بالغُسل ثُمَّ الوضوء وإن لم يكفِ للجمع بينهما فعليها أن تتوضّأ وتتيمّم بدلاً عن الغسل على الأحوط لزوماً، ومن ذلك يظهر حكم ما إذا فقد الماء الكافي للغسل قبل استعماله وأنّ حكمه حكم ما قبل التيمّمين.
مسألة 386: إذا وجد جماعة متيمّمون ماءً مباحاً لا يكفي إلّا لأحدهم، فإن تسابقوا إليه فوراً فحازه الجميع لم يبطل تيمّم أيّ منهم بشرط عدم تمكّن كلّ واحد من تحصيل جواز التصرّف في حصص الباقين ولو بعوض وإلّا بطل تيمّم المتمكّن خاصّة، وإن تسابق الجميع فسبق أحدهم بطل تيمّمه، وإن تركوا الاستباق أو تأخّروا فيه فمن مضى عليه منهم زمان يتمكّن فيه من حيازة الماء بكامله واستعماله في الغسل أو الوضوء بطل تيمّمه، وأمّا من لم يمضِ عليه مثل هذا الزمان - ولو لعلمه بأنّ غيره لا يُبقي له مجالاً لحيازته أو لاستعماله على تقدير الحيازة - فلا يبطل تيمّمه، ومن هذا يظهر حكم ما لو كان الماء مملوكاً وأباحه المالك للجميع، وإن أباحه لبعضهم بطل تيمّم ذلك البعض لا غير .
مسألة 387: حكم التداخل الذي مرّ سابقاً في الأغسال يجري في التيمّم أيضاً، فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل، يكفي تيمّم واحد عن الجميع، وحينئذٍ فإن كان من جملتها الجنابة، لم يحتج إلى الوضوء أو التيمّم بدلاً عنه، وإلّا فالأحوط الأولى الإتيان بالوضوء أو تيمّم آخر بدلاً عنه إذا كان محدثاً بالأصغر أيضاً، نعم إذا كان من جملتها غسل الاستحاضة المتوسّطة فحيث إنّ وجوبه مبنيّ على الاحتياط - كما تقدّم - فاللازم ضمّ الوضوء إلى التيمّم البديل عنه مع وجدان الماء بمقداره.
مسألة 388: إذا اجتمع جنب ومحدث بالأصغر ومَنْ يجــب عليــه تغسيــل ميِّت - كوليّه - وكان هناك ماءً لا يكفي إلّا لواحد منهم فقط فإن اختصّ أحدهم بجواز التصرّف فيه تعيّن عليه صرفه فيما هو وظيفته، وإلّا فمن تمكّن منهم من تحصيل الاختصاص به ولو بالتسابق إليه أو ببذل عوض تعيّن عليه ذلك وإلّا وجب عليه التيمّم، نعم من كان محدثاً ووجب عليه تغسيل ميّت أيضاً فمع عدم كفاية الماء للأمرين فالأحوط لزوماً صرفه في رفع حدث نفسه.
مسألة 389: إذا شكّ في وجود حاجب في بعض مواضع التيمّم فحاله حال الوضوء والغُسل في وجوب الفحص حتّى يحصل اليقين أو الاطمئنان بالعدم.