الدّيانة النصرانيّة أو المسيحيّة، هي من الدّيانات القديمة والمعروفة، وقبل بيان ما هي الدّيانة المسيحيّة، لا بدّ من ذكر النبي الذي أرسله الله تعالى بهذا الدين، فنقول إنَّ عيسى بن مريم(عليه السلام) هو النبيُّ الذي أنزل الله تعالى عليه هذا الدين، ولدَ نبي الله عيسى(عليه السلام) في بيت لحم، لكنّه قضى معظم حياته في الناصرة في فلسطين؛ لذلك أُطلق على أتباعه فيما بعد النصارى، وعلى الدين الذي جاء به النصرانيّة، وقيلَ: ربما جاءت تسمية النصارى لأنّهم آزروا عيسى (عليه السلام) نصروه فأطلق عليهم هذا الاسم، وقال تعالى: (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ الله)[1].
وتعدُّ الديانة المسيحية امتداداً للديانة اليهوديّة التي جاء بها موسى(عليه السلام) لبني إسرائيل، فأرسل الله تعالى عيسى إليهم مجدِّداً ومصحِّحاً لما حرّفوه، فبعد موسى(عليه السلام) قام اليهود بتحريف التوراة وتحريف الشريعة التي شرعها الله لهم، فجاءت رسالة عيسى لتقويم ما اعترى اليهودية من لغطٍ وخلط، قال تعالى في محكم التنزيل: (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ)[2]، وأنزلَ عليه الإنجيل وهو الكتاب المقدّس عند المسيحيين، ولكنَّ بني إسرائيل كادوا لسيّدنا عيسى (عليه السلام)، وحاولوا أن يقتلوه، فأنقذه الله ورفعه إليه وشُبِّه لهم أنَّهم قتلوه، وبقيَ عددٌ من أتباعه مُطارَدِين من قِبل اليهود، وخلال القرون الثلاثة التي تلت رفعُ عيسى(عليه السلام)، كُتبت الأناجيل المحرَّفة، ودخلت على الدين المسيحي الكثير من المعتقدات الخاطئة وكثُرت الأناجيل المزيّفة والمحرّفة وأصبح من الصعب معرفة الإنجيل الصحيح[3].
أهم الطوائف المسيحية:
الكاثوليك: كلمة مشتقة من أصل يوناني، تعني: عام أو جامع، أُطلِقت تاريخياً على أتباع كنيسة روما، ويَنسب الكاثوليك كنيستهم إلى القدّيس بطرس الرسول، تلميذ المسيح، وبحكم ذلك تصبح الكنيسة الكاثوليكية كنيسة رسولية، بمعنى أنّ أساقفتها يمتلكون أسراراً متوارثة يرجع أصلها إلى المسيح الذي منحها تلاميذَه بحسب بعض نصوص الإنجيل، واليوم صار مقرُّ الكنيسة الرومانية الكاثوليكية هو دولة الفاتيكان، التي تقع داخل إيطاليا.
البروتستانت:
الطائفة البروتستانتية هي ثاني أكثر الطوائف المسيحية، بدأت هذه الطوائف مع حركة الإصلاح التي تزعّمها القس الألماني (مارتن لوثر)، وهي حركة لم يكن هدفها رفض الكاثوليكية برمّتها، وإنّما سعت إلى الإصلاح من داخل الهيكل الكنسي، كما أنّ النسخة البروتستانتية من الكتاب المقدّس تختلف عن الأسفار المعتمدة لدى الكاثوليك.
الأرثوذكس:
استقلّت المذهب الأرثوذكسي الشرقي عن كنيسة روما، في منتصف القرن الخامس الميلادي، حين رفضت كنائس مصر، وأرمينيا، وسوريا، والهند، وإثيوبيا إقرار مجمع خلقيدونية الذي ينصّ بأنّ للمسيح طبيعتين تامتين، واحدة إلهية وأُخرى بشرية، وشدّدت الكنائس على أنّ للمسيح طبيعة واحدة، لكنّها لا تعني طبيعة لاهوتية فقط أو طبيعة بشرية فقط، بل طبيعة واحدة نتجت عن اتحاد هاتين الطبيعتين[4].
بعض معتقدات الدين المسيحي:
بعدَ التعرف على الدّيانة المسيحيّة وطوائفها تجدر بنا الإشارة إلى بعض معتقداتها الخاطئة، فبعدَ أن رفع الله عيسى(عليه السلام) استمرّ اليهود في مطاردة أتباع السيّد المسيح(عليه السلام)، وأدخلوا على الإنجيل الكثير من التحريفات وانتهت الدّيانة المسيحيّة بخليط من الفلسفات والثقافات الوثنية التي أدَّت إلى ظهور العديد من المعتقدات الخاطئة، وسنُذكر أهمُّ معتقدات الديانة المسيحية الخاطئة فيما يأتي:
ـ الادِّعاء بأنّ المسيح عيسى(عليه السلام) هو ابنُ الله تعالى، وأنّه إله، وهذا المعتقد لم يكن معروفاً في أوساط النصارى في زمن المسيح ولا بعده مدّة وجيزة، ولكن قام بولس بالعمل على تحريف الإنجيل وظلَّ يعمل على تحريفه إلى أن توفيّ عام (67م)، ولكن بقيَ الكثير من النصارى على عقيدة التوحيد.
ـ القول بالثالوث المقدّس: وهو أنّ الله تعالى هو ثالثُ ثلاثة، وهي: الأب وهو الله، والابن وهو المسيح، وروح القدس وهي الروح التي حلَّت في مريم.
ـ الاعتقاد بصَلْب المسيح: يؤمنُ النصارى بأنّ اليهود قد قتلوا المسيح(عليه السلام) وصلبوه، وقد صُلِبَ المسيح حسب عقيدتِهم ليفتديَ خطايا الناس بنفسه.
ـ يؤمنون بمحاسبة المسيح(عليه السلام) للبشر[5].
المصدر: مجلة اليقين العدد (55)