الحادث في اللغة: هو من: حَدَثَ الشيءُ يَحْدُثُ حُدُوثاً وحَدَاثَةً، فهو نَقِيضُ قَدُمَ، والحَدِيثُ: نَقِيضُ القَدِيمِ، والحُدُوثُ: نَقِيضُ القُدْمَةِ، والحادث: هو كونُ شْيءٍ لم يَكُنْ ثمّ كانَ، وأَحْدَثَهُ اللهُ فهو مَحْدَثٌ، أَيْ: أَوْجَدهُ بعدَ عَدَمهِ[1].
وأما الحادث في الاصطلاح: فهو المسبوق بالعدم، أي: يكون عدمه قبل وجوده، فيكون له أولٌ هو معدومٌ قبله[2].
بعد بيان معنى الحادث في اللغة والاصطلاح يتبيّن التقارب فيما بينهما؛ ففي اللغة يراد به وجود الشيء بعد عدم وجوده، وفي الاصطلاح الحادث لابدّ أن يكون مسبوقاً بالعدم.
والحادث مصطلح أطلقه علماء الفلسفة والكلام على كل شيء سوى الله تعالى؛ إذ قسّموا الوجود بما هو وجود إلى واجب الوجود، وممكن الوجود، وممتنع الوجود، وأرادوا بواجب الوجود: هو الذي لا يحتاج في وجوده إلى مُوجِد(أي: علّة)؛ لأنّه علّة العلل، وهو القديم غير المسبوق بالعدم، ومصداقه الله تعالى، وممكن الوجود: هو الذي يحتاج في وجوده إلى مُوجِد (أي: علّة)؛ لأنّه معلول ـ مسبوق بالعدم، حادث وليس بقديم ـ وكل معلول يحتاج إلى علّة كي يوجد، ومصداقه كل شيء سوى الله تعالى، وممتنع الوجود: هو الذي يمتنع وجوده عقلاً، ومصداقه مفهوم (شريك الباري).
فقولنا: الإنسان حادث، أي: إنّه ممكن الوجود، وكل ممكن يحتاج إلى علّة في إيجاده وإخراجه من العدم، وبما أنّه ممكن في وجوده فهو ليس بقديم وإنّما هو حادث، أي: إنّ الإنسان كان مسبوقاً بالعدم، ثمّ بعد ذلك أوجده الله تعالى بمنّه وفضله وأخرجه للوجود، لقوله تعالى: (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً)[3]، وقد سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية فقال (عليه السلام): (لا مقدّراً ولا مكوّناً)[4].
وأخيراً نقول: إنّ نعمة الوجود التي أفاضها الله تعالى على الإنسان لهي من أعظم النعم التي ينبغي على الإنسان شكرها على الدوام.
مجلة اليقين العدد (50)