(وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً)[1].
تلك الأية القرآنية قرأها المهندس المعماري التركي، فألهمته ابتكار تصميم فريد لأحد أبرز مساجد مدينة إسطنبول.
(سانجاقلر جامع) هو مسجد بعيد عن مشاهد الزخرفة والمعمار المهيب المعهود في مساجد إسطنبول.
زائر هذا المسجد يشعر وكأنه يدخل إلى كهف تحت الأرض، يحيطه هدوء وسكون المساحات الخضراء.
مساحة وبناء المسجد:
إجمالي مساحة المسجد، الذي افتتح مطلع عام 2014م، بلغت7400 متر مربع.
هذه المساحة هي 1200متر مربع مكان مغطى حرماً للمسجد، وبقية المساحة مخصصة للفناء والمئذنة وأماكن الوضوء.
أرض المسجد المنحنية توحي للمصلين بالدخول تحت الأرض، إذ تنقسم ساحة المسجد الداخلية إلى مستويات تنتهي بجدار المحراب، الذي صُمّم بصورة تسمح بتخلّل ضوء الشمس من أعلاه عمودياً، وتجعل المسجد جزءاً من الطبيعة.
تم تجنب استخدام أيّ دهانات كيميائية، والاكتفاء بالأحجار البازلت، وأحجار الأردواز السوداء، التي تضفي أجواء روحانية على المسجد.
صُمِّمَتْ الجدران الخارجية للمسجد في هيئة توحي وكأنها تضع حداً بين العالم الخارجي المختلط المضطرب وأجواء الخشوع والطمأنينة والهدوء داخل المسجد.
القائمون على تشييد المسجد سعوا أيضاً إلى عدم اقتصاره على العبادة وحسب، وإنما حرصوا على توفير مكتبة تحوي عددا كبيراً من الكتب، تساهم في زيادة معرفة المصلين.
هذه الخصائص وغيرها الكثير، أهَّلَتْ المسجد إلى الدخول في منافسة مع عدد كبير من أبرز التحف المعمارية التي شهدها العالم في العقد الأخير.
حصد المسجد جائزة - مشروع المستقبل- في مهرجان العمارة العالمي بمدينة برشلونة، عام 2011م، وجائزة المركز الأول ضمن فئة -المنشآت الدينية-، في مهرجان العمارة العالمي بسنغافورة، عام 2013م.
وفي عام 2014، نال المسجد جائزة غرفة المهندسين المعماريين الأتراك.
كما اختير ضمن أفضل 40 مبنى في أوروبا، عام 2015م، وفي العام نفسه منحه اتحاد العمارة العالمي جائزة أفضل مبنى ديني في العام.
وفاز المسجد، مؤخرا، بجائزة التميّز الدولية من المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين (RIBA)، واختير أحد أفضل 20 مبنى في العام.
إقبال كبير:
إمام المسجد وخطيبه، علي ألماجي قال: إن مُصمّم المسجد أراد إنجاز عمل متواضع، حتى لا يتم عقد مقارنات بينه وبين المعماريين الأتراك الكبار، وأعمالهم المنتشرة في إسطنبول حتى اليوم.
وأضاف: يبرز المسجد أيضاً الأهمية التي يوليها الإسلام إلى البيئة، حيث تم الحرص، خلال عمليات البناء، على عدم تعريض البيئة إلى أية أضرار.
وأوضح أن هدف المسجد يتجلى مع أول خطوة يخطوها المصلي داخله، حيث البساطة والهدوء والخشوع، مع رؤية كلمات الجزء الأخير من الآية القرآنية: (وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا)[2]، المخطوطة على جدرانه.
وعن إقبال المصلين على المسجد، قال (ألماجي): إن أعداد كبيرة من الزائرين تترد على المسجد بشكل منتظم، وهم من داخل البلاد وخارجها، لاسيما من ألمانيا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا.
المصدر: بيوت المتقين (71) شهر ربيع الآخر 1441هـ