أُم الخير بنت الحُريش بن سراقة البارقيّة، تابعيّة، لم ترَ النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ورأت أصحابه، وهي من أهل الكوفة، معروفة بالذكاء والفصاحة والبلاغة، وفوق ذلك كله فهي معروفة بالولاء لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام). حضرت معه حرب صفين، وخطبت خطبةً بليغة.
لها كلام مع معاوية جاء فيه: كيف كان كلامك يوم قتل عمّار بن ياسر؟
قالت: لم أكن والله رويته قبل، ولا زوّرته بعد، وإنّما كانت كلمات نفثهنّ لساني حين الصدمة، فإن شئت أن اُحدّث لك مقالاً غير ذلك فعلت.
فقال معاوية: والله يا أُم الخير ما أردتِ بهذا إلاّ قتلي، والله لو قتلتكِ ما حَرِجتُ في ذلك.
قالت: والله ما يسوءني يا بن هند أن يجري الله على يدَي من يسعدني الله بشقائه.
قال: هيهات يا كثيرة الفضول، ما تقولين في عثمان بن عفان؟
قالت: وما عسيت أن أقول فيه، استخلفه الناس وهم كارهون، وقتلوه وهم راضون.
فقال معاوية: يا أُم الخير، هذا والله أصلك الذي تبنين عليه.
قالت: الله يشهد وكفى بالله شهيداً ما أردت بعثمان نقصاً.
قال: فما تقولين في طلحة بن عبيد الله؟
قالت: وما عسى أن أقول في طلحة، اُغتيل من مأمنه، وأُوتي من حيث لم يحذر.
قال: فما تقولين بالزبير؟
قالت: يا هذا لا تدعني كرَجيع الصَبيغ يُعركُ في المِركن.
قال: حقاً لتقولين ذلك وقد عزمت عليك.
قالت: ... إنّ قريشاً تحدّث أنّك أحلمها أن تسعني بفضل حلمك، وأن تعفيني من هذه المسائل.
قال: نعم وكرامة وقد أعفيتك، وردّها إلى بلدها.
ربما ورد مدحٌ لشخصيات في كلام هذه الطيبة، مع أن هذه الشخصيات هي مسيئة للإسلام غير مستقيمة على جادة الحق، وهذا يفسر بأن المدح كان تقيةً من بطش معاوية. والله العالم[1].
المصدر: مجلة اليقين العدد (63)، الصفحة (11).