بالرغم من أن نجاح دعوة الإسلام وانتشارها كان برعاية الله سبحانه وإمداده، إلا أن ذلك كان مقترناً بعوامل عديدة أيضاً، ولعل أحد أهم هذه العوامل هو: سمو الأخلاق عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجاذبيته الشخصية.
إن أخلاقه (صلى الله عليه وآله) كانت من العلو والمكانة السامية لدرجة أن ألد أعدائه كان يقع تحت تأثيرها، كما أن مكارم الأخلاق التي أودعت فيه كانت تجذب وتشد المحبين والمريدين إليه بصورة عجيبة، ولا نبالغ إذا ما قلنا: بأن السمو الأخلاقي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كان معجزة أخلاقية، فلولم تكن هذه الأخلاق الكريمة وهذه الملكات الفاضلة، لما أمكن تطويع تلك الطباع الخشنة والقلوب القاسية، ولما أمكن تليين أولئك القوم الذين كان يلفهم الجهل والتخلف والعناد، ويحدث فيهم انعطافاً هائلاً لقبول الإسلام، ولَتَفَرَّق الجميع من حوله بمصداق قوله تعالى: (لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)[1]، وكم كان رائعاً لو أحيينا والتزمنا بهذه الأخلاق الإسلامية القدوة، وكان كل منّا يحمل قبساً من إشعاع خُلق وأخلاق رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله) وخاصة في عصرنا هذا حيث ضاعت فيه القيّم، وتَنَكَّب الناس عن الخلق القويم.
وها نحن نتناول هذه الصفات العظيمة لنتعرَّف على بعض جوانبها: