دُعيت لبيت قريب لي لأصلح بينه وبين شريك له لسوء تفاهم قد وقع بينهما، وكنت لا أعلم ما سبب تلك المشكلة وبعد حضوري وقيام قريبي لجلب الشاي سألت شريكه ما سبب المشكلة؟
فقال شريكه: قريبك قد باع داره لشخص وأنا أحق بها من المشتري كوني شريكه ولي حق الشفعة في ذلك.
فقلت: عفوا، وكم حصتك فيها من الشراكة؟
فقال: لا حصة لي فيها بل أنا شريكه في عمل تجاري كما تعلم.
فقلت: وكيف تدّعي الشفعة في دار لا شراكة لك فيها معه؟
فقال الشريك: معذرة، هلا أوضحت لي عدم أحقيتي بالشفعة فيها؟
عندها حضر قريبي...
فقلت لهما: انتبها جيدا لكلامي حتى تعرفا حق الشفعة بما ورد عن سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار(عليهم السلام)، وإن كان مضمونها بيع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه حق في أن يتملك المبيع بالثمن المجعول ويسمى هذا الحق بـ (الشفعة)، والشريك يطلق عليه بـ (الشفيع).
فقال الشريك: ألم أقل لك ذلك؟
فقلت: نعم، ولكن الشفعة تثبت بشروط.
فقال الشريك: وما هي الشروط؟
فقلت: تثبت الشفعة في:
1ـ بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالأرضين والدور، وأما ما ينقل كالآلات والحيوان وما لا ينقل أيضا إذا لم يقبل القسمة كالطرق أختلف الفقهاء حولها ففيهما قولان أقواهما الأخذ بالشفعة، ولكن الأحوط للشريك عدم الأخذ بالشفعة في تلك الأمور إلا برضا المشتري كما الأحوط في إجابته ان أخذ بها.
2ـ لا تثبت الشفعة بالجوار فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة، إلا إن كان للدارين طريق واحد مشترك.
3ـ يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين، ووجهت نظري نحو شريك قريبي وأنت لست مشتركا معه في الدار وان كنت مشتركا معه بعمل تجاري آخر.
4ـ إذا كانت العين بين شريكين فباع أحدهما حصته لاثنين - مثلا - دفعة أو تدريجا فصارت العين بين ثلاثة بعد البيع بين الشريك الأول والمشتريين الجدد تثبت الشفعة للشريك، وله التبعيض في الشفعة عند الفصل بين وقوع البيع تدريجا ووقوعه دفعة فيحق له التبعيض في الأول دون الثاني على الأقوى.
فقال قريبي: وهل هناك اعتبارات في الشفيع؟
قلت: نعم، فيعتبر فيه أن يكون:
1ـ مسلما، فلا شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر.
2ـ قادرا على أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه، وإن بذل رهنا أو وجد له ضامن لا يكون إلا برضا المشتري، وإذا ادعى أن بإمكانه التسديد والمال ليس تحت يده أمهل ثلاثة أيام فإن لم يحضره بطلت شفعته، أو أوجب الضرر المعتد به على المشتري فالظاهر سقوطها أيضا.
فقال شريك قريبي: وهل يلزم المبادرة في الأخذ بالشفعة أم تدوم ما دام الزمان؟
قلت: الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط حق الشفعة بالمماطلة والتأخير بلا عذر ولا تسقط إذا كان التأخير عن عذر - ولو كان عرفيا- كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، وغيرها من الأسباب.
فقال الشريك: وإذا كان غائبا عن بلد البيع وعلم بوقوعه فهل له حق الشفعة؟
فقلت: له الحق إن بادر ولو بالتوكيل، وإلا سقطت.
فقال: وإذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة؟
قلت: لم تسقط الشفعة بل جاز للشفيع الأخذ من المشتري الأول بالثمن الأول فيبطل الثاني.
فقال: وإن زادت العقود على اثنين؟
فقلت: إن أخذ الشفيع بالأول بطل ما بعده ويصح مع إجازته، وإن أخذ بالأخير صح ما قبله، وإن أخذ بالمتوسط صح ما قبله وبطل ما بعده ويصح مع إجازته.
فقال: إذا اراد الشفيع اسقاط حق الشفعة إزاء مال فهل يجوز له ذلك؟
قلت: الشفعة حق يجوز أخذ المال بإزاء إسقاطها.
فقال: فهل يجوز نقل الشفعة من الشفيع لآخر؟
فقلت: حق الشفعة لا يقبل الانتقال.
فقال شريك قريبي: على ضوء كلامك لا شفعة لي في دار قريبك وبيعه صحيح.
فقلت: بل على ضوء كلام الفقهاء لا شفعة لك فيها.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (52)