أولادنا والمجتمع

تربية الأطفال من الأمور الهامة التي تترك تأثيرها في شخصيَّتهم مستقبلاً، لذا، لا بد من التعامل معهم بكل وعي ومسؤولية ودقة وانتباه، كي لا نجعل من شخصيتهم شخصية ضعيفة أو مهزوزة، أو غير متوازنة صحياً ونفسياً وجسدياً، وجميع الأهل يحرصون على أن يكون أطفالهم أصحاء اجتماعياً، بمعنى أن يكونوا متفاعلين مع مجتمعهم ومحيطهم، فلا يعيشوا أجواء الانقطاع عنه والغربة والانطوائية والانزواء.

البعض من الأهل قد يغدق على أطفاله بالكثير من الأشياء المادية، من مال والعاب وغير ذلك، وهو ما قد يجعل الطفل متعلقاً بمثل هذه الأشياء، إلى درجة أنها تشكل وحدها عالمه الخاص، ما يؤدي إلى أن تطبعه بطابعها المادي، فيما لا ينتبه الأهل إلى شخصية طفلهم الاجتماعية، التي تتلاشى وتضعف أمام المغريات الكثيرة التي يوفرونها له.

لذا، فإنَّ على الأهل الانتباه وتوخي الحذر في هذا الجانب، وأن يبدأوا باكراً بتوجيه الطفل إلى ضرورة التواصل والتفاعل مع الأهل والأقارب والزوار والأصدقاء، وأن يعلموه أنَّ هذا التواصل مهم له ومفيد.

وعلى الأهل أيضاً أن يلتفتوا إلى محتوى كلامهم أمام الطفل، فلا يتكلموا كثيراً على مسمعه عن كثير من المظاهر المادية، من لباس وأشياء ثمينة وسيارات وبيوت فخمة، حتى لا يتأثر بذلك مع الوقت، بل أن يتحدثوا أمامه بالكلام المؤثر والطيب حول ضرورة التواصل وإقامة العلاقات الطيبة مع الجيران والأصدقاء والمحيط.

ومن أهم الوسائل التي من الممكن أن يستعملها الأهل، تشجيع الطفل على حب العطاء والبذل والتعاون، ومشاركة غيره الألعاب والطعام، إذ إنَّ تعويد الطفل على العطاء، يجعل منه كائناً اجتماعياً أكثر قرباً من الآخرين، وتجعله أكثر بعداً عن التأثر بالأشياء المادية والأنانية التي تزيده حباً للماديات وبعداً عن التواصل الاجتماعي المطلوب.

وهذا ما لاحظناه لدى الاطفال الذين ينشؤون منشأ دينياً على حب النبي وآله (صلى الله عليه وآله)، حيث نرى هؤلاء الاطفال كيف يقدمون الخدمة، والطعام والماء، واستقبال الزوار بدون التفريق كون الزائر من نفس البلد او بلد آخر، وهذا من شأنه يجعل شخصية هكذا اطفال شخصية تحب الخير والعطاء والبذل وتتفاعل مع الناس كل الناس.

وما يؤسف له اليوم تكثر الألعاب الإلكترونية وغيرها، حيث نعثر على كثيرٍ من الأطفال الذين ينسجون عالمهم الخاص عبر محاكاتهم لهذه الألعاب، وينقطعون عن عالمهم الواقعي وعن إقامة تفاعل وعلاقات مع محيطهم، عبر قضاء وقت طويل متسمرين حول هذه الألعاب في غرفهم الخاصة، وهو ما يعزز الوحدة لديهم، ويترك أثره السلبي في شخصياتهم لاحقاً.

نحتاج إلى أن نربّي أطفالنا على التفاعل الاجتماعي السليم، الذي يجعل منهم أفراداً اجتماعيين ومتواصلين مع محيطهم بالشكل السليم والإيجابي، لا أطفالاً منعزلين ومأخوذين بعالم المادة المتنوع، كي يخرجوا إلى المجتمع الذي يحتاجهم أكفاء وأصحاء وأقوياء، محبين للعطاء والتواصل وإقامة العلاقات الطيبة مع الجميع، وحتى يلعبوا دورهم في بنائه، لا أن يكونوا عبئاً ثقيلاً على الواقع في قادم الأّيام.