أثناء سفر العالم العارف الملاّ محسن فيض الكاشاني إلى حجّ بيت الله الحرام، مرّ بمدينة أصفهاني، فورد على العالم الكبير السيد حسين الخونساري (رحمه الله).
وكان في المجلس ابنه السيد جمال الدين، فطرح الملاّ محسن سؤالاً على الابن فلم يجب على السؤال جواباً كاملاً.
فضرب الملا محسن يداً على يد وقال: (وآ أسفاه، إنّ باب منزل السيد حسين مغلق) - كناية عن أن هذا الولد الذي لا يدرس ليتعلم، ليس مكانه في منزل أبيه العالم.
فتأثر السيد جمال الدين بهذا الموقف التربوي الصارم، فقرر أن يدرس بجدّ واجتهاد، فاعتكف للعلم ليلاً ونهاراً.
وبعد عام واحد..، ورد الملاّ محسن على السيد حسين أيضاً في طريق عودته من الحج، فأعاد الملاّ سؤال للولد (السيد جمال) فوجده صاحب علم ومعرفة.
فقال: إن السيد جمال هذا، ليس ذاك السيد جمال الذي رأيته العام الماضي
نعم، الكلمة الصارمة المنطلقة من القلب المحبّ، قد دفعته إلى العلم والمثابرة. يقال إن هذا الشاب في ليلة من الليالي وبينما كان منهمكاً في المطالعة وضعوا عنده العشاء ولم ينتبه، وفجأة سمع صوت المؤذن لصلاة الصبح، فرفع رأسه عن الكتاب فرأى العشاء بجانبه، فقال: لماذا جئتم بالعشاء في هذا الوقت المتأخر؟!
قالوا: إنه كان من أول الليل بجانبك وأنت لم تنتبه له أيّها الولد العزيز.
وفي هذه المناسبة نذكر بعض الروايات التي تحث على طلب العلم:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (اطلبوا العلم، فإنه السبب بينكم وبين الله عز وجل)[1].
عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (اطلبوا التعلم ولو بخوض اللجج وشق المهج)[2].
عن لقمان الحكيم (عليه السلام) - لابنه وهو يعظه -: (يا بني اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا لك في طلب العلم فإنك لن تجد لك تضييعا مثل تركه)[3].
عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: (رحم الله عبدا أحيى أمرنا، فقلت - أي الهروي - له: فكيف يحيى أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا )[4].