من هم السفراء الأربعة؟

السُّفراء الأربعة: عنوانٌ يُرادُ به أصحاب ونوّاب الوكالة الخاصة عن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في فترة الغيبة الصغرى، وهي فترة التي لم يتمكن الناس - وفقاً لمقتضيات الحكمة الإلهية في غيبة الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) - من الاتصال مباشرة بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، أو الاجتماع إليه إلاّ من خلالهم.

وهؤلاء السفراء أو النوّاب كانوا من كبار علماء الشيعة، ومن أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) المخلصين، وقد تمَّ تعيينهم من قِبَل الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

إن وظيفة السفراء هي الوساطة بين الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وبين شيعته في تلك الفترة لا يرون الإمام (عليه السلام) فيها، فكانوا يحملون إليه رسائل وأسئلة الناس الابتدائية، والتي تعرض لهم في عباداتهم ومعاملاتهم، ثم يستفتون بها الإمام الحجة (عليه السلام) فيجيب عليها، ثم يُبلّغونها شيعته.

إضافةً إلى مهمة إيصال الحقوق الشرعية إلى الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، أو يصرفونها في مصارفها الشرعية الصحيحة وبحسب ما يأمرهم به.

وقد استمرت الغيبة الصغرى قُرابة (70) عاماً تقريباً، من سنة (260)، وحتى سنة (329) هجرية، وهي الفترة التي تسمى بالسفارة الخاصة للسفراء الأربعة.

بقي علينا أن نتعرف على شخوص هؤلاء السفراء الأربعة (رضي الله عنهم) في هذا الموجز المختصر:

السفير الأول: عثمان بن سعيد بن عمرو العَمري الأسدي، المُكنَّى بأبي عَمْرو، وهو من أصحاب الإمام أبي الحسن عليٍّ الهادي (عليه السلام)، وصحب أيضاً الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، وسمع منهما الحديث، وكانت له وكالة منهما، وكان ذا منزلةٍ رفيعة عندهما.

تولّی نيابة الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) سنة (260) هـ في بدايات الغيبة الصغرى، واستمرت نيابته لخمس أو لستّ سنوات[1].

 كان عثمان بن سعيد جليلاً عظيم الشأن، وردت روايات كثيرة في مدحه والثناء عليه، منها ما رواه الشيخ الطوسي بسنده إلى أبي علي أحمد بن إسحاق، عن الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام): «العَمْري وابنُهُ ثقتان، فما أدّيا فعنّي يؤديان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فانّهما الثقتان المأمونان»[2].

توفّـي في حدود سنة خمس وستّين ومائتين، ودُفن في الجانب الغربي من مدينة بغداد، وقبره هناك إلى الآن في الجانب الغربي من مدينة بغداد في شارع الميدان.

السفير الثاني: محمد بن عثمان بن سعيد العَمْري الأسدي، المُكنَّى بأبي جعفر العسكري، وهو الذي أثنى عليه وعلى أبيه إمامنا المهدي (عليه السلام)، له كُتب مصنفة في الفقه مما سمعه من الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، والإمام المهدي المُنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، تُوفي سنة (305)، أو (304) هجرية[3].

تولَّى السفارة زمناً طويلاً، وحدّدها بعض المؤرخين بأربعين سنة[4].

وكان (رضي الله عنه) يعلم بوقت وفاته، إذ أخبره بذلك الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فأعَدَّ لنفسه قبراً، وكان ينزل إليه، ويقرأ فيه القرآن، ويقع قبره اليوم في ساحة الخلّاني ببغداد.

السفير الثالث: الحسين بن روح النوبختي، ويُكنَّى بأبي القاسم، ويُلقَّب بالبغدادي، (كان فقيهاً، مفتياً، بليغاً، فصيحاً، وافر الحرمة، كثير الجلالة، ذا عقل وكياسة، فحفّ به الشيعة، وعوّلوا عليه في أُمورهم، وحملوا إليه الأموال، وكثرت حاشيته، حتى كان الأمراء والوزراء والأعيان يركبون إليه، وتواصف الناس عقله وفهمه)[5].

بدأت سفارته من السنة (304)، أو (305) هجرية بعد وفاة السفير الثاني أبي جعفر العمري (رضي الله عنه)، حتى وفاته في شعبان سنة (326) هجرية، فكانت أكثر من عشرين سنة تقريباً، ودُفن في النوبختي التي كانت داراً لعلي بن أحمد النوبختي في بغداد[6].

السفير الرابع: علي بن محمد السَّمَري، المُكنَّى بأبي الحسن، والمُلقب بالبغدادي، وهو آخر السفراء الأربعة، تولَّى السفارة لدى وفاة السفير الثالث الحسين بن روح النوبختي، أي سنة (326) هجرية، حتى وفاته سنة (329) للهجرة المباركة، دفن (رضي الله عنه) في الشارع المسمى بشارع الخلنجي، قريب من شاطئ نهر أبي عقاب، ومزاره الآن معروف في بغداد، وبوفاته (رضي الله عنه) انتهت النيابة الخاصة، كما وانتهت فترة الغيبة الصغرى.

المصدر: مجلة اليقين العدد (34)

 


[1] سيرة الأئمة الإثني عشر، هاشم معروف الحسني: ج2، ص268.

[2] تنقيح المقال، المامقاني: ج2، ص137.  

[3] أعيان الشيعة، محسن الأمين: ج2، ص47.      

[4]  سيرة الأئمة الإثني عشر، هاشم معروف الحسني: ج2، ص568.

[5]  موسوعة طبقات الفقهاء، لجنة علمية: ج4، ص167.

[6] الغيبة، الشيخ الطوسي: 303.