لاشك أن الزواج ضرورة من ضروريات الحياة إذ به تحصل مصالح الدين والدنيا ويحصل به الارتباط بين الناس، وبسببه تحصل المودة والتراحم ويسكن الزوج إلى زوجته والزوجة إلى زوجها قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[1]، وبالزواج يحصل تكثير ألنسل ألمندوب إلى طلبه عن ألنبي (صلى الله عليه وآله): (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم)[2].
وعنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) فِي أَمْرِ بَنَاتِه وأَنَّه لَا يَجِدُ أَحَداً مِثْلَه فَكَتَبَ إِلَيْه أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): (فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ بَنَاتِكَ وأَنَّكَ لَا تَجِدُ أَحَداً مِثْلَكَ فَلَا تَنْظُرْ فِي ذَلِكَ رَحِمَكَ الله فَإِنَّ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله) قَالَ: (إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَه ودِينَه فَزَوِّجُوه، إِلَّا تَفْعَلُوه تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وفَسادٌ كَبِيرٌ))[3]. إنّ تيسير عملية الزواج من قبل أولياء أمور الفتيات سيشجع الشباب على الزواج وتحل مشكلة الاثنين معاً؛ لأنه في مجتمعنا المسلم يتمنى الآباء دائماً تزويج بناتهم بالدرجة الأولى حتى إذا لم يتزوج الابن؛ لأن الشاب يستطيع أن يعول نفسه ويتحمل مسؤولياته، أما الفتاة فلا تستطيع ذلك؛ لذلك فيجب تيسير عملية الزواج أمام الشباب حتى تحل المشكلة للطرفين معاً ويستقيم المجتمع المسلم في حياة سليمة كما أرادها الإسلام.
أبرز الآثار السلبية لهذه الظاهرة هي:
* تأخر الزواج بالنسبة للشباب والفتيات وتعطيل سنة الله.
* حدوث الأمراض النفسية في صدور الشباب من الجنسين بسبب الكبت وارتطام أفكارهم بخيبة الأمل.
* عدم الاستقرار الاجتماعي الناتج من حرمان تكوين الأسرة.
* سلوك بعض الشباب سلوكاً انحرافياً مثل السرقة، أو الاختلاس أو النصب من أجل توفير المبالغ اللازمة للزواج.
* سلوك انحرافي في إشباع الغريزة الجنسية بطرق محرمة.
* سبب ارتفاع تكاليف الزواج يلجأ الشباب إلى القروض، والاستدانة من الآخرين ودخولهم في مشاكل وهموم لا تنتهي بسرعة.
موقف الإسلام من قيمة المهر:
لا يخفى على أحد بأنّ الإسلام يسعى لإزالة العوائق التي تحول دون نسج العلائق الشرعية بين الجنسين والتي تتمثل في الزواج.
والملاحظ أنّه يتخذ موقفاً توفيقياً بين الزوجين، ففي الوقت الذي يجعل للمرأة المهر، ويأمر الرجل بإعطائه لها على الوجه الأكمل، وفق قوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً..)[4]، فإنّه يحث النساء وأولياءهنّ على عدم تجاوز الحدود المعقولة للصداق، وعلى عدم التعسف عند استيفائه.
إنَّ الغلاء في المهور يُشكِّل عقبة اقتصادية تحول دون الإقدام على الزواج، وعليه يمارس الإسلام حواراً اقناعياً مع النساء وأولياء أمورهن ويُرغّبهم في تيسير المهر، روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (إنَّ من يُمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها..)[5]. وروي أيضاً: (أفضل نساء أُمتي أحسنهنَّ وجهاً، وأقلَّهنَّ مهراً)[6].
وفي مقابل أُسلوب الترغيب أتّبع الإسلام مع المتشدّدين في المهور أُسلوب التوبيخ والتنفير، وفي هذا الصدد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): (الشؤم في ثلاثة أشياء: في الدابة، والمرأة، والدار. فأمّا المرأة فشؤمها غلاء مهرها...)[7].