هل أنّ الزهراء (عليها السلام) معصومة بالعصمة التامة أم لا؟ وإذا كانت معصومة فما هي الفائدة من عصمتها؟ فالمعروف أن العصمة تُعطى من قبل الله للإنسان المكلف بتبليغ الأحكام وهداية الناس وإرشادهم، سواء كان نبياً أو إماماً، وعليه فما الحكمة من عصمة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وهي غير مكلفة بمثل هذه المهمة؟
جوابنا عن الشقِّ الأول: أن الزهراء (عليها السلام) معصومة بالعصمة التامة من جميع الذنوب والمعاصي، وهناك أدلة كثيرة على ذلك، وقد أجمع المفسرون على أن آية التطهير نزلت فيمن اشتمل عليهم الكساء، وهم: النبي (صلى الله عليه وآله)، وأمير المؤمنين (عليه السلام)، والزهراء (عليها السلام) والحسن والحسين (عليهما السلام).
واللام الداخلة في كلمة (ليذهب) الواردة في آية التطهير تفيد نفي عموم الرجس، وليست هناك قرينة متصلة أو منفصلة على تخصيص ذلك بنوع معين من الرجس، فتدل على عصمتهم من جميع الذنوب.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): «إن اللَه يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرَضَاكِ»[1].
فإذا كان غضبها موافقاً لغضب الله في جميع الأحوال، وكذلك رضاها، فهذا يعني أن رضاها وغضبها يوافقان الموازين الشرعية في جميع الأحوال، وأنها لا تعدو الحق في حالتي الغضب والرضا، وفي ذلك دليل ساطع على عصمتها (عليها السلام)[2].
أما الشق الثاني: فهذا التساؤل مبني على اعتقاد أن العصمة لا تكون إلّا لنبي أو إمام، ولكن الأمر ليس كذلك، فليست العصمة دائرة مدار النبوة والإمامة فقط حتى يقال بأن الزهراء(عليها السلام) لم تكن نبياً ولا إماماً، وإنما العصمة منزلة إلهية توجد عند الإنسان بفضل قربه من الله سبحانه وتعالى، ويترتب على ذلك وجوب إطاعته والاقتداء به، وإن الله تعالى يجعله حجة بينه وبين خلقه، ومن يحتج الله به لابد وأن يكون معصوماً، وقد ورد عن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) قول: «نحنُ حُججُ اللهِ على خلقهِ، وَجَدَتِي فاطمةُ حُجَّةُ اللهِ عَليْنَا»[3].
والحُجّة لا يكون حجةً على الآخرين إلّا إذا كان ذا مقام علمي وسامٍ على الآخرين، وإلّا لبطُلت حجتُهُ على غيره.
مجلة اليقين العدد (34)