اتفق المسلمون على أن النبي عيسى المسيح (على نبينا وآله و(عليه السلام)) ينزل من السماء إلى الأرض في آخر الزمان، نقل العلامة المجلسي في قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)[1]، (عن شهر بن حوشب قال: قال لي الحجاج: يا شهر، آية في كتاب الله قد أعيتني فقلت: أيها الأمير أية آية هي؟ فقال: قوله: «وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته»، والله إني لآمر باليهودي والنصراني فتضرب عنقه، ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد، فقلت: أصلح الله الأمير ليس على ما تأولت، قال: كيف هو؟ قلت: إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به قبل موته، ويصلي خلف المهدي، قال: ويحك أنى لك هذا ومن أين جئت به؟ فقلت: حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فقال: جئت والله بها من عين صافية) (بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج14، ص349).
كما أن الأخبار بنزوله في آخر الزمان وردت عند الفريقين منها الحديث المشهور عن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: «كَيْفَ أَنْتُمْ إذا نَزَلَ بن مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ»[2].
وذكر ابن حماد في مخطوطته (الفتن) (ص ١٥٩ - ١٦٢) نحو ثلاثين حديثاً تحت عنوان: (نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) وسيرته) وتحت عنوان: (قدر بقاء عيسى بن مريم(عليه السلام) بعد نزوله).
منها، ص ١٦٢الحديث المروي في الصحاح عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ، لَيوشِكَنَّ أن يَنزِلَ فيكُمُ ابنُ مَريَمَ حَكَماً مُقسِطاً، فَيَكسِرَ الصَّليبَ، ويَقتُلَ الخِنزيرَ، ويَضَعَ الجِزيَةَ، ويَفيضَ المالُ حَتّى لا يَقبَلَهُ أحَدٌ» وفيها: «إن الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى. أولاهم بي عيسى بن مريم، ليس بيني وبينه رسول، وإنه لنازل فيكم فاعرفوه، رجل مربوع الخلق، إلى البياض والحمرة. يقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية. ولا يقبل غير الإسلام، وتكون الدعوة واحدة لله رب العالمين».
كما أورد في بعضها أنه يصلي خلف المهدي (عليه السلام)، وأنه يحج إلى بيت الله الحرام كل عام، وأن المسلمين يقاتلون معه اليهود والروم والدجال. وأنه يبقى في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفاه الله تعالى ويدفنه المسلمون.
وورد في رواية عن أهل البيت (عليهم السلام) أن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يقيم مراسم دفنه على أعين الناس، حتى لا يقول فيه النصارى ما قالوه، وأنه يكفنه بثوب من نسج أمه الصديقة مريم (عليها السلام) ويدفنه في القدس في قبرها.
أما رفعه(عليه السلام) إلى السماء، ومن ثم نزوله(عليه السلام)، في آخر الزمان، أي في عصر الظهور المبارك، وبقرينة قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)[3] حسب ما مرّ في تفسيرها، فقد تكون إشارة على أن الشعوب المسيحية واليهود جميعاً يؤمنون به، وربما تكون الحكمة من تمديد عمره إلى ذلك العصر المنتظر، هي ادخاره لهداية أتباعه وعُبّاده، ويكون عوناً لإمامنا المهدي(عليه السلام) في تلك المرحلة الحساسة من التاريخ، حيث يكون النصارى قوة مؤثرة في العالم، ومن دون النبي عيسى(عليه السلام) يكونون عائق كبير أمام إقامة دولة الحق الإلهية.
فوجود نبيهم الذي يؤمنون به، طريق فعّال لهدايتهم إلى الإسلام واتباع الإمام (عليه السلام)، فإن لوجوده ثمرة سياسية في اجتثاث العداء للإسلام والمسلمين وعقد اتفاقية الهدنة بينهم وبين الإمام المهدي عليه السلام التي تذكرها الروايات[4].
أما مسألة صلاته (عليه السلام) خلف المهدي (عليه السلام) على أثر نقض الغربيين معاهدة الهدنة والصلح مع المهدي (عليه السلام) وغزوهم المنطقة بجيش جرار كما تذكر الروايات، فيتخذ المسيح (عليه السلام) موقفه الصريح إلى جانب المسلمين، ويأتم بإمامهم.
كما أن الرأي الشعبي هناك المؤيد للمسيح (عليه السلام) والذي سيكون له نوع تأثير على حكوماتهم التي لا تقبل دعوة الإمام المهدي (عليه السلام).
المصدر: مجلة اليقين العدد (66)