أعيادنا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.

أَوْلَى الله تعالى أيام الأعياد المباركة عناية خاصة في تعاليم المنظومة الإسلامية، وأعطاها قيمة عبادية وروحية عالية، فجعل لتلك الأيام قدسية إلهية خاصة، ورسم لها أبعاداً روحية وعبادية مخصوصة، مما جعلها منتجعاً روحياً ونفسياً للمؤمنين، يستراحون فيها من أيام التعب والصيام، ويتزاورون فيها بالود والوئام.

ولو تأملنا قليلاً في الخلفية التي ينبثق منها عيدا الفطر والأضحى -وإن كان مجموع الأعياد في الإسلام هي أربعة، الفطر والأضحى والجمعة والغدير كما في بعض الروايات- لوجدنا أنهما يعقبان فريضتين مهمتين من فرائض الإسلام، ويأتيان فور الانتهاء من عبادتين كبيرتين قد أداهما المسلمون، ويرتبطان بهما ارتباطاً وثيقاً، وهما فريضة شهر رمضان المبارك، وفريضة الحج المقدسة، ومما يشير إلى كون العيد هو جائزة بحدِّ ذاته، لمن خرج من اختبار العبادة والطاعة في الشعيرتين المقدستين بنجاح وتفوق، فقد روي عن مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «إنّما هوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبِلَ اللهُ صيامَهُ، وَشَكَرَ قيامَهُ، وَكُلُّ يَوْمٍ لا تَعْصي اللهُ فيهِ فهوَ عِيدٌ»[1]، وعليه فإن معنى العيد -بالمفهومِ العلوي- هو كل يوم لا يقارب فيه العبدُ معاصيَ اللهِ ومساخطَهُ، أي: أن المؤمن الذي لا يعصي الله تعالى فهو يعيش كلَّ معاني العيد، بما فيها جوائز الرحمة والمغفرة.

إضافةً إلى كون هذا الحديث الشريف كاشفاً عن المعنى الحقيقي للعيدين، وأنهما عيدان دينيان عباديان بامتياز -وإن كانت مجتمعاتنا قد صرفتهما للفرح ولبس الجديد فقط-، وهذا ما يقتضي أن يكون السلوك البارز في حركة العيد هو الصبغة الإسلامية، بل إن الشريعة المقدسة هي التي تؤكد على الحفاظ على صبغة العيد الدينية، ويظهر ذلك من خلال البرنامج العبادي الذي وضعته الشريعة الغراء في يوم العيد.

فينبغي على المؤمنين والمؤمنات حفظ كرامة العيد وروحيته الإسلامية الأصيلة، وعدم تضييع الهوية الإسلامية من خلال تضييع تلك الأعياد بالسلوكيات المنحرفة، والممارسات الخاطئة.

مجلة اليقين العدد (30)

 

[1] وسائل الشيعة: ج15، ص308.