فرحة العيد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.

قالَ رسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله): «لِلصّائِمِ فَرحَتانِ: فَرحَةٌ حينَ يُفطِرُ، وفَرحَةٌ حينَ يَلقى رَبَّهُ»[1].

من الثوابت العقائدية التي لا تقبل الشك ولا النقض أن الله تعالى خلق الخلق للسعادة لا للشقاء، وللدوام لا للفناء، وعلى أساس ذلك الثابت العقائدي فإن الله تعالى تكفّل لعباده ببيان الطرق والسبل التي توصلهم لتلك الغاية والهدف، فجاءت الآيات والروايات كي ترسم لهم خارطة السعادة، وتتكفل بالبرنامج الإلهي المتكامل الذي يُحقق له السعادة الدنيوية والأُخروية.

ولو رجعنا إلى فريضة الصوم لوجدنا أنها تختتم بفرحة من قبل الصائم، فرحةٌ عند إفطاره في كل يوم من أيام الشهر الفضيل، وفرحةٌ عند اختتام الشهر الكريم بحلول هلال شهر شوال المبارك، والحديث الشريف الذي صدرنا به كلمتنا وإن كان يُستظهر منه فرحة الصائم عند إفطاره في يومه، لكن يمكننا الاستفادة منه بفرحة اختتام الشهر الفضيل، وهذا ما يظهر على حال المسلمين عند إفطارهم أوّل أيام عيد الفطر المبارك، فنراهم يتبادلون التهاني والتبريكات والزيارات الاجتماعية والعائلية بفرحة غامرة، وبسمة تعلو الوجوه، وسعادة تملأ الصدور، وهذا كله جيد ومطلوب، بل هو من المستحبات المؤكدة في الشريعة المقدسة، قال إمامنا الباقر(عليه السلام): «تَزَاورُوا في بُيوتِكم؛ فَإِنَّ ذَلكَ حَياةٌ لأَمرِنَا، رَحِمَ اللهُ عَبْدَاً أَحْيَا أَمْرَنَا»[2]، لكن ثَمَّةَ أفراد من أبناء مجتمعنا -وبالخصوص شبابنا وفتياتنا- يمارسون فرحتهم بطريقة لا تتناسب وعيد الفطر المبارك، ناسين أو متناسين أن هذه المناسبة هي مناسبة دينية، وأن المناسبات الدينية تستقي وحيها من الدين الإسلامي الحنيف، وأن آدابها هي آداب الدين، فالاِحتفال بالطريقة العامية من قبل الكثير هو انحراف للاحتفالات الدينية عن مسارها الصحيح، وتمييع لأهدافها المنشودة، فما معنى أن بعض الشباب والفتيات يتركون الصلاة بمجرد انتهاء الشهر الفضيل؟ وما معنى التزيُّنِ الفاضحِ بالملبس والماكياج من قبل بعض النساء في أيام عيد الفطر المبارك؟ وما معنى التجاهُرِ بالغِناء؟

والتبرير هو أنه عيدٌ، وأنها أيام معدودات، فنفرح وننشرح ونفعل ما نشاء!

نَظَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ(عليه السلام) إِلَى أُنَاسٍ فِي يَوْمِ فِطْرٍ يَلْعَبُونَ وَ يَضْحَكُونَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ وَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ شَهْرَ رَمَضَانَ مِضْمَاراً لِخَلْقِهِ، يَسْتَبِقُونَ فِيهِ بِطَاعَتِهِ إِلَى رِضْوَانِهِ، فَسَبَقَ فِيهِ قَوْمٌ فَفَازُوا، وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ فَخَابُوا، فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنَ الضَّاحِكِ اللَّاعِبِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُثَابُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ، وَيَخِيبُ فِيهِ الْمُقَصِّرُونَ، وَأَيْمُ اللهِ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ لَشُغِلَ‏ مُحْسِنٌ‏ بِإِحْسَانِهِ، وَمُسِي‏ءٌ بِإِسَاءَتِهِ»[3].

مجلة اليقين العدد (39)

 


[1] بحار الأنوار: ج96، ص251.

[2] بحار الأنوار: ج2، 144.

[3] إقبال الأعمال: ج1، ص275.