اسمه ونسبه: مخنف بن سليم بن حارث بن عوف بن ثعلبة بن عامر الأزدي الغامدي.
ولادته: لم نعثر في المصادر على تاريخ ولادته.
قد عدّه الشيخ الطوسي في رجاله في طبقة أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)[1]، وعدّه ابن داود من خواصّ أصحاب الإمام علي(عليه السلام)[2].
أخباره:
من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، عيّنه الإمام(عليه السلام) والياً على أصبهان وزوّده بهذه الرسالة: أمره بتقوى الله في سرائر أمره وخفيّات عمله حيث لا شاهد غيره ولا وكيل دونه. وقال (عليه السلام) له: «وإن لك في هذه الصدقة نصيبا مفروضا وحقا معلوما، وشركاء أهل مسكنة وضعفاء ذوي فاقة، وإنا موفوك حقك فوفهم حقوقهم، وإلا تفعل فإنك من أكثر الناس خصوما يوم القيامة، وبؤسا لمن خصمه عند الله الفقراء والمساكين والسائلون والمدفوعون والغارم وابن السبيل. ومن استهان بالأمانة ورتع في الخيانة ولم ينزه نفسه ودينه عنها فقد أحل بنفسه في الدنيا الخزي وهو في الآخرة أذل وأخزى. وإن أعظم الخيانة خيانة الأمة، وأفظع الغش غش الأئمة، والسلام»[3].
ولمّا حارب الإمام (عليه السلام) معاوية أرسل إلى مخنف بن سليم الرسالة التالية، يطلب منه أن يكون معه لمناجزة طاغية الأُمويين، وهذا نصّها: «سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإن جهاد من صدف عن الحق رغبة عنه، وهب في نعاس العمى والضلال اختيارا له، فريضة على العارفين، إن الله يرضى عمن أرضاه، ويسخط على من عصاه، وإنا قد هممنا بالمسير إلى هؤلاء القوم الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله، واستأثروا بالفئ، وعطلوا الحدود، وأماتوا الحق، وأظهروا في الأرض الفساد، واتخذوا الفاسقين وليجة من دون المؤمنين، فإذا ولى لله أعظم أحداثهم أبغضوه وأقصوه وحرموه، وإذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبوه وأدنوه وبروه فقد أصروا على الظلم، وأجمعوا على الخلاف.
وقديما ما صدوا عن الحق، وتعاونوا على الإثم وكانوا ظالمين، فإذا أتيت بكتابي هذا فاستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك، وأقبل إلينا لعلك تلقى هذا العدو المحل فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتجامع الحق وتباين الباطل، فإنه لا غناء بنا ولا بك عن أجر الجهاد، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»[4].
وقال ابنه محمّد بن مخنف: دخلت مع أبي على علي(عليه السلام) حين قدم من البصرة (إلى أن قال) ونظر(عليه السلام) إلى أبي فقال: «...ولكن مخنف بن سليم وقومه لم يتخلّفوا ولم يكن مَثَلُهم مثل القوم الّذين قال تعالى: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ...)[5]»[6].
وعن أبي جحيفة، قال: جاء عروة البارقي إلى سعد بن وهب، فسأله فقال: حديث حدثتناه عن علي بن أبي طالب((عليه السلام))، قال: نعم بعثني مخنف بن سليم إلى علي عند توجهه إلى صفين، فأتيته بكربلاء، فوجدته يشير بيده، ويقول: (هاهنا، هاهنا، فقال له رجل: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: ثقل لآل محمد ينز هاهنا، فويل لهم منكم، وويل لكم منهم، فقال له الرجل: ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟ قال: ويل لهم منكم تقتلونهم، وويل لكم منهم يدخلكم الله بقتلهم النار)[7].
فكان هذا الرجل مثالاً للطاعة والورع، وقدوة يحتذى به في ذلك العصر المليء بالفتن.
وفاته: كان حامل راية الأزد من أهل الكوفة في وقعة الجمل، وقيل: إنّه قُتل يومئذٍ[8]، ولم يثبت؛ فإنّ الأخبار الدالّة على حياته بعد وقعة الجمل من الكثرة بحيث يسقط معها هذا القول عن الاعتبار التاريخي، ومنها على سبيل المثال: روى نصر بن مزاحم المنقري: أنّ علياً(عليه السلام) استعمله على أصفهان وهَمَدان بعد الجمل)[9].
مجلة بيوت المتقين العدد (77)