التقليد في اللغة بانه مأخوذ من القلادة التي يقلد غيره بها، فيجعلها في عنقه، وكأن المقلِّد جعل الحكم الذي قلد فيه المجتهد كالقلادة في عنقه.
واما اصطلاحاً فهو: العمل بقول الغير من غير حجة، ومطالبة دليل[1].
فالمقلِّد لا يستدل على ما توصل اليه ولا يحصل على اليقين ـ في الغالب ـ في المسائل التي قلد فيها، وعندما نأتي الى أُصول الدين فإِن المطلوب فيها من المكلف أَن يحّصل عليها ويعرفها ويعتقد بها اعتقاداً جازماً، حتى يكون إِيمانه بها عن بصيرةٍ واعتقادٍ وجزمٍ، والتقليد فيها لا يوصله الى ذلك، فالمدار في أُصول الدين هو تحصيل اليقين والقطع، لأَنّ المراد منها الاعتقاد الجازم، هذا من جهة، ومن جهة ثانية أَنّ أُمّهات الأُصول وكليات المسائل الاعتقادية معدودة ومعروفة، ولكل من هذه المسائل أَدلة عقلية وفطرية واضحة، لهذا فانّ تحصيل اليقين بها أَمر يسير، ومتيسر لغالب الناس، فمن هنا وجب في أُصول الدين الإِيمان بها عن اعتقادٍ، وعدم جواز التقليد، أَمّا بالنسبة إِلى الفروع والأَحكام الفقهية لما كانت واسعة جداً، والعلم بها يحتاج إِلى مقدمات كثيرة، لا يقدر أَغلبُ الناس على تحصيلها، والمطلوب فيها هو العمل والتطبيق، لهذا فإِنّ على المكلفين بحكم الفطرة، وتبعاً لسيرة العقلاء أَن يرجعوا في أَحكام الشريعة إِلى العلماء والمجتهدين المتخصصين في هذا الشأن، ليقوموا بأَداء واجباتهم الدينية، ووظائفهم الشرعية، ومن هنا لا بدّ أَن نعلم بأَنَّ التقليد للمجتهد الجامع للشرائط، والرجوع إِليه لمعرفة الوظيفة الشرعية في فروع الدين هو نوعٌ من الرجوع إِلى المتخصّصِين، ولا علاقة له بالتقليد الأَعمى الناشئ من العصبيّة القوميّة، أَو العِرقية أَو ما شابه ذلك.
مجلة اليقين العدد (26)
[1] الدر النضيد في الاجتهاد والاحتياط والتقليد: ص197.