علي بن الحسن المثلث
(علي الخير)
نسبه:
هو علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وأمه أم عبد الله بنت عامر بن عبد الله بن بشر بن عامر بن ملاعب الأسنة ابن مالك بن جعفر بن كلاب.
كنيته وألقابه:
وكان يكنى أبا الحسن ومن ألقابه: علي العابد وذو الثفنات، وعلى الخير وعلى الأغر، وقال النراقي في الخزائن: سمي بطباطبا لأنه كان يحرف طوبى بطباطبا أو أهدي إليه لباس فقيل له نجعله لك قميصاً أو قباء فقال طباطبا ـ يعني قباقبا ـ وكان يقال له ولزوجته زينب بنت عبد الله بن الحسن المثنى: الزوج الصالح لعبادتهما، وكان مجتهداً في العبادة.[1] كان مثل سبيكة الذهب كلما أوقد عليه ناراً أزداد خلاصاً، وهو كلما أشتد عليه البلاء أزداد صبراً وسروراً.[2]
أولاده:
لعلي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) تسعة أولاد، منهم أربع بنات، وهن: رقية وفاطمة وأم كلثوم وأم الحسن. والبنون محمد وعبد الله وعبد الرحمن، والحسين الشهيد، والحسن المكفوف وأمهما زينب بنت عبد الله بن الحسن المثنى وكان عقب علي الخير من ولده الحسن المكفوف (الينبعي).[3]
أما الحسين فهو الشهيد صاحب فخ، خرج ومعه جماعة من العلويين زمن أيام الهادي ابن المهدى داعياً إلى الله تعالى بمعركة فخ المعروفة في مكان بين مكة والمدينة مع جماعة من أهل بيته وحمل رأسه إلى الهادي. واستشهد في وادٍ يقال له فخ يبعد عن مكة حوالي فرسخ ـ أي 5500 متراً ـ وقيل أنه واد (الزاهر) وذلك في يوم التروية سنة 169هـ وقتل معه جماعة من أهل بيته.
وورد في ذكر فضل ثورة فخ حيث قال الإمام محمد بن علي الرضا (عليهما السلام): (لم يكن لنا بعد الطف ـ كربلاء ـ مصرع أعظم من فخ).
ولا عقب للحسين بن علي بن الحسن بن الحسن ابن الحسن (رضوان الله عليه). [4]
وعرف (علي الخير) بعدة خصال منها:
عبادته وتقواه:
كان (رضوان الله عليه) عابداً صاحب تقوى كما جاء في كتاب المجدي في أنساب الطالبيين عن عبادته وتقواه أنه قال: (فأما علياً.. فهو العابد ذو الثفنات استقطع أبوه عين مروان [عين ماء لمروان كانت بذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة وهي التي أعطاها أبو العباس السفاح إلى الحسن المثلث] وكان لا يأكل منها تحرجاً، وكان امرء صدق مجتهداً). [5]
كراماته:
ذكر من كراماته ما رواه صاحب المقاتل حيث قال: كان يصلى يوماً في طريق مكة فدخلت حية في سراويله وخرجت من جيبه، ودهش الناس وصاحوا عليه، وهو لم يضطرب ولم يلتفت إليها وكان مشغولاً بصلاته، وكان آل الحسن في الحبس لم يعرفوا أوقات الصلاة إلا بتلاوة قرآنه، وكان يقول في الحبس: اللهم إن كان هذا من سخط منك علينا فاشدد حتى ترضى، فقال عبد الله بن الحسن ما هذا يرحمك الله.
دعائه مستجاب:
وكانت دعواته مستجابة فعندما كان مع آل الحسن في السجن قالوا له: (أدع الله لنا ينجينا من حبس المنصور فقال: لنا درجات عند الله لا ننالها إلا بالصبر على هذه البلية أو أعظمها، وللمنصور درجات في النار لا ينالها إلا بما أجرى علينا من هذا الظلم أو أعظمه، فالصبر أجمل ويوشك إن نموت ونستريح، فإن أبيتم إلا الخلاص وانحطاط الأجر عنكم فها أنا ادعوا الله لكم، فقالوا بل نصبر فصبروا بالبلاء)[6].
قارئاً للقرآن:
كان كثير القراءة للقرآن الكريم كما ورد عن عمر بن شبة قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: سمعت جدي موسى بن عبد الله يقول: حبسنا في المطبق فما كنا نعرف أوقات الصلوات إلا بأجزاء يقرؤها علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن[7].
حبسه وجماعة من أهله في السجن:
قد شنّ المنصور الدوانيقي حملة قمع وقتل رهيبة بحقّ بني الحسن (عليهم السلام) خاصّة، والعلويين عامّة، وذلك حسداً لهم، بسبب ميل الناس إليهم، وظهور فضلهم، فكان المنصور يخاف منهم على حكمه، فقتل على يديه الكثير من بني الحسن (عليهم السلام). فقد أخاف الطالبيين خوفاً شديداً، وألحّ في طلبهم، فلما حج المنصور سنة 144 أمر واليه على المدينة رياح بن عثمان أن يحملهم إلى الربذة مقيدين مغللين، فحملهم على غير وطاء، ومعادل كل واحد منهم جندي، ولما خرج بهم رياح من المدينة وقف الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) من وراء ستر يراهم ولا يرونه وهو يبكي ودموعه تجري على لحيته وهو يدعو الله، ثم قال: (والله لا يحفظ الله حرمته بعد هؤلاء). وجئ بهم إلى المنصور مكتفين عراة وأوقفوا في الشمس فناداه عبد الله بن الحسن المثنى يا أبا جعفر ما هكذا فعلنا بأسراكم يوم بدر، فأطرق برأسه وثقل عليه هذا التلميح والإشارة، وأمر بهم أن يحملوا إلى العراق فحبسوا بالهاشمية بقصر أبي هبيرة عند قنطرة الكوفة في سرداب، ما كانوا يعرفون فيه الليل والنهار، ولم يكن عندهم ماء للطهور. فكانوا على هذه الحال حتى اشتدت بهم الرائحة.
ولما حبسوا بني الحسن لم يكن علي بن الحسن فيهم فلما كان من الغد بعد الصبح إذ أقبل رجل متلفف فقال له رياح مرحباً بك ما حاجتك؟ قال جئتك لتحبسني مع قومي فإذا هو علي بن الحسن المثلث فحبسه معهم ويعرف بعلي الخير. [8]
وعن يحيى بن يزيد بن حميد قال. أخبرني سليمان بن داود بن الحسن والحسن بن جعفر قالا. لما حبسنا كان معنا علي بن الحسن وكانت حلق أقيادنا قد اتسعت فكنا إذا أردنا صلاة أو نوماً جعلناها عنا فإذا خفنا دخول الحراس أعدناها وكان علي بن الحسن لا يفعل فقال له عمه: يا بني ما يمنعك أن تفعل؟ قال: لا والله لا أخلعه أبداً حتى اجتمع أنا وأبو جعفر عند الله فيسأله لم قيدني به[9].
الإخبار بشهادته ومن معه:
روى السيد ابن طاووس في كتابه الإقبال حديثاً يسنده إلى فاطمة بنت الحسين عن أبيها، قال: (يقتل منك نفر بشط الفرات ما سبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون). وفي حديثها الآخر عن أبيها: (يدفن من ولدك سبعة بشط الفرات لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون).[10]
شهادته ومن كان معه من أهله (رضوان الله عليهم):
وبعد أن مضى عليهم ستون ليلة في الحبس، جاء أمر المنصور بقتلهم، وأحضر المنصور محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن (عليه السلام) وكان أحسن الناس صورة فقال له: أنت الديباج الأصغر؟ قال: نعم، قال لأقتلنك قتلة لم أقتل بها أحداً ثم أمر فبني عليه أسطوانة وهو حي فمات وأبوه إبراهيم بن الحسن المثنى كان ينظر إلى ولده وهم يبنون عليه، وهذا من أشد المصائب ومن ذلك كان إبراهيم أول من مات منهم ثم مات عبد الله بن الحسن المثنى المحض مخنوقاً. وقيل: وضع المنصور على عبد الله من قال له: إن ابنه محمداً قد خرج فقتل، فانصدع قلبه فمات، وكانت شهادته يوم عيد الأضحى سنة 145 عن 75 سنة، وقبره في موضع الحبس مع جماعة من بني الحسن تعرف قبورهم بالسبعة قال ابن الأثير: لم ينج منهم إلا سليمان وعبد الله ابنا داود بن الحسن بن الحسن بن علي، وإسحق وإسماعيل ابنا إبراهيم بن الحسن بن الحسن، وانقضى أمرهم. [11]
ثم علي بن الحسن المثلث، ثم أمر ببقاياهم فقتلوا وقيل: أمر بهم فسقوا السم ولنعم ما قال دعبل:
أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي
نجوم سماوات بأرض فـــلات
قبور بكوفان وأخرى بطيبــة
وأخرى بفخ نالها صلـــوات
قبور بأرض الجوزجان محلهـا
واخرها بباخمرا لدى الغربات
فاستشهد (رضوان الله عليه) وهو ساجد في حبس المنصور، فقال عبد الله: أيقظوا ابن أخي فأني أراه قد نام في سجوده. فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا وهو ابن خمس وأربعين سنة لسبع بقين من المحرم سنة ست وأربعين ومائة ـ فقال: رضى الله عنك إن علمي فيك أنك تخاف هذا المصرع[12].
لتحميل الملف اضغط هنا
[1] مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الأصفهاني: ص 129.
[2] شجرة طوبى: ج 1، ص 161، 162.
[3] المجدي في أنساب الطالبين: ص 66.
[4] سر السلسلة العلوية، أبي نصر البخاري: ص 14 - 15.
[5] المجدي في أنساب الطالبين: ص66.
[6] شجرة طوبى: ج 1، ص 161 - 162.
[7] مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الأصفهاني: ص130.
[8] شجرة طوبى: ج 1، ص 161 - 162.
[9] مقاتل الطالبيين: ص130 - 131.
[10] تاريخ الكوفة، السيد البراقي: ص 405 -406.
[11] تاريخ الكوفة، السيد البراقي: ص406.
[12] مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الأصفهاني: ص130.