كانت هناك امرأة تعيش حياتها العادية.. فقرّرت أن تفعل شيئا جديدا لم يفعله أحد قبلها، حيث قررت أن تراقب نفسها عن طريق وضع كاميرات في بيتها لترى ما تفعله في حياتها، وتراجع تصرفاتها..
الأغرب من ذلك أنها قررت أن تجعل صديقاتها.. يشاركوها هذا الاختبار ويراقبون تصرفاتها، ويحكموا على أفعالها..
وبالفعل بدأت المرأة فى تنفيذ فكرتها.. وقامت بتثبيت كاميرات في جميع غرف المنزل.
ووافق صديقاتها على أن يراقبوها.
ومع أول اليوم لتطبيق هذه التجربة..
تقول هذه السيدة: إنها قد شعرت بشيء غريب لم تشعر به من قبل..
فبمجرد أنها شعرت أنها تحت رقابة هذه الكاميرات..جعلها مرتبكة، ومضطربة، وخائفة من كل شيء تفعله.
فهى تشعر أن تصرفاتها الآن يجب أن تكون محسوبة..
حتى عندما يشاهدها أصدقاؤها تكون على أكمل صورة أمامهم.
وتقول هذه المرأة: بدأت أحاول أن أعيش حياتي العادية، وأتجاهل الكاميرا..
وفجأة رنَّ جرس التليفون فكانت إحدى صديقاتي، والتي كنت اتحدث معها في التليفون بالساعات، ونغتاب الكثيرين..
ولكن هذه المرة لم أستطع أن أتحدث معها طويلا، خوفا من الكاميرا التي تراقبني، وأغلقت التليفون معها سريعا خشية أن أخطئ في أي شيء..
ومرت الدقائق، والساعات..
وكلما كنت أريد أن أفعل أي شيء معين كنت أعتاد عليه، أفكّر أن هناك كاميرا.. وأن الكاميرا تراقبني.. والناس سوف تراني.. وأنا أفعله.. فأتراجع سريعا
أحسست بضيق نفسي.. بدأت أبحث عن أحد لألجأ إليه..
وقمت لا إراديا فتوضأت لأصلى لأول مرة منذ سنوات طويلة انقطعت فيها عن الصلاة..وشغلتني الحياة الدنيا..وسجدت بين يدي الله.. أصلي.. وأبكي..
فشعرت بعدها براحة.. وطمأنينة كبيرة.. لا يعادلها أي شيء.
وتعجبت من نفسي.. كيف كنت بعيدة عن ربي..وكيف سمحت لأي شيء أن يلهيني عن الصلاة وعبادة الرحمن
أحسست الآن أني لا أرهب الكاميرا..ولا أخاف منها..فلا يهمني الآن من يراقبني..ومن سيشاهد ما فعلته..فلم أخش الناس..
ولا أخشى أي أحد سوى الله سبحانه وتعالى.... ولم تعد تلك الكميرات هي الرقيب عليّ..وإنما أعظم منها..
هو شعوري بمعية الله..الذي لايغفل.. ولا ينام..
فلو فرضنا أن الكاميرات سجلت كل تصرفاتي.. فما الذي يجعلني أخاف من الناس الذين هم مثلي.. أم الله.!!!
أأخشى الناس.. ولا أخشى الله...!!!!
حينئذ تذكرت مقولة.. {لا تجعل الله أهون الناظرين إليك}..
قمت وأغلقت الكاميرات.. فلم أعد في حاجه إليها...
ولن أحتاج أن أسجل يوما من حياتي.. فعندي ملكان يسجلان عليّ كل أعمالي.. وكلَّ أٌقوالي..
والآن أسمع صوتا.. يناديني من داخلي.. يقول: {ما أحلى معية الله}
ولكن، ما هذا الصوت...؟؟
لقد سمعت هذا الصوت كثيرا.. إنه صوت الضمير..
{اللهم اجعلنا نخشاك.. كأننا نراك}
لأن خشية الله.. هي أعظم درجة.. وهي الإحسـان.
فالإحسان: هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (65)، صفحة (30)