شهر الخير

أهلاً بشهر الخير، أهلاً بشهر الفضائل والمكارم، يا كنز المتقيين، يا رحمة للناس أجمعين، اختصك الله بالرحمات والبركات منّة وهدية من رب السماوات، تُفْتَحُ فِيك أبواب السماء، وتغلق أبواب النيران، وتغلّ فيك مردة الشياطين، وتزلف الجنة للمتقين.

يفرح المؤمنون حيث هلالُك في السماء، يبشّر أرجاء العالم بالخير وبالبركة، اللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والقبول والرضوان.

وتعود هذه الفرصة ثانية والدعوة تتجدد لضيافة الرحمن، وأي تودّد منك سبحانك، رغم الذنوب والمعاصي التي ارتكبناها طيلة السنة تدعونا إلى مائدة التوبة، وتنير لنا طريق رضاك، وتفتح مصاريع الجنة، وتُجزل العطايا لمن سألك ولمن لم يسألك تحنناً منك ورحمة.

وأي شقيٍّ لا يغتنمُ هذه الفرصة، ولا يجيب هذه الدعوة، لإصلاح ما أفسده الشيطان في النفس وتغييرها نحو الأفضل، وهل فرصة لغسل الدرن وأوحال الذنوب مثل شهر رمضان؟

نعم هي فرصة ـ ربما تكون أخيرة ـ لتغيير الإنسان عبادةً وسلوكاً وخُلقاً، فلندخل هذا الباب الذهبي بعزمٍ وجدٍّ على تغيير أنفسنا وأحوالنا وعلاقاتنا، ونعقد الجدَّ أيضاً على الاستمرار بعد شهر رمضان.

صلةٌ مجانية بالخالق الغيور الودود اللطيف الرحيم، ذاك الرب الذي لا تزيده كثرة العطاء إلا جوداً وكرماً، نعم هي صلة مجانية فليس لها ثمن إلا العزم والإخلاص، وما أسهل العزم على التائبين، وما أحب الإخلاص إلى قلوب المتقين.

فلابدّ من أن يتحرك دافع التغيير الكامن في النفس من خلال الإرادة والعزيمة والعمل الجاد على التغيير، ليس للتغيير فحسب، بل لتكون نتيجته هي الباقية حتى بعد رمضان، وهذا هو التغيير الذي حدّث به القرآن الكريم حيث يقول: (إِنَّ الله لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[1].

فلنغتنم شهر التغيير من أول أيامه، ولنستغل ساعاته ولحظاته، لننعم برضا خالقنا، ولنفوز بخيري الدنيا والآخرة.

مجلة ولاء الشباب العدد (28)


[1] الرعد: 11.