بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.
قالَ تَعَالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[1]
إِن من الأُمور التي يجب أَن تكون واضحة وجليّةً لكل مؤمن هو أَنه لا بد وأَن يكون اليقين هو الأُسُّ الرَّصين الذي تبتني عليه معتقداتُهُ، بل وأَعمالُهُ وكلُّ ما يتقرب به إلى المولى تعالى، لأَن مرتبة اليقين هي أَعلى مرتبة من الإِسلام والإِيمان، قال أَمير المؤمنين (عليه السلام): (لَأَنْسُبَنَّ اَلْإِسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَا يَنْسبُهُ أَحَدٌ بَعْدِي إِلاَّ بِمثْلِ ذَلِكَ، اَلْإِسْلاَمُ هُوَ اَلتَّسْلِيمُ، واَلتَّسْلِيمُ هُوَ اَلْيَقِينُ ....)[2]، وهذا ما أَشارت إِليه الآية المباركة التي افتتحنا بها كلمتنا لهذا العدد.
ولو عُدنا إِلى حالنا اليوم -كمؤمنين أَو كعامة أُناس- لوجدنا أَن جُلَّ أو كلَّ مشاكلنا العقائدية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها هي بسبب ضعف يقيننا بالله تعالى، بل إِنَّ كل المعاصي والسيئات والتهتك الخُلُقي والمظالم والجرائم التي تفشت في مجتمعاتنا المسلمة هي بسبب ضعف اليقين بالله تعالى أَو ضعف اليقين بعواقب تلك الأعمال العظيمة التي يستحقُّ فاعلها دخول النار، قال جلَّ من قائل: (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ) التكاثر، بل إِنَّ المشكلة الإِلحادية المعاصرة التي وقع بشباكها بعض شبابنا هي مشكلة اليقين أَيضاً، والتي تسبّبت في تهالك البناء العقدي لدى الشباب، وسبّبت نَخْراً فكرياً وعقدياً أَصاب الأُسس الفطرية التي جُبِلتْ عليها نفوس العالمين، والتي تدعو الجميع إِلى الإِيمان بالواحد الأَحد، قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ ٱللهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱلله ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[3]، من هنا كانَ لزاماً علينا أَن نشمّر عن سواعدنا في تثقيف أَبنائنا وبناتنا على التعاليم الإِسلامية الصحيحة، وأَن نؤسس فيهم أُسس اليقين، كي يكونوا ثابتي القدم أَمام كل التحديات العقدية والفكرية، من هنا دأبت مجلة اليقين على تحمّل تلك المسؤولية، والله تعالى هو المعين، وهو الهادي لسواء السبيل.
مجلة اليقين العدد (40)