طائفة السامريين

السامريون طائفة دينية يهودية تعدّ من أقدم الطوائف الدينية في اليهودية؛ إذ تعود بأصولها إلى انقسام مملكة سليمان(عليهم السلام) إلى مملكتين شمالية وعاصمتها السامرة، وجنوبية وعاصمتها أورشليم، ويُسمّي السامريون أنفسهم (شومريم) بمعنى (حراس الشريعة)، وأيضاً (بنو إسرائيل)، معتبرين أنفسهم الإسرائيليين الحقيقيين، وهم من نسل سبطي (إفرايم، ومنسى) ويسمون لذلك (بنو يوسف). إلّا أنّ المصادر اليهودية التقليدية تنظر إليهم على أنّهم خلطاء لا ينتمون إلى الدم اليهودي النقي؛ وذلك لاختلاطهم بعد السبي الأشوري، الذي وضع نهايةً لمملكة إسرائيل الشمالية بالشعوب التي طبق عليها الأشوريون سياستهم الخاصة بالإحلال والإبدال في مستعمراتهم في الشرق الأدنى القديم، فاختلط السامريون الذين هربوا من التهجير بالأقوام الذين تم تهجيرهم بالقوة إلى شمال فلسطين[1].

ويطلق التلمود على السامريين اسم (الكوتيم) أو (الكوتيين) نسبة إلى كوت إحدى الأماكن التي عاشوا فيها أصلا. والسامرة ينسبون أنفسهم إلى هارون(عليه السلام) ويسمون الكاهن الأعظم الكاهن (اللاوي) نسبة إلى (اللاويين) وقد شوه اليهود في الجنوب صوره السامري أهل الشمال واتهموهم بالانحراف عن الدين الصحيح والوقوع في عبادة الآلهة الأجنبية. ووجهت إليهم بعض أسفار الأنبياء نقدها الشديد لوقوعهم في المفاسد الدينية والاجتماعية، وهناك عداوة تقليدية نشأت بين الشمال والجنوب بدأت لأسباب سياسية أدت إلى الانقسام واتخذت فيما بعد أبعاداً دينية انتهت إلى ظهور مركز ديني جديد في الشمال وهو السامرة ينافس المركز الديني القديم وهو أورشليم في الجنوب. وقد اعتبر السامريون جبل (جريزيم) في الشمال جبلاً مقدساً، وتوجهوا إليه كقبلة دينية بدلاً من التوجه إلى أورشليم. وهذا الجبل يشرف حالياً على مدينة نابلس التي هي السامرة القديمة، والتي كانت أيضاً تحمل اسم (شكيم) في التاريخ القديم السابق على ظهور العبريين في فلسطين. ويدّعى السامريون أنّ يعقوب (عليه السلام) بنى بيتا للرب وسماه (بيت إيل) في هذا الموقع المذكور وأنّ هذا البيت كان قبلة موسى (عليه السلام) لأسباب سياسية تناسب المملكة التي تم تأسيسها[2].

وهناك نوع من المغالات في التصور اليهودي للسامريين يصل إلى حدّ عدم اعتبارهم يهوداً ومنع الزواج المشترك معهم والنظر إليهم على أنّهم وثنيون، ويقابل السامريون هذا التصوّر بتصور مضاد يعلنون فيه أنّهم الممثلون الحقيقيون لإسرائيل.

ومن مظاهر المغالاة في الصورة اليهودية التقليدية والتلمودية عن السامريين اعتبارهم وثنيين على الرغم من حقيقة أنّ السامريين من المتشددين في مفهوم التوحيد، ويوصف دينهم أحياناً في المصادر اليهودية، بأنّه شكل بدائي لليهودية وأنّه توحيد متشدد، فهم يؤمنون بإله واحد روحاني[3].

ويختلف السامريون عن بقيّة اليهود في إيمانهم فقط بالتوراة، ويسمونها توراة (موسى)، ويرفضون بقيّة أسفار العهد القديم فيما عدا سفر يوشع، كما يرفضون التلمود أيضاً.

وتمثل التوراة نصاً سابقاً على نص (الماسورا) مع بعض الاختلافات، ومنها النص في الوصايا العشرة على أنّ المكان الذي اختاره الرب هو جبل (جريزم).

ويزعم السامريون أنّ توراتهم هي الأصل، وأنّ التوراة التي يؤمن بها بقيّة اليهود محرّفة على يد عزرا الكاتب. وهم يحتفلون بعيد الفصح على جبل جريزم حيث يضحّون بالخراف ويشوونها ويأكلونها في عجلة. وهم يقومون بالحج إلى جبل جريزم في عيد الخبز غير المختمر ويتلون أجزاء من التوراة ولم تنشأ عند السامريين فئة من العلماء من غير الكهنة وذلك؛ لأنّ الكهنة واللاويين لم يسمحوا بذلك.

وليس للسامريين نشاط تشريعي يقارن بنشاط اليهودية الأرثوذكسية[4].

وهكذا يمكن تلخيص عقائد السامريين في الأيمان بالتوراة وسفر يشوع، ورفض بقيّة العهد القديم والتلمود، والإيمان بنبوة موسى(عليه السلام) فقط، ورفض النبوات بعده، واعتباره خاتم النبوة، والإيمان بقداسة جبل جريزم، واعتباره قبلة بني إسرائيل، ويضاف إلى ذلك اعتقادهم في البعث ويوم القيامة وقدوم المسيح المخلص[5]

وما يزال للسامريين وجود ضئيل في نابلس، حيث يصل عددهم إلى 250 نسمة، وفي حولون وعددهم 150 نسمة، ولهم معبدهم في جبل جريزم الذي لا يزال موضع تقديسهم ويقدمون عليه أضحية الفصح السنوية[6].

المصدر: مجلة اليقين العدد (62)

 


[1] ينظر: الفكر الديني الإسرائيلي، حسن ظاظا: ص247 ـ 248.

[2] الديانة اليهودية وتاريخ اليهود، إسرائيل شاحاك: ص195 ـ 205.

[3] ينظر: الفكر الديني الإسرائيلي، حسن ظاظا: ص247 ـ 248.

[4] الديانة اليهودية وتاريخ اليهود، إسرائيل شاحاك: ص195 ـ 205.

[5] ينظر: تاريخ الديانة اليهودية، محمد خليفة: ص 123.

[6] المصدر السابق: ص 120.