مَن هو شَوْذَب: شيخ كبير، مَولى شاكر بن عبد الله الهَمْدانيّ الشاكريّ، يُحسَب في عرب الجنوب. وكان من رجال الشيعة ووجوهها، ومن المخلصين، وكانت دارُه مَألَفَ الشيعة، يتحدّثون فيها حول فضائل أهل البيت (عليه السلام).
قال المحليّ: وكان شوذب يجلس للشيعة فيأتونه للحديث، وكان وجهاً فيهم[1].
الصُّحبة المُوفَّقة:
* أشترك مع الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه الثلاثة (الجمل، وصفين، والنهروان)، وكان شجاعاً، ومن الفرسان المعدودين[2].
* كان من رجال الشيعة ووجوهها، وكان حافظاً للحديث، حاملاً له عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، فكان يجلس فيأتيه الشيعة لأخذ الحديث عنه[3].
* خرج من الكوفة إلى مكة المكرمة وهو يحمل كتاب مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، فالتقى بالإمام الحسين (عليه السلام)، وبقي ملازماً لركبه حتى جاء معه إلى كربلاء[4].
* صَحِب شَوذَب عابسَ بن شبيب الشاكريّ مولاه من الكوفة إلى مكّة، وذلك بعد قدوم مسلم بن عقيل(عليه السلام) الكوفة، وكان عابسٌ مُوفَداً في ذلك بكتاب مسلمٍ إلى الإمام الحسين (عليه السلام) عن أهل الكوفة.. فبقي شَوْذَب مع عابس، حتّى قَدِما معاً إلى كربلاء.
ولمّا التحم القتال.. دعاه عابس؛ لسيتخبره عمّا في نفسه، فأجابه بحقيقتها.
عابس: يا شَوْذَب، ما في نفسِك أن تصنع؟
شَوْذَب: ما أصنع (بتعجّب)، أُقاتِلُ معك حتّى أُقتَل.
عابس: ذاك الظنُّ بك، فتَقَدّمْ بين يَدَي أبي عبد الله (عليه السلام) حتّى يَحتسبَك كما احتَسَبَ غيرَك مِن أصحابه، وحتّى أحتسبَك أنا، فإنّ هذا يومٌ ينبغي لنا أن نطلب فيه الأجر بكلّ ما نَقْدِر عليه؛ فإنّه لا عمَلَ بعد اليوم، وإنّما هو الحساب.
فتقدّم شَوذب فسلّم على الإمام الحسين (عليه السلام)، قائلاً:
السّلامُ عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته، أستَودعُك الله..
ثمّ مضى شَوْذَب فقاتل حتّى قُتِل شهيداً رحمةُ الله عليه[5].
هكذا كانوا:
وبعد أن أطمأنّ عابس، ورأى صاحبَه شهيداً مضرَّجاً بدمه، وقف أمام سيّد شباب أهل الجنّة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) يقول له: يا أبا عبد الله، أما واللهِ ما أمسى على وجه الأرض قريبٌ ولا بعيد أعزَّ ولا أحبَّ إليّ منك، ولو قَدِرتُ على أن أدفَعَ عنك الضيمَ أو القتل بشيءٍ أعزَّ علَيّ من نفسي ودمي لَفَعلتُ. السلام عليك يا أبا عبد الله، أشهَدُ أنّي على هُداك وهُدى أبيك. ثمّ مضى بالسيف نحوَهم، .. فقاتل حتّى استُشهِد[6].
وهكذا كان أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام)، يتقدّمون إلى المنيّة وكأنّها غايتُهم وقد طابت لهم بين يَدَي إمامهم سيّدِ الشهداء (عليه السلام).. فسلام الله عزّوجلّ على أولئك الشهداء الأبرار، وسلام الإمام المهديّ (عج) عليهم أيضاً ما توالى الليلُ والنهار، حيث يقول في زيارته لهم: (السلام على عابسِ بن أبي شبيبٍ الشاكريّ. السلامُ على شَوْذَبٍ مولى شاكر...السلام عليكم يا خير أنصار، السلام عليكم بما صَبَرتُم فنِعْمَ عُقبى الدار، بوّأكُمُ اللهُ مُبَوّأَ الأبرار...)[7].
مجلة بيوت المتقين العدد (44)