جلس الزوج أمام مكتبه وأمسك بقلمه، وكتب: في السنة الماضية، أجريتُ عملية إزالة المرارة، ولازمتُ الفراش عدة شهور، وبلغت الستين من العمر؛ فتركتُ وظيفتي المهمة في دار النشر التي ظللت أعمل بها ثلاثين عاماً، وتوفي والدي، ورسب ابني في بكالوريوس كلية الطب؛ لتعطله عن الدراسة عدة شهور بسبب إصابته في حادث سيارة، وفي نهاية الصفحة كتب: يا لها من سنة سيئة للغاية!
وفي هذه الأثناء دخلت زوجته غرفة مكتبه، ولاحظت شروده، فاقتربت منه، ومن فوق كتفه قرأت ما كتب..
فتركت الغرفة بهدوء، من دون أن تقول شيئاً..
لكنها وبعد عدة دقائق عادت وقد أمسكت بيدها ورقة أخرى، وضعتها بهدوء بجوار الورقة التي سبق أن كتبها زوجها..
فتناول الزوج ورقة زوجته، وقرأ فيها: في السنة الماضية.. شُفيتَ من آلام المرارة التي عذبتكَ سنوات طويلة، وبلغتَ الستين وأنتَ في تمام الصحة.. وستتفرغ للكتابة والتأليف بعد أن تم التعاقد معكَ على نشر أكثر من كتاب مهم.. وعاش والدكَ حتى بلغ الخامسة والثمانين من غير أن يسبب لأحد أي متاعب، وتوفي في هدوء من غير أن يتألم.. ونجا ابنكَ من الموت في حادث السيارة وشفي بغير أية عاهات أو مضاعفات..
وختمت الزوجة عبارتها قائلة: يا لها من سنة أكرمنا الله بها وانتهت بكل خير.
لاحظوا..
الأحداث نفسها لكن بنظرة مختلفة.. دائماً ننظر إلى ما ينقصنا؛ لذلك لا نحمد الله على نعمه..
دائماُ ننظر إلى ما سُلِبَ منا؛ لذلك نقصّر في حمده على ما أعطانا..
قال تعالى: (إِنَّ اللَّه لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ). البقرة:243
اللهم اجعلنا من الشاكرين الذاكرين إليك...
المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (39)، صفحة (26)