أصبحت أستاذاً بسبب التفاتة

يقول أحدهم... عندما انتهينا من صلاة الجمعة باﻷمس، سلّم عليَّ رجل وكنت عن يمينه وسألني: هل لديك حاجة فأقضيها لك...؟؟

قلت باستغراب: - كلا، شكراً لك أخي الكريم. ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

ثم التفت عن شماله فوجد عامل تنظيف فسلّم عليه وقال له مثل قولي، فاحمرَّ وجههه خجلًا..

وهل يسأل عامل التنظيف إذا كانت لديه حاجة...؟!

أخرج من جيبه أموالاً، وأعطاه إياها، فتهلّل وجهه بالفرح والسرور وراح يدعو له من كل قلبه، قلت له: - ومن حضرتك...؟؟

أجاب: -  أنا أستاذ جامعي.

قلت له: - وهل تفعل ذلك كل يوم جمعة...؟؟

أجاب: - نعم، ﻷنني ما أصبحت أستاذاًَ جامعياًَ إﻻ بسبب تلك اﻻلتفاتة...!!

فقد كنت أصلّي قديماً في مسجد قريب من الجامعة والحزن بادياً على وجهي بسبب وفاة والدي المعيل اﻷوحد لنا..

وفي هذه الأثناء التفت نحوي رجل كان يصلي بجانبي وسألني: هل لك حاجة يا بني...؟؟

توسمت الخير في وجهه وقلت: نعم، أريد أن أسدد أقساط جامعتي.

أجاب: - على الرأس والعين. دلّني عليها وأعطني اسمك بوضوح وغداً أذهب واستلم اﻻيصال. وكل عام افعل لك ما سأفعله غداً إلى أن تتخرج بإذن الله.

أغرورقت عيناي بالدموع ودعوت له وقلت: - كيف اردُّ لك ذلك الجميل...؟؟

أجاب: - عندما تتخرج وتعمل اسأل من يصلي معك بعد اﻻنتهاء من صلاة الجمعة نفس السؤال وإذا علمت بأن لديه حاجة اقضها له ان استطعت، فتكون قد رددت لي الجميل...!!

وفعلاً يا أخي فقد تعهَّد بسداد إقساط تعليمي حتى التخرج وعملت مدرساً جامعياً.

كنت أزوره نهاية كل عام ﻷزفَّ له بشرى نجاحي إلى أن وافته المنية بعد تخرجي.. وأنا على عهده باق إلى أن ألقى الله جل في علاه. 

الدرس المستفاد من هذه القصة: من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن.

المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (44)، صفحة (26)