ضحايا المصيدة

كان اللعاب يسيل من فم الفأر ، وهو يتجسـس على صاحب المزرعة وزوجته وهما يفتحان صندوقاً أنيقاً ، ويمنِّي نفسه بأكله شهية حيث أنه حسب أن الصندوق يحوي طعاماً ولكن فكه سقط حتى لامس بطنه بعد أن رآهما يخرجان مصيدة للفئران من الصندوق ، فأندفع الفأر كالمجنون في أرجاء المزرعة وهو يصيح : لقد جاؤوا بمصيدة الفئران وردد يا ويلنا ويا ويلنا . ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

هنا صاحت الدجاجة محتجة: أسمع أيها الفأر المصيدة هذه مشكلتك أنت فلا تزعجنا بصياحك وعويلك، فتوجه الفأر إلى الخروف وقال: الحذر، الحذر ففي البيت مصيدة.

فأبتسم الخروف وقال: يا جبان، لماذا تمارس السرقة والتخريب طالما أنك تخشى العواقب ثم إنك المقصود بالمصيدة فلا توجع رؤوسنا بصراخك، وأنصحك بالكف عن سرقة الطعام وقرض الحبال والأخشاب، هنا لم يجد الفأر مناصاً من الاستنجاد بالبقرة التي قالت له باستخفاف واستهزاء: أنا مرعوبة في بيتنا مصيدة ...!!

يبدو أنهم يريدون اصطياد الأبقار بها هل أطلب اللجوء السياسي في حديقة الحيوان ...؟؟

قرّر الفأر أن يتدبر أمر نفسه وواصل التجسس على المُزارِع حتى عرف موضع المصيدة ، ونام بعدها قرير العين مقرراً الابتعاد عن مكمن الخطر وفجأة شق سكون الليل صوت المصيدة وهي تنطبق على فريسة ، وهرع الفأر إلى حيث المصيدة ليرى ثعباناً يتلوى بعد أن أمسكت المصيدة بذيله .

ثم جاءت زوجة المزارع وبسبب الظلام حسبت أن الفأر هو من تم اصطياده فاقتربت من المصيدة فلدغها الثعبان وعضها كذلك لتسقط على الأرض مرعوبة.

ذهب بها زوجها على الفور إلى المستشفى حيث تلقت إسعافات أولية، وعادت إلى البيت وهي تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، وبالطبع فإن الشخص المسموم بحاجة إلى سوائل ، ويستحسن أن يتناول الشوربة وهكذا قام المزارع بذبح الدجاجة وصنع منها حساء لزوجته المحمومة .

وتدفق الأهل والجيران لتفقّد أحوالها، فكان لابد من ذبح الخروف لإطعامهم

ولكن الزوجة المسكينة توفيت بعد صراع مع السموم دام عدة أيام وجاء المعزون بالمئات وأضطر المزارع إلى ذبح بقرته لتوفير الطعام لهم.

وهنا فإن الحيوان الوحيد الذي بقي على قيد الحياة هو الفأر الذي كان مستهدفاً بالمصيدة، وكان الوحيد الذي استشعر الخطر، ثم فكّر في أمر من يحسبون أنهم بعيدون عن المصيدة ولم يفكّروا بالخطر بل استخفوا بمخاوف صديقهم الفأر الذي يعرف بالغريزة والتجربة أن ضحايا المصيدة قد يكونون أكثر مما تصوروا ...!!

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏العبرة من القصة:

 البعض يعتقد أن المشاكل من حوله لن تمسّه فلا يفكر ولو للحظة بما قد تتطور إليه الأمور، وفجأة تمتد المشاكل كالنار فتأكل جزءاً من حقل حياته وهو يتفرج عاجزاً.

المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (49)، صفحة (30)