سليمان بن صرد الخزاعي

اسمه وكنيته ونسبه:

أبو المطرف، سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون بن منقذ بن ربيعة بن أصرم الخزاعي.

ولادته:

لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.

جوانب من حياته:

* عدّه الشيخ المفيد(قدس سره) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان[1].

* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حرب صفّين، وقتل في صفّين أحد أبرز فرسان جيش معاوية، وهو: حَوشب ذو ظليم الألهاني.

* كان من الأشخاص الذين راسلوا الإمام الحسين(عليه السلام)، وطلبوا منه القدوم إلى الكوفة، بعد أن تسلّم يزيد دفّة الحكم.

* كان من الأشخاص الذين سجنوا في الكوفة بأمر عبيد الله بن زياد، قُبيل مجيء الإمام الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء. (مختلف في هذا القول).

* عن عون بن أبي جحيفة قال: أتى سليمان بن صرد علياً أمير المؤمنين (عليه السلام)
بعد الصحيفة، ووجهه مضروب بالسيف، فلما نظر إليه علي (عليه السلام) قال: (...فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)[2]. فأنت ممن ينتظر وممن لم يبدّل، فقال: يا أمير المؤمنين، أما لو وجدتُ أعواناً ما كتبت هذه الصحيفة أبداً. أما والله لقد مشيتُ في الناس ليعودوا إلى أمرهم الأول فما وجدت أحداً عنده خير إلا قليلا)[3].

نص كلام السيد الخوئي في صحبته..

(وعده الشيخ في رجاله (تارة) في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، (وأخرى) في أصحاب علي (عليه السلام)، قائلا: (سليمان بن صرد الخزاعي المتخلف عنه يوم الجمل المروي عن الحسن (عليه السلام)، أو المروي على لسانه كذباً في عذره في التخلف). (وثالثة) في أصحاب الحسن (عليه السلام)، قائلا: (سليمان بن صرد الخزاعي، أدرك رسول الله (عليه السلام).

وعن ابن نما في شرح الثار أنه أول من نهض بعد قتل الحسين طالباً بثاره (عليه السلام).

أقول: لا ينبغي الاشكال في جلالة سليمان بن صرد، وعظمته، لشهادة الفضل بن شاذان بذلك، وأما تخلفه عن أمير المؤمنين(عليه السلام) في وقعة الجمل فهو ثابت، ولعل ذلك كان لعذر أو بأمر من أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإن ما روي عن كتاب صفين لنصر بن مزاحم، عن أبي عبد الله سيف بن عمر، عن إسماعيل بن أبي عمرة، عن عبد الرحمان بن عبيد بن أبي الكنود، من عتاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وعذله سليمان بن صرد في قعوده عن نصرته بعد رجوعه (عليه السلام) من حرب الجمل لا يمكن تصديقه لان عدة من رواته لم تثبت وثاقتهم، على أنه لم يثبت كون هذا الكتاب عن نصر بن مزاحم بطريق معتبر، فلعل القصة مكذوبة عليه كما احتمله الشيخ(قدس سره).

ثم إن ما ذكره الشيخ - من كون سليمان بن صرد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)
لعله مأخوذ من بعض كتب العامة، وإلا فقد صرح الفضل بن شاذان بأنه من التابعين...)[4].

مكاتبته للإمام الحسين (عليه السلام):

إن أهل الكوفة اجتمعوا في دار سليمان بن صرد الخزاعي فكاتبوا الإمام الحسين (عليه السلام): (من سليمان بن صرد والمسيب بن نجية ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر وشيعته المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة: (سلام عليك، أما بعد فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد، الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها، وغصبها فيئها، وتأمر عليها بغير رضى منها، ثم قتل خيارها، واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وعتاتها، فبعدا له كما بعدت ثمود، إنه ليس علينا بإمام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا على الحق بك، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجمع معه في الجمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام إن شاء الله)[5].

قيادته لثورة التوّابين:

لما قُتل الإمام الحسين(عليه السلام) ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة إلى الكوفة تلاقت الشيعة بالكوفة بالندامة والتلاوم ورأت أن قد أخطأت خطأ كبيراً وأنه لا يغسل عارهم والإثم عليهم إلا قتّل من قتل الإمام الحسين (عليه السلام) فاجتمعوا بالكوفة في منزل سليمان بن صرد إلى خمسة نفر من رؤساء الشيعة سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة الفزاري وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي وعبد الله بن وال التيمي تيم بكر بن وائل ورفاعة بن شداد البجلي وكانوا من خيار أصحاب الإمام علي (عليه السلام).....واختير(رض) قائداً وزعيماً لثورة التوّابين في الكوفة ضدّ بني أُمية والمتواطئين معهم، وقد أُطلق على جماعته لقب «التوّابون»، وكان شعارهم «يا لثارات الحسين»... ودعا (رضي الله عنه) الناس في السر إلى أن هلك يزيد بن معاوية سنة 64 فجاء إلى سليمان أصحابه وطلبوا الوثوب على عمرو بن حريث خليفة ابن زياد على الكوفة والطلب بثار الإمام الحسين (عليه السلام) فقال سليمان لا تعجلوا إني رأيت قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) هم أشراف الكوفة وفرسان العرب ومتى علموا ما تريدون كانوا أشد الناس عليكم ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم وكانوا جزرا لعدوهم بثوا دعاتكم ففعلوا واستجاب لهم ناس كثير بعد هلاك يزيد.... ولما أراد سليمان الشخوص سنة 65 هــ بعث إلى رؤوس أصحابه فأتوه فلما أهلّ ربيع الآخر خرج فلمّا أتى النخيلة دار في الناس فلم يعجبه عددهم فأرسل حكيم بن منقد الكندي والوليد بن عصير الكناني فناديا في الكوفة يا لثارات الحسين (عليه السلام)، فكانا أول خلق الله دعيا بذلك فاتاه نحو مما في عسكره، ثم نظر في ديوانه فوجدهم ستة عشر ألفا ممن بايعه فقال: سبحان الله ما وافانا من ستة عشر ألفا إلا أربعة آلاف!...... فقام إليه المسيب بن نجبة فقال: إنه لا ينفعك الكاره ولا يقاتل معك إلا من أخرجته المحبة فلا تنتظر أحدا وجد في أمرك قال: نعم ما رأيت، ثم قام سليمان في أصحابه فقال: أيها الناس من كان خرج يريد بخروجه وجه الله والآخرة فذلك منا ونحن منه، ومن كان إنما يريد الدنيا فوالله ما يأتي فيء نأخذه وغنيمة نغنمها ما خلا رضوان الله وما معنا من ذهب ولا فضة ولا متاع ما هو الا سيوفنا على عواتقنا وزاد قدر البلغة، فتنادى أصحابه من كل جانب: إنا لا نطلب الدنيا...)[6].

معركة عين الوردة:

جمع(رضي الله عنه) أصحابه في النخيلة، وفي 5 ربيع الثاني 65ﻫ انطلق بهم - وهم أربعة آلاف مقاتل - قاصداً الشام، فسلك بهم طريق كربلاء لزيارة قبر الإمام الحسين(عليه السلام)، وتجديد العهد معه.

وبعد كربلاء خرج إلى الأنبار، ثمّ إلى القيّارة وهيت وقرقيسيا، ثمّ إلى منطقة عين الوردة.

التقى جيشه بجيش عبيد الله بن زياد، الذي كان ذاهباً إلى العراق لإخماد الاضطرابات التي قام بها الشيعة ضدّ بني أُمية هناك، وكان هذا الجيش يبلغ عشرين ألفاً، ودارت هناك معركة كبيرة، وضرب فيها سليمان وأصحابه أروع أمثلة البطولة والصمود والتضحية[7].

شهادته:

ورأى سليمان(رضي الله عنه) ما لقي أصحابه فنزل ونادى: عباد الله من أراد البكور إلى ربه والتوبة من ذنبه فإليّ، ثم كَسَر جِفْنَ سيفه ونزل معه ناس كثير وكسروا جفون سيوفهم، ومشوا معه فقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة وأكثروا الجراح، فبعث الحصين الرجال ترميهم بالنبل واكتنفتهم الخيل والرجال، ....واستشهد سليمان رحمه الله في 25 جمادى الأُولى 65ﻫ، على أثر سهم أصابه به يزيد بن الحصين بن نمير بمنطقة عين الوردة، ودُفن بها، وكان عمره يوم أستشهد 93 سنة[8].

مجلة بيوت المتقين العدد (34)

 


[1] الجمل للشيخ المفيد: ص52.

[2] سورة الأحزاب: آية23.

[3] وقعة صفين لابن مزاحم المنقري: ص519.

[4] معجم رجال الحديث للسيد الخوئي: ج9، ص283.

[5] مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: ج3، ص241.

[6] أعيان الشيعة لسيد محسن الأمين: ج7، ص300.

[7] الكامل في التاريخ لابن الأثير: ج4، ص183.

[8] أعيان الشيعة لسيد محسن الأمين: ج7، ص301.