يستشكل جماعة من السلفية بأِنّ الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ميّت!! ثمّ يُحيه الله تعالى بعد موته، مستدلين برواية الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة، فقد رُوي عن أبي سعيد الخراساني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) لأي شيء سمّي القائم؟ قال (عليه السلام): «لأنّه يقوم بعدما يموت، إنّه يقوم بأمر عظيم، يقوم بأمر الله سبحانه»[1].
نقول: إنّ أغلب المتربِّصين بالمذهب الشيعي يأتون بنصوص الشبهة إمّا ببترها أو تدليسها، أو البناء عليها بروايات ضعيفة لا يعوّل بها؟ وقد علّق الشيخ الطوسي نفسه في كتاب الغيبة على هذه الرواية، ولكن السلفية لم ينقلوا تعليقه؛ لأنّه يكشف كذبهم وافترائهم!!
وقد علّق (رحمه الله) عليها في كتابه الغيبة (ص 84): إنّ احتجاجهم بما رُوي (من أنّ صاحب هذه الأمر يُحيى بعدما يموت، وأنّه سُمِّي قائماً؛ لأنّه يقوم بعدما يموت) باطل؛ لأن ذلك يحتمل -لو صحَّ الخبر- أن يكون أراد بعد أن مات ذكره حتى لا يذكره إلّا مَن يعتقد إمامته، فيظهره الله لجميع الخلق على أنّا قد بينّا أنّ كلّ إمامٍ يقوم بعد الإمام الأول يُسمَّى قائماً.
فيقصد بالموت هنا غيبة الإمام المهدي (عليه السلام)، وسُمِّيت بالموت مجازاً، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله): «وسُمِّي القائم قائماً؛ لأنّه يقوم بعد موت ذكره»[2].
فلا بدّ من وجود إمام قائم في هذا الكون لقول أبي عبد الله (عليه السلام): «لَو بَقِيَتِ الأَرضُ بِغَيرِ إمامٍ لَساخَت»[3].
وقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «اللَّهُمَّ إِنَّكَ لَا تُخْلِي الْأَرْضَ مِنْ قَائِمٍ بِحُجَّةٍ ظَاهِرٍ أَوْ خَافٍ مَغْمُورٍ لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُكَ وبَيِّنَاتُكَ»[4].
وأما مناقشة الرواية من ناحية السند فالرواية ضعيفة؛ بسبب ضعف عبد الله بن القاسم الحضرمي، الذي قال عنه السيد الخوئي في (معجم رجال الحديث، السيد الخوئي: ج11، ص304): قال النجاشي: (عبد الله بن القاسم الحضرمي المعروف بالبطل، كذّاب، غالٍ، يروي عن الغلاة، لا خير فيه، ولا يعتد بروايته)، وقال ابن الغضائري فيه الكلام نفسه.
المصدر: مجلة اليقين، العدد (65)، الصفحة (10).