السؤال: ما المقصود من الظلم في قوله تعالى: (لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
الجواب: قبل بيان ما هو المراد بالظلم في الآية المباركة نقول: إنّ من الأدلّة التي يحتجّ بها الشيعة الإمامية على عصمة الأئمّة قوله تعالى: (وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ)[1]. ويحتج الشيعة على عصمة الأئمّة (عليهم السلام) بقوله: (لَا يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ)، إذ إنّهم لا يظلمون أنفسهم ولا غيرهم، فهم ـ إذاً ـ معصومون.
معنى ذلك الظلم هو أنّ الإمامة لا تصلح لـمَن قد عبد صنماً أو وثناً أو أشرك بالله طرفة عين وإن أسلم بعد ذلك، والظلم وضع الشيء في غير موضعه، وأعظم الظلم الشرك قال الله (عزّ وجلّ): (إِنَّ الشِّرْكَ لظلم عظيم) (لقمان: آية12). وكذلك لا تصلح الإمامة لـمَن قد ارتكب من المحارم شيئاً صغيراً كان أو كبيراً وإن تاب منه بعد ذلك، وكذلك لا يقم الحد مَن في جنبه حد فإذا لا يكون الإمام إلّا معصوماً ولا تعلم عصمته إلّا بنص الله (عزّوجلّ) عليه على لسان نبيه(صلى الله عليه وآله)؛ لأنّ العصمة ليست في ظاهر الخلقة، فترى كالسواد والبياض وما أشبه ذلك وهي مغيبة لا تُعرف إلّا بتعريف علام الغيوب (عزّوجلّ)[2]. ولا يقال: إنّ هذا معارض بقوله تعالى: (وَقُلنَا يَا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنهَا رَغَدًا حَيثُ شِئتُمَا وَلَا تَقرَبَا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)[3].
فقد أكل آدم(عليه السلام) من الشجرة، فكان من الظالمين وآدم(عليه السلام) معصوم، فكيف دلّت آية ابتلاء إبراهيم على العصمة وآدم (عليه السلام) ظالم؟!
فنقول: إنّ الظلم الذي صدر من آدم (عليه السلام) كما في قوله تعالى: (وَقُلنَا يَا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنهَا رَغَدًا حَيثُ شِئتُمَا وَلَا تَقرَبَا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)[4]. فلم يكن الظلم الذي يقدح في العصمة، والذي يكون جرّاء المعصية؛ لأنّ التكليف كان إرشادياً ليس له إلّا التبعة التكوينية دون التشريعية، لاستلزام قبول التوبة فهو من باب ترك الأولى، ومع ذلك فإنّ دعاء إبراهيم كان لذريته وآدم ليس من ذريته إبراهيم.
مجلة اليقين العدد (66)