أقيلوا ذوي المروءات عثراتهم، فما يعثر عاثر إلا ويده بيد الله يرفعه

قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «أَقِيلُوا ذَوِي الْمُرُوءَاتِ عَثَرَاتِهِمْ، فَمَا يَعْثُرُ مِنْهُمْ عَاثِرٌ إِلاَّ وَيَدُهُ بِيَدِ اللهِ يَرْفَعُهُ»

أَقِيلُوا: فعل أمر بطلب الإقالة، والإقالة في اللغة رفع وإسقاط، وفي الشرع عبارة عن رفع العقد، أي إزالة القول السابق، أي فسخ البيع، فمثلاً إذا اشترى رجل سيارة، ثم لم تعجبه، فيرجع إلى البائع ويقول له: أقلني البيع، أي أريد فسخ البيع وإلغاءه، فإذا قبل البائع وفسخ البيع، يقال له: أقال المشتري.

أما في قول أمير المؤمنين (عليه السلام) فهو استعارة معناها: الغض عمّا صدر من أهل المروءة مسامحتهم وتجاهل أخطاءهم، فكأنَّه لم يكن صدر أيّ شيء منهم.

ذَوِي الْمُرُوءَاتِ: أي: أصحاب المروءات، وللمروءة عدة معانٍ:

1ـ الزمخشري في أساس البلاغة قال: هي كمال الرجولية.

2ـ ابن القطاع في كتاب الأفعال مَرُؤ) الرجلُ مُروءةً حَسُنت هيأتُه وعَفافُه عمالا يحلُّ له.

3ـ مجمع البحرين: هي آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات.

وفي الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام): «الْمُرُوءَةُ ـ وَاللهِ ـ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ خِوَانَهُ بِفِنَاءِ دَارِهِ» ثُمَّ قَالَ: «والْمُرُوءَةُ مُرُوءَتَانِ: مُرُوءَةٌ فِي الْحَضَرِ وَهِيَ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَلُزُومُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشْيُ مَعَ الْإِخْوَانِ فِي الْحَوَائِجِ وَالنِّعْمَةُ تُرَى عَلَى الْخَادِمِ فَإِنَّهَا تَسُرُّ الصَّدِيقَ وَتَكْبِتُ الْعَدُوَّ، وَأَمَّا فِي السَّفَرِ فَكَثْرَةُ الزَّادِ وَطِيبُهُ وَبَذْلُهُ لِمَنْ كَانَ مَعَكَ وَكِتْمَانُكَ عَلَى الْقَوْمِ أَمْرَهُمْ بَعْدَ مُفَارَقَتِكَ إِيَّاهُمْ وَكَثْرَةُ الْمِزَاحِ فِي غَيْرِ مَا يُسْخِطُ اللهَ تَعَالَى»[1].

العثرة: الزلّة يقال: عثر به فسقط.

يد الله: تعبير مجازي أي معونة الله تعالى ونصرته.

المعنى العام:

غُضُّوا عمّا صدر من أهل المروءة، فما يعثر أحدهم إلاَّ ومعونة الله، ونصرته من وراءه تنهضه من سقطته وتقيله من عثرته، فهم مؤيدون بتأييد الله تعالى لقربهم منه بسبب أعمالهم الحسنة.

مجلة ولاء الشباب العدد (67)

 


[1] وسائل الشيعة، الحرّ العاملي: ج11، ص436.