تحريف الأديان بنحو مهين

ومن الملفت للنظر أنه قد حصل بسبب تحريف تلك الأديان من التعدي على مقام الله عز وجل، وعلى الوسائط بينه وبين خلقه - من الرسل والأوصياء (صلوات الله عليهم) - وعلى تشريعاته القويمة، ما ترفضه العقول وتأباه النفوس بفطرتها. بل يندى له الجبين وتقشعر لبشاعته الأبدان.

إلا أن ذلك وحده لا يكفي في وضوح بطلان ذلك وتكذيبه، وظهور الحقيقة، وتنزيه تلك الأديان، إذا لم تكن هناك ثقافة سليمة متكاملة ذات قواعد وأصول محكمة متينة، وكان لتلك الثقافة دعوة مسموعة يلجأ إليها طالب الحقيقة.

وبدون ذلك يبقى الإنسان الذي يحترم نفسه، ويعتز بعقله، ويستضيء به، مذبذبا بين الدعاوى المتناقضة للأديان المختلفة غير الخالية في نفسها عن السلبيات المذكورة، حتى قد يرفضها جميعاً ويكفر بها، ويلجأ للثقافة المادية الصرفة، أو يعتنق بعض تلك الأديان بمجرد الانتساب تقليداً للآباء، من دون إيمان حقيقي متركز في أعماق النفس ودخائلها.