الكون بما فيه متغير في كل خصوصياته وحالاته، والإنسان شيء في هذا الكون يؤثر ويتأثر، وهدفه في هذه الحياة طلب الكمال وإنشاد السعادة، وللوصول لهذه الغاية مرهون بنظم أمره، واستخدام عقله، فهو يتحرّى الأفضل، وينشد الأكمل دائماً، فهذا أمر مودع في غريزته، ومركوز في فطرته التي فطره الله عليها، والإنسان يملك القدرة على التغيير وهو ما ينسجم وتوجيه الله سبحانه في آيات كثيرة في كتابه الكريم، فهو دائم الطلب للتغير في حياته نحو الأفضل إذ مفهوم التغيير: (هو عملية تحول من واقع يعيشه الإنسان إلى حاله منشودة يرغب فيها)، والتغيير الحقيقي لا يأتي إلا بالمعرفة والحركة المنسجمة مع تلك المعرفة وبأدوات صحيحة فلا تغير بلا سعي.
والإنسان يحتاج إلى إرادة قوية ويحتاج إلى عزم وتصميم على التغيير، وأن يربي نفسه على العزم والتصميم على أن يغير مساره، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (أحمل نفسك لنفسك، فإن لم تفعل لم يحملك غيرك)[1].
إن النفس إذا كانت ذات همّة فإنها ستصبح قادرة على تغيير ذاتها وتغيير الآخرين، لاسيما إذا كانت تستمد مكانتها وهمّتها من الله سبحانه وتعالى، فإذا عظم الله في نفس الإنسان صغر ما دونه في عينه، وما على الإنسان إلا أن يبادر بخطوة يتقدم بها نحو مسار التغيير حِينَئِذٍ يتحقق التغيير.
ومن هنا نجد النبي يوسف (عليه السلام) حينما أُخرج من السجن، وواجه الملك (قَالَ اجْعَلْنيِ عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إنّيِ حَفِيظٌ عليم) وكان ذلك بداية صعوده سُلّم القيادة، وتبوّئه العرش في مصر، ولأجل أن تصل لهذه المكانة لابد من:
- معرفة بنفسك وقابلياتها
- تحديد هدفك
- السعي من أجل تحقيق الهدف
إن الشخص الناجح هو الذي يبرز بين الجمهور ويبرهن أنه يملك مجموعته الخاصة من القيم، وحساً قوياً باحترام الذات، لا تزلزله رياح الأفكار المتصارعة، ولا تجرفه تيارات مختلف البدع، يظل هو راسخ القدم، وهذا هو الجزء الأكبر من مقوّمات الشخصية، لذا ورد عن الإمام علي (عليه السلام): (المرء حيث اختار لنفسه إن صانها ارتفعت، وإن ابتذلها اتضعت)[2].
وهذا يعني أمرين:
- الترفع عن سفاسف الأمور والتوافه، وضرورة تزكية النفس دائماً.
- أن يطلب الإنسان لنفسه مكانة تليق بها من حيث الموقع، والمكانة والدور اللذين يختارهما لها.
ما هي ستراتيجية التغيير المتكامل:
لتخطي الحواجز التي تمنعك من التغيير والوصول لأهدافك يجب أن تدرك بوجود قوة في أعماقك، وأن تثق ثقة مطلقة بأنك ستصل إلى هذه القوة، وما عليك إلا أن تقرر بداية عملية التغيير للوصول للهدف الذي رسمته لنفسك وأن تشعر بالمسؤولية تجاه ما قررت القيام به وهذا يتطلب صبرا والتزاما مع كونك شديد الاعتقاد في قدرتك على التغيير وكن إيجابياً في توقعاتك وانك تستحق أن تتغير إلى الأفضل و انك جدير بالتغيير.
قصة هدية الملك:
يُحكى أن في أحد البلدان كان هناك ملكاً حكيماً أراد أن يختبر سلوك شعبة فأمر أحد حراسة بوضع حجر كبير وثقيل فى وسط أحد أكبر الطرق الرئيسية فى البلد وكلف حارس آخر أن يراقب ردود أفعال المارين سراً دون أن يلاحظ أحد.
مرت الأيام ومر العديد من الأشخاص من الطريق، انزعجوا كثيراً من مكان الحجر وأخذوا يتذمرون قائلين: لماذا لا تهتم الحكومة بالطرق وتقوم بإزالة هذا الحجر، لماذا لا يهتم المسئولون بنا، ولماذا يتركوا هذا الحجر يؤذينا وسط الطريق، ولكن لم يحاول أي شخص رفعه و إزاحته من مكانة واكتفوا فقط بالتذمر والشكوى.
حتى جاء رجل فرأى الحجر وقام ببساطة ببذل بعض المجهود البسيط لإزاحة الحجر من مكانة ووضعه في جانب الطريق حتى لا يؤذي المارة، وبمجرد أن أزاح الحجر وجد مكانه قطعة ضخمة من الذهب ومعها ورقة مكتوب عليها هذا الذهب يقدمه الملك هدية لمن يهتم بإزاحة الحجر.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (47)