آداب الضيّف في الإسلام

تناولنا في الصفحات السابقة آداب الضيافة في الإسلام، وما ينبغي أن يقوم به المضيف، وما له من الأجر، وما للضيافة من الأثر الكبير في نشر الأخوّةِ والحبِ والوئام، وبقي علينا أن نتكلم عن الآداب الخاصة بالضيف نفسه الذي يزور إخوانه وينزل عندهم، أو يستجيب دعوتهم وما ينبغي مراعاته والالتزام به فمن تلك الآداب المهمة للضيف.

1. أن يستجيب لدعوة المؤمنين: فإن تلبية الدعوة مستحبة، بل إنها من حق المسلم على أخيه المسلم كما عدها الإمام الصادق(عليه السلام) حيث روي عنه(عليه السلام): (من حق المسلم على أخيه أن يجيب دعوته)[1].

وهي تعبير عن إكرام الداعي، واعتزازٌ بإخوته وقبولٌ لمبادرته وتشجيعٌ وإعانةٌ، وقد بيّن الإمام الحسين(عليه السلام) ذلك بقوله: (مَن قَبِل عطاءَك، فقد أعانَكَ على الكرم)[2].

كما إنها وصية الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله) ففي الرواية عنه(صلّى الله عليه وآله): (أوصي الشاهد من أمتي والغائب أن يجيب دعوة المسلم، ولو على خمسة أميال فإن ذلك من الدين)[3].

وعدم استجابة الدعوة تعد من الجفاء، قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): (ثلاثة من الجفاء... أن يُدعى الرجل إلى طعام فلا يجيب، أو يجيب فلا يأكل)[4].

2. الحضور في الوقت المناسب: فلا يتأخر الضيف في اجابة الدعوة لكي لا يطول الانتظار على صاحب الدار أو على ضيوفه الآخرين كما لا ينبغي له أن يأتي عاجلاً إذا كان هنالك موعد مقرر، فيفاجئ صاحب الدار قبل تمام الاستعداد لاستقبال ضيوفه، فإنّ في كلّ ذلك إحراجاً للمضيّف.

3. أن يجلس في المكان الذي يأمره صاحب البيت بالجلوس فيه: لأن صاحب البيت أدرى ببيته من الضيف وكذلك هو أعرف منه بعوراته، قال الإمام الباقر(عليه السلام): (إذا دخل أحدكم على أخيه في رحله، فليجلس حيث يأمر صاحب الرحل، فإن صاحب الرحل أعرف بعورة بيته من الداخل عليه)[5].

4. مراعاة الأدب في محلّ الضيافة: وهو أن يتحلّى بالفضائل، ويربأ بنفسه عن الرذائل، فقد قال الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله): (شرُّ الناس، مَن أكرمه الناس اتّقاءَ شرّه)[6]، وإلاّ فقد دخل على مضيفه بالشرّ لا بالبركة، ويخرج بالذنوب لا بالمغفرة.

5. التخفيف على المضيف: فلا يثقله بكثرة الطلبات، فربما أحرجه في تهيئتها، وربما عجز عن ذلك لفقر أو سبب آخر.

6. أن لا يُكثر النظر إلى الموضع الذي يخرج منه الطعام: فإنّه دليل الشره وخسة النفس، وأن لا يشقَّ الضيف على صاحب الدار وينظر إلى نوع وكمية الطعام، فإن ذلك دليل سوء نية الزيارة، إذ يفهم أنها قصدت لقضاء شهوة البطن، لا لصلة الإخوان والأرحام، أو لاستجابة دعوة المؤمنين.

7. عدم احتقار ما يقدمه إليه أخوه المؤمن: فليس الغاية من الزيارة الأكل والشرب، وإنما الغاية التقرب والألفة والمحبة.

8. عدم أكل طعام الفاسقين: فعن أبي ذر عن النبي(صلّى الله عليه وآله) في وصية له قال: (يا أبا ذر لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقيّ، ولا تأكل طعام الفاسقين)[7].

9. يكره إجابة من يشهد وليمته الأغنياء دون الفقراء، فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام)  أنه قال: (نهى رسول الله(صلّى الله عليه وآله) عن وليمة يخص بها الأغنياء ويترك الفقراء)[8].

10. أن يدعو لصاحب البيت بعد الانتهاء من الطعام: فقد وردت في الروايات العديد من الأدعية التي من المناسب للضيف أن يدعو بها ففي الرواية أن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) إذا طعم عند أهل بيت قال(صلّى الله عليه وآله): (طُعِمَ عندكم الأخيار)[9]، وكان الإمام الصادق(عليه السلام) يقول بعد أن يحمد الله: (أكلَ طعامك الأبرار، وصلّت عليك الملائكة الأخيار)[10]، فإنّها من مظانّ استجابة الدعاء، ومهبط الخير، ومنزل الرحمة على الضيوف والمضيف جميعاً.

11. أن يقابل الدعوة ويردها: من المستحَسن أن يدعو الضيف مضيّفه ليكرمه، ويجازيه، ويكافئه على حسن ضيافته.

12. أن يحفظ سر مضيّفه: فان على الضيف أن يحفظ أسرار مضيفه الذي أكرمه وائتمنه في بيته، فلا يجوز له أن ينقل ما اطّلع عليه من خاصة شؤونه وما كتمه على الناس، فإنّ إذاعته من الخيانة، وربما كان في بعض الإفشاء هتك للحرمات.

13. عدم اصطحاب من لم يدعَ للضيافة: فإذا دعيت إلى وليمة فلا تحضر معك أحداً من غير إذن صاحب الدعوة، حتى لو كانوا أبناءك.

 


[1]     وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج24، ص270.

[2]     بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج68، ص357.

[3]     الكافي، الشيخ الكليني: ج6، ص274.

[4]     بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج72، ص447.

[5]     المصدر السابق: ج72، ص451.

[6]     مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي: ص433.

[7]     وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج24، ص274.

[8]     المصدر السابق: ج24، ص300.

[9]     المحاسن، الشيخ أبي جعفر أحمد بن محمد البرقي: ج2، ص439.

[10]    المصدر السابق.