قبل الحديث عن هذا التدريب تجدر الإشارة إلى أسباب التّفكير السّلبي عند الإنسان، فإن معرفة الأسباب يكون دافعاً لعلاجه، واستبداله بأسباب ودوافع التفكير الإيجابي.
الأسباب التي تدفع بالإنسان إلى التفكير السلبي كثيرة، منها:
1- ضعف الثّقة بالنّفس، فإن ذلك يجعل الإنسان يشعر بالعجز الشخصي والاجتماعي، وغالباً ما تكون للحالة العاطِفيّة والانفعاليّة انعكاساتها السلبية على الإنسان فيشعر بضعف الثقة بنفسه، وبالتبع كلّما كانت شخصيتُه غير راكدة، ويشوبها التردد والإحجام أحياناً كلما ساعد في بناء الاتجاه السلبي في التفكير لديه.
2- من الوارد جداً أن بعض المواقف والحالات التي يمر بها أحدهم تكون سبباً لأنْ ينشأ عنده فِكر سلبي، إذ تترك في نفسه انطباعاً سلبياً استجابة لذلك الموقف أو الحالة، فإذا تعرّض الشخص لموقف انتقاد أو استخفاف أو انزعاج وما شابه ذلك، فإنه تتفعّل الطاقة السلبية في نفسه، خصوصاً إذا كان ذلك يحصل أمام الناس.
3- بعض الناس عندهم حساسيّة مبالغ فيها، خصوصاً في التّعامُل مع المواقِف المُحرِجة التي يواجهونها، وهذه الحساسية تكون سبباً في وجود التفكير السلبي.
4- الرواسب المتكدسة من مواقف وحالات سلبية سابقة، وربما تكون حادثة للشّخص منذ أن كان صغيراً، ولم يستثمر الحياة ليتخلص منها وأثارها، فتؤثر على تفكيره بصورة سلبية.
5- المُقارنة بين شخص وبين الآخرين، بطريقة تفضيل الآخرين عليه، والحكم عليه بالقصور والسلبية، والتركيز على الأخطاء ومواطن الضَعف لديه، وتجاهُل موارد الصحة والإيجاب.
6- التأثر بالأصدقاء الذين يعيشون حالة التفكير السلبي، فإن لهم خاصية التأثير على الصديق والزميل والصاحب من هذه الناحية، خصوصاً إذا كان الشخص المتأثر شديد الاهتمام لسلوك وكلام الآخرين.
7- التأثُر بوسائل الثقافة والإعلام والنشر، فمن الناس من يجعل اهتمامه بها مبالغاً، متجاهلاً أن ما يشاهده من الأفلام والمسلسلات، وما يطّلع عليه من ثقافات وسلوك في الكُتب والمقالات، وما يسمعه من أخبار، كل ذلك له هدف التأثير في المشاهد والسامع، فإذا كانت تحمل أفكاراً سلبية فإنها تنقلها إلى العنصر المتأثر.
تدريب سهل للتخلص من التفكير السلبي
تدريب عملي سهل جداً، وبقدر ما هو سهل هو ذو فاعلية وأثر على الإنسان من هذه الناحية، ويتكون من أربع خطوات:
الخطوة الأولى: مراقبة النفس ولو لوقت قصير، وذلك للحصول على تشخيص نوع التفكير الذي يسيطر على النفس، هل هو سلبي أم إيجابي؟ وأكيداً سوف يحصل تشخيص؛ لأن كل إنسان يعرف نفسه وأفكاره هل هي سلبية أم إيجابية.
الخطوة الثانية: تهيئة ورقة بيضاء، أضع لها رقم (1)، أكتب فيها أي فكرة سلبية عرضت في ذهني لموضوع معين، أو حل لمشكلة ما، أو فكرة سلبية لسلوك أريد أن أقوم به، أو لمشروع أريد إنشاءه، سواءً كان على النحو الشخصي، أو الاجتماعي، أو العملي، أو الدراسي، أو العاطفي، وغير ذلك من الأنحاء.
الخطوة الثالثة: تهيئة ورقة ثانية، أضع لها رقم (2)، أكتب فيها الأفكار الإيجابية التي تقابل تلك الأفكار السلبية التي سجلتها في الورقة رقم (1)، فإن لكل مشروع أو مشكلة على الأقل طريقان في القيام به أو حلّها، أحدهما سلبي، والآخر إيجابي.
الخطوة الرابعة: أعمد إلى الورقة رقم (1) التي سُجِّلت فيها الأفكار السلبية وأمزّقها قطعاً صغيرة، وتبقى عندي الورقة رقم (2) ذات الأفكار الإيجابية.
هذه الخطوات أكررها كلما عرض عليَّ موضوع أو مشكلة تتطلب مني حلاً أو سلوكاً، فإذا حدثت مشكلة ما أقوم بتهيئة الورقتين (1و2) وأسجل الحلول المحتملة أو المقترحة - بعد تشخيص السلبية والإيجابية - وتجري الخطوات السابقة حسب الترتيب.
أخيراً أقوم بقراءة الورقة رقم (2) بصوت واضح، هذا يساعد على تركيز هذه الأفكار في العقل الباطن - الذي هو أحد دوافع التفكير عند الإنسان - وتعويده على إمداد التفكير بمعانيها، حيث أن الكلمات الإيجابية المسموعة يحوّلها العقل إلى مشاعر، والمشاعر بدورها تتحول إلى سلوك، وبهذه الطريقة يستطيع الإنسان من إيقاف أو الحد من التفكير السلبي بنسبة عالية جداً، تؤهله ليكون شخصاً موسوماً بالإيجابية.
والأفضل قراءة ورقة الإيجابيات رقم (2) قبل النوم الذي هو الوقت القريب من تنشيط العقل الباطن ليبرمج أفكاره حسب المفهوم الإيجابي. (عن إحدى مدربات التنمية البشرية)
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (65)