إن السمع مِن النعم العظيمة التي امتن بها الخالق عز وجل على عباده، وقد ذكر ذلك في آيات كثيرة، جمعها العلماء في 17 آية في كتاب الله تعالى مقرونة غالباً بنعمة البصر، ومنها قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾[1]، وقوله عز وجل: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيراً﴾[2]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ﴾[3]، وغيرها الكثير من الآيات الكريمة.
والإنسانُ يتجاوَب مع الوسط الذي يعيش فيه، ويتفاعل معه بصورة تدعو إلى الانسجام والراحة والاطمئنان، ولا يكون ذلك إلا عن طريق الحواس التي من ضمنها السمع وهو هبة الله لعباده، وحيث جعل الله كل إنسان مسؤلاً عن جوارحه وحواسه كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً﴾[4].
لذا ينبغي للمؤمن أن يلتزم بتعاليم الإسلام التي تصونه من الوقوع في مخالفة الأحكام والآداب الإسلامية والتي منها:
1- أن يعلم الإنسان أن سماع الصوت نعمة من الله عز وجل أنعمها عليه وقد يسلبها منه، فلا يعصي الله بها، وعليه أن يؤدي شكر هذه النعمة.
2- أن لا ينقل الإنسان ما يسمعه من كلام سيء للآخرين فيكون من اللذين قال الله تعالى في حقهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[5].
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): (ألا من سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها)[6].
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا لم تكن عالماً ناطقاً فكن مستمعاً واعياً)[7].
3- حاول أن تعوّد أذنك الاستماع إلى الحكم والمواعظ وذكر الله وصوت القرآن وفضائل
أهل البيت (عليهم السلام) حتى يشتاق لها سمعك بين فترة وأخرى، قال أمير المؤمنين(عليه السلام): (رَحِمَ اللَّه امْرَأً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى)[8].
وعنه (عليه السلام): (سامع ذكر الله ذاكر)[9].
وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام): (لكل شيء فاكهة، وفاكهة السمع الكلام الحسن)[10].
عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حق الإمام علي (عليه السلام): (... ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع)[11].
4- لا تستمع إلى كلام اللهو وكلام المعصية والغناء والغيبة وعوّد سمعك بغض ذلك الصوت، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (سامع هجر القول شريك القائل)[12].
وعنه (عليه السلام): (سامع الغيبة أحد المغتابين)[13].
وحاول أن تمتع الكلام في الغيبة بتغيير الموضوع إلى أمر خير أو الخروج من المكان وكذلك بالنسبة لصوت الموسيقى والغناء.
5- الصبر عند الاستماع لأصحاب العاهات وعدم التضجر، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إسماع الأصم من غير تضجّر صدقة هنيئة)[14].
6- النظر للمتحدث وتركيز العين عليه لتشعره باحترامك وتقديرك .
7- عدم مقاطعة المتحدث والتركيز والانصات جيداً.
8- الجلسة الصحيحة التي تعكس اخلاقك واحترامك للمتحدث.
9- المشاركة في ادامة الحديث النافع عن طريق التفاعل مع محدثك.
[1] سورة الملك: 23.
[2] سورة الإنسان: 2.
[3] سورة الأنعام: 46.
[4] سورة الإسراء: 36.
[5] سورة النور: 19.
[6] البحار: ج72، ص213.
[7] غرر الحكم: ص43، ح83.
[8] نهج البلاغة: ص103.
[9] غرر الحكم: ص188، ح3622.
[10] البحار: ج75، ص160.
[11] البحار: ج38، ص196.
[12] (غرر الحكم: ص223، ح4491.
[13] غرر الحكم: ص221، ح4445.
[14] البحار: ج71، ص388.