آداب السلام في الإسلام

جعل الله عزوجل السلام هدف الإسلام، وغاية من غاياته في الأرض، ودعا إليه وإلى إفشائه بين الناس، فقال على لسان رسوله(صلّى الله عليه وآله): (يا أيها الناس أفشوا السلام)[1]، وعن الإمام الباقر(عليه السلام): (إن الله يحب إفشاء السلام)[2].

وضمّن الله تعالى  السلام للناس بما شرعه من مبادئ، وبما رسمه من خطط ومناهج، وبمن بعثهم من أنبياء وأوصياء(عليهم السلام)، وبما أنزلـه من كتب، فهو تعالى مصدر السلم والسلام، واسم من أسمائه تعالى ذكره، قال الإمام الباقر(عليه السلام) :
(إن السلام اسم من أسماء اللـه عزوجل)[3].

وأراد بذلك أن يدرّب المسلم تدريباً عملياً على مبادئه الإنسانية العليا، فقد أراد ألا تكون مبادؤه وقيمُه الاجتماعية مجرد شعارات أو نداءات، بل جعلها من صلب العقيدة الإسلامية، ولم يكن مجرد شعار أن الإسلام دين السلام، بل هو عقيدة وسلوك وعبادة نتعبد بها لله تبارك وتعالى، فجعل (السلام) شعاراً لـه واختاره تحية للمسلمين.

وأكدت الروايات على إفشاء السلام بين الناس لما له من الأثر البالغ في المجتمع والنفوس حتى قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): (أولى الناس بالله وبرسوله من بدأ بالسلام)[4].

وعنه(صلّى الله عليه وآله): (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم وليصافحه، فإن الله تعالى أكرم بذلك الملائكة فاصنعوا صنع الملائكة)[5].

وعنه(صلّى الله عليه وآله): (إذا التقيتم فتلاقوا بالسلام والتصافح، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار)[6].

للسلام جملة من الآداب ينبغي مراعاتها منها:

1. ابتداء السلام: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): (السلام سبعون حسنة، تسع وستون للمبتدئ وواحدة للرادّ)[7].

2. السلام على من لقيت: قال الإمام الصادق(عليه السلام): (من التواضع أن تُسلّم على من لقيت)[8].

3. من يبتدئ السلام؟: عن الإمام الصادق(عليه السلام)  قال: (يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، وإذا لقيتْ جماعة جماعة سلم الأقل على الأكثر، وإذا لقي واحد جماعة سلم الواحد على الجماعة)[9].

4. ثواب السلام: عن الإمام الصادق(عليه السلام): (من قال -سلام عليكم- فهي عشر حسنات، ومن قال -سلام عليكم ورحمة الله- فهي عشرون حسنة، ومن قال -سلام عليكم ورحمة الله وبركاته- فهي ثلاثون)[10].

5. كفاية سلام الواحد من الجماعة ورده: قال الإمام الصادق(عليه السلام): (إذا سلَّم الرجل من الجماعة أجزأ عنهم، وإذا سلم على القوم وهم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم)[11].

6. آثار المصافحة: وقال الإمام الصادق(عليه السلام): (تصافحوا، فإنها تذهب بالسخيمة) (والسخيمة: الحقد في النفس)، وعنه(عليه السلام): (مصافحة المؤمن أفضل من مصافحة الملائكة)[12].

7. تحاتُّ الذنوب بالمصافحة: قال الإمام الباقر(عليه السلام): (إن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا، أدخل الله تعالى يده بين أيديهما. وأقبل بوجهه على أشدهما حباً لصاحبه، فإذا أقبل الله تعالى بوجهه عليهما، تحاتَتْ عنهما الذنوب كما يتحاتُّ الورق من الشجر)[13].

8. آثار معانقة المؤمن: قال الإمام الصادق(عليه السلام): (إن المؤمنين إذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلا وجه الله، ولا يريدان غرضاً من أغراض الدنيا، قيل لهما: مغفور لكما فاستأنفا)[14].

9. من آداب المجلس: قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): (إذا قام أحدكم من مجلسه فليودعهم بالسلام)[15].

10. فرار الشيطان: قال الإمام الصادق(عليه السلام): (إذا دخلت منزلك فقل (بسم الله وبالله)، وسلّم على أهلك، فإن لم يكن فيه أحد فقل بسم الله، وسلام على رسول الله(صلّى الله عليه وآله) وعلى أهل بيته، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قلت ذلك فرّ الشيطان من منزلك)[16].

 


[1] الطبقات الكبرى، ابن سعد: ج1، ص235.

[2] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج75، ص181.

[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج7، ص269.

[4] الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص644.

[5] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج73، ص28.

[6] مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي: ص345.

[7] المصدر السابق: ص346.

[8] الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص646.

[9] مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي: ص346.

[10] مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي: ص346.

[11] المصدر السابق: ص346.

[12] وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج12، ص219.

[13] الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص179.

[14] وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج12، ص231.

[15] مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي: ص347.

[16] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج73، ص11.