ربما سبق لكل واحد منا في بعض المحاورات أن المقابل لا يعيرنا اهتمامه الكامل، ولا شكّ أنّنا ننزعج من هذا التصرّف، ومع الأسف الشديد، نحن نجد انتشاراً لهذه الظاهرة، وأنّ الأشخاص من هذا النوع ليسوا بالقليلين، قياساً بالذين يستقبلون المتكلم ويسمعون حديثه باهتمام، لا سيّما مع اقتحام الهواتف الذكية حياتنا، حيث من الصعب على الشخص اليوم أن يكون حاضرًا تمامًا في حوار أو محادثة ما مع الآخرين.
إننا نحاول - وإن كان ذلك صعباً - أن نجد العلاقة الإيجابية بين عالمنا الحقيقي وبين العالم الافتراضي الذي يملأ أوقاتنا ويسرقها بالرسائل والصور والتنبيهات على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي جميع مرافق الحياة تقريباً، ففي كل مقهى وشارع ومحل تجاري ترى الناس الجالسين معًا على الطاولات وهم يحدّقون ببلاهة في شاشات هواتفهم بدلاً من التحدّث مع الشخص الجالس معهم!
ما هي قوّة الحضور؟
ثمة فكرة خاطئة عن معنى "قوّة الحضور"، وهي أن نبدو بمظهر الأشخاص الرائعين الذين يمتلكون شخصية رائعة تجعل كلّ الحضور من حولهم يعيرونهم انتباههم وينجذبوا إليهم، وهي فكرة خاطئة كما قلنا، والصحيح أن قوة الحضور هي أن نجعل الشخص الذي أمامنا يشعر بأنه إنسان رائع! الحضور القويّ الحقيقي يُشعر الطرف الآخر بعد انتهاء الحوار أنّه شخص مهمّ، ويمنحه انطباعًا أفضل عن نفسه.
نصائح لتحقيق قوّة الحضور
1- اجعل بداية قوّة الحضور في عقلك، ولتحقيق ذلك ركّز على حواسّك الجسدية التي غالبًا ما تتجاهلها، قد يكون ذلك عملية تنفّسك، أو إحساسك بقدميك وهما تلامسان الأرض،... الخ. ليس عليك قضاء الكثير من الوقت في هذا النوع من التأمل، فبضعة ثوانٍ كافية لإعادتك إلى حالة الاهتمام بالمتكلم.
2- الحرص على الراحة في الجلوس، احرص دومًا على أن تفعل كلّ ما يمكنك فعله لتكون مرتاحًا من جميع النواحي. اختر من الثياب ما يناسبك، ففضلاً عن كونها وسيلة لتبدو بشكل أفضل، يسهم اختيار الثياب بشكل صحيح في جعلك تشعر بحال أفضل. ومن العوامل الأخرى التي تسهم في جعلك تشعر بالارتياح، أخذ قسط كاف من النوم، والتقليل من استهلاك الكافيين وتعديل درجة الحرارة من حولك (إن أمكن) إلى درجة مثالية تشعرك بالراحة.
3- اترك شاشة الهاتف جانبًا أثناء الحوار، لتتمتّع بحضور قويّ، فإن ذلك يساعد في تقليل رغبتك المتزايدة لتفقّد هاتفك في كلّ لحظة أثناء حديثك مع شخص ما، كما يقدم إشارة إيجابية للشخص الذي أمامك بأنّك توليه كامل اهتمامك بدل إشعاره بأن له شريك في إنصاتك.
4- التواصل البصري مع من تحاور، وتركيز النظر في عيني المتكلم، حيث لا تقتصر أهمية التواصل البصري على جعلك تبدو أكثر جاذبية، بل هي تحسّن من نوعية التواصل أيضًا وتجعل الطرف الآخر يشعر بوجود صلة خفية بينكما.
5- أظهر للمتكلم أنّك تستمع لما يقول بتمعن، وتعبر عن ذلك بهزّ رأسك إيجابًا. لكن ذلك لا يعني بالطبع أن تفرط في هزّ رأسك - مثلا - لتبدو لتشعره أنك تؤيد فكرته.
6- طرح الأسئلة للشخص الذي أمامك، ليشعر باهتمامك، خصوصاً الأسئلة التوضيحية التي تطلب فيها توضيح كلامه، مثل "هل هذا مقصودك؟" أو "هل فهمتك بشكل صحيح؟" فالناس بطبيعتهم يستمتعون بالتفكير فيما مرّ بهم من أحداث والإجابة عن أسئلة تتعلق بمشاعرهم تجاه ما مرّوا به من مواقف.
7- تجنّب التململ يعطي التململ إشارة لمحدّثك بأنك لست مرتاحًا وترغب لوكنت في مكان آخر بدل الحديث معه، الأمر الذي يشعر هذا الشخص بالسوء. تجنّب التنهّد أو النظر إلى الساعة عدّة مرات، أو حتى التجوال بنظرك في المكان لمعرفة ما يدور من حولك، فمثل هذه التصرفات تعطي إشارة قويّة أنّك لا تلق أهمية لما يقوله الشخص الذي أمامك، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع قوّة حضورك ويقلل من جاذبيتك.
8- تجنّب الاستمرار في التفكير بإجابات تردّ بها على محدّثك، والرغبة في أن تكون مستعداً دومًا للردّ بمجرّد أن ينهي الشخص الآخر كلامه أمر غير صحيح، نعم، انتظر لبضعة ثوان بعد انتهاء الكلام ثم تحدث، حيث أنّ الردّ في اللحظة التي ينهي فيها محدّثك كلامه يعني أنّك كنت تفكر في الإجابة أثناء حديثه ولم تكن منتبهًا تمامًا لما يقوله وهو أمر لن يسهم على الإطلاق في جعلك شخصًا ذو كاريزما.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (61)