المطلب الأساسي لجميع المجتمعات هو النهوض الشامل ونمو المجتمع وتحسين الأوضاع الخدمية والمعيشية والتربوية والاجتماعية وغيرها من المجالات، والإنسان هو العامل الوحيد الذي يؤثّر في تحقيق هذا النهوض، فالمجتمع كيان مركب من أفراد وأُسَر يعتمد عليهم في السمو به وتحسينه وتطويره، وتحصينه من المخاطر الداخلية والخارجية المحتملة، ومن الأساليب التي يمكن اتباعها لتحقيق هذا الهدف أسلوب العمل التطوعي.
وقد شجّع الإسلام على العمل التطوعي وحبب القيام به، قال تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ)[1].
والعمل التطوعي هو ذلك النشاط الفردي أو الجماعي الذي يقوم به الفرد باختياره دون تكليفٍ من أحد، ويعود بالنفع على المجتمع، ويتم العمل التطوعي بكامل إرادة الفرد لا يأخذ عليه مقابلاً مادياً أو ربحاً خاصاً، وإنّما يتحرّك الفرد من دافع الانتماء للمجتمع وتحمّل مسؤولية النهوض به وتطويره نحو الأحسن.
ومن ثمرات العمل التطوعي انتشار الجمعيات الخيرية أو المنظمات المدنية غير الربحية التي أخذت على عاتقها تنظيم العمل التطوعي للأفراد وتنظيم العلاقات مع كيان الدولة للحد دون انتشار الفوضى في المجتمع.
ونشير إلى أن العمل التطوعي وإن كان يأخذ من الإنسان وقتاً وجهداً، إلا أنه قد يكون في حاجة إليه لشؤونه الذاتية الخاصة، إضافة إلى أن المتطوّع يتحمل مسئوليّات مرهقة ويكون بعض الأحيان في مواقف حرجة، إلا أنه بالنظر إلى النتائج والمكاسب العظيمة التي لو أدركها الإنسان فسوف يستسهل تلك الصعوبات، ويستعذب ذلك العمل رغم كل المشاق.
ومن تلك المكاسب المهمة للعمل التطوعي:
أولاً: إن السعي في خدمة المجتمع وقضاء حوائج الناس يحقق راحة نفسية وسعادة معنوية كبيرة، فالإنسان لديه ميول ونوازع خيّرة، وبين جنبيه ضمير أخلاقي حسّاس، وإذا ما أنجز عملاً تطوعياً قدّم فيه خدمة للآخرين، ساعد به محتاجاً أو أعان ضعيفاً، أو ساعد مظلوماً فان ضميره الخيّر سوف يُشعره بالسعادة، ويُنعش احاسيسه النفسية، ويُشعره بالكثير من السعادة واللذة الروحية.
ثانياً: العمل الاجتماعي يُنمّي عند الانسان قدرات ذهنية ومهارات ومؤهلات سلوكية تزيد من نقاط قوة شخصيته، حيث يكسبه الخبرة والتجربة ويجعله أكثر معرفة وإحاطة بواقع المجتمع الذي يعيش ضمنه والظروف التي تكتنفه.
ثالثاً: وبمقدار ما يؤدي الانسان من دور اجتماعي يأخذ موقفاً وينال مكانة في وسط المجتمع وتتسع دائرة علاقاته وارتباطاته وتظهر مواهبه وكفاءاته.
رابعاً: إن وجود مؤسسات الخدمة الاجتماعية وارساء قواعد التعاون والتكافل الاجتماعي يُوفّران الاطمئنان في نفس الانسان على مستقبله ومستقبل ذويه فأنه معرض لحالات الضعف وحدوث المشاكل والمخاطر التي قد لا يستطيع مواجهتها بإمكانياته الذاتية فعمله هذا وأمثاله هو الذي يصنع الضمانات لتوفير الدعم والمساندة، عند الحالات الطارئة لأبناء المجتمع.
فاذا كنت مهتما بمستقبل ابنائك الصغار من بعدك فشارك في تلك المؤسسات لضمان نظام تكافل اجتماعي يوفر مستقبلاً يضمن لهم حياتهم ورعاية مصالحهم وذلك خير ضمانة لأطفالك لو احتاجوا الى الحماية والرعاية من دونك لا سمح الله.
خامسا: والانسان المؤمن يدفعه الى التطوع لخدمة الناس تطلعه الى ثواب الله تعالى وجزائه، حيث تؤكد النصوص الدينية، على ان خدمة الناس والسعي في قضاء حوائجهم من أفضل الاعمال التي تقرب الانسان الى ربه، وتوجب له المزيد من ثوابه ورضوانه.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (45)