تخضع كثير من التصرفات في حياتنا اليومية إلى عادات نمارسها يومياً، ربما بدأت بشكل إرادي لكنّها انتهت إلى شكل لا إرادي، فمّنْ اعتاد أن يفتح صفحات التواصل الاجتماعي في الدقائق الأولى من استيقاظه صباحاً أو يجلس متأملاً عند شرفة منزله، فإنّه مع تكرار هذا السلوك يومياً لن يخطر في باله أن يسأل نفسه إذا كان يريد أن يفعل ذلك أو لا، بل يكون ذلك عملية روتينية أقرب إلى اللاوعي اعتاد عليها ربما لأنّها توافق مزاجه لا أكثر.
إذاً العادات لها نوع تأثير على سلوكنا، بل على أفكارنا ـ كما سنبيّن ـ وهنا يكمن مصدر الخطر على شخصياتنا وعطائنا إذا كانت تلك العادات سيّئة أو غير صحيحة، فتكون سبباً رئيساً في انتكاس حياتنا، وتقف عائقاً أمام تحقيق أهدافنا.
وقد ذكر علماء الاجتماع والتنمية عادات تؤثر سلباً في شخصية الفرد ونتاجه وعطائه، نذكر منها:
أولاً: تعدد المهام: يسعى الكثير من الناس إلى القيام بأكثر من عمل ومهمّة في الوقت نفسه، وهي من أسوأ العادات التي تعيق النجاح؛ لأنّها تشتّت الانتباه وتربك التفكير، بالتالي تؤدي إلى قلّة التركيز وسوء الأداء.
وأيضاً فإنّ الإقدام على تنفيذ أكثر من مهمّة في وقت واحد من شأنه إهدار مزيد من الوقت.
ثانياً: متابعة رسائل برامج التواصل الاجتماعي: وتعتبر هذه العادة من العوامل التي تضيع وتهدر الوقت، وهو أمر منتشر في أغلب المجتمعات دون تنظيم، وكثير مَنْ يترك العمل أو التفكير ليتفقد رسائل الأفراد والمجموعات على الـ(واتس آب) أو الـ(تلكرام) وغيرها، مما يؤثر في تقصيره تجاه المهمّة التي يعمل عليها، لذلك يفضّل القيام بتحديد وقت محدد لتفقّد هذه الرسائل والردّ عليها كي لا تعطّل مهامك الرئيسة.
ثالثاً: ترك قول (لا أعلم، أو لا أدري، أو لا أقدر): لكلّ منّا طاقاته ومعلوماته واختصاصه، وليس من الصحيح تقمّص شخصيات الآخرين والنيابة عنهم في أعمالهم ومهامهم دون الإمكانات الكافية والخبرة المطلوبة، وغالباً تصدر هذه الممارسات من الأشخاص الذين لديهم حياء من الاعتراف بإمكاناتهم، بالتالي لا يكون العطاء بالمستوى المطلوب؛ لذا فالاعتذار عن القيام ببعض المهام أو الأعمال هو أمر مهم للغاية، فمن الخطأ جعل الآخرين يعتمدون على الشخص غير المناسب لعمل ما.
رابعاً: عدم متابعة النتائج: إنَّ ترك هذه الفقرة تجعل موقعك من المهمّة غير مستقر، ويكون العمل مشوشاً أمامك، ومن الممكن أن تستخدم العديد من تطبيقات الهاتف والتي تساعدك على الإحاطة يوميا بأهدافك، هذه التطبيقات تساعد بشكل رائع على معرفة النقاط التي تحتاج لبذل مجهود في الخطوات القابلة.
خامساً: الزهد بأوقات الراحة: لابدّ من متابعة احتياجات الجسم والعقل من العمل والراحة، فالحصول على راحة من التعب والإرهاق وسيلة فعالة لتنشيط العقل والجسم وحثّهم على المتابعة والاستمرار وإكمال المهام.
سادساً: العمل بدون نظام: النظام فقرة متفق عليها في إنجاز مشاريع جميع المجالات؛ لأنَّ النظام هو ما يضمن عدم هدر الوقت.
سابعاً: الحيرة والتردد: فهما يؤثران على الإقدام على المهمة، ويسيران بالشخص إلى الإحجام والتراجع.
ثامناً: الاقتصار على طريق واحد للإنجاز: وهذا يتعلّق بالوقت أيضاً، فربما يضع الشخص خطّة طويلة الأمد دون التفكير في احتمال وجود مختصرات أقل في الجهد والوقت، بالتالي سوف يهدر عنصر الزمن الذي هو أهم عناصر الإنجاز والإبداع، إذ إنَّه غير قابل للاسترجاع، وبناء عليه ينبغي البحث دائماً عن أقصر الطرق لأداء المهام بكفاءة.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (51)