هلْ أنتَ على أهبةِ الاستعداد لمعرفة نفسك؟ ولمعرفة ما تفكّر به حقيقة؟
هلْ تريد أنْ تنطلقَ إلى فضاءات جميلة وسهول خضراء ممتدّة مدَّ البصر؟
هلْ تعشق أنْ تنير مصابيحَ وهّاجة في مفترقات طرق حياتك؟
هل تريد أن تزرع ورود أملٍ وابتهاج في كلّ شِبْر منْ مسافاتك؟ والأهمُّ هلْ تعلم أيْنَ تجد القوّة الهائلة التي ستحقّق كلّ أمنياتك؟
إنّ القوّة التي ستحقّق هذه الأماني وتجعلك تلمس كلّ أمل داعب شَغافَ قلبك ومساربَ خيالك, هي قوّةٌ في داخلك بلْ تحتَ يديك ورهن إشارتك وأمرك
(أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر)
من يعرف معنى هذا الكلام يعرف قيمة نفسه الحقيقية التي هي أسُّ الثقة بالنفس وعلّة الرقي في مدارج النجاح.
للجواهر قيمة عظيمة مهما كانَ شكلها:
رفع المعلّم ورقة نقدية عالية القيمة، وسأل من يريدها؟ فرفع الجميع أيديهم لطلبها ..ثم كورها (جعلها كالكرة ) وعاد يسأل من يريدها؟ فرفع الجميع أيديهم كذلك ..ثم رماها على الأرض وسحقها بحذائه حتّى اتّسخت تماما" وسأل من يريدها ؟ فرفع الجميع أيديَهم بالموافقة على أخذها ....قال المعلّم الحكيم: هذا هو درسُكم اليومَ: وهو مهما قَسَتْ الظروف على هذه الورقة النقدية لمْ تسلبها قيمتَها ..وانتم كذلك فمهما تعرّضتم للنقد والتعثّر والإهمال والتهميش وقلّة المال وغيرها, يجب أنْ تؤمنوا أنّ قيمتكم الحقيقية لا تتغيّر ولنْ تتغير عندها فقط تستطيعون النهوض من جديد وتنفضون عن رؤوسكم غبار المصاعب وتقِفُون منْ جديد شامخين بعد كلّ سقوط ولو تكرّرَ السقوط, وستجبرون الجميع على الاعتراف بقيمتكم, ولكنْ متى فقدْتم ثِقتَكم بأنفسكم فقدتم كل شيء.
تعريف الثقة بالنفس:
هي إحساسُ الشخص بقيمة نفسه بين من حوله, فتصبغ هذه الثقة كلّ حركةٍ له وسَكَنَة, ويتصرّف الواثق بنفسه بشكْل طبيعي دون قلق أو رهبة فهو مَنْ يتحكم بسلوكه, وتكون تصرّفاته نابعة من ذاته, فيعيش انسجاماً داخلياً رائعاً بعكس من انعدمت ثقته بنفسه فيتصرّف وكأنّه مراقَبٌ مِن الغيْر فيحاول إرضاءَه ولو سبّب ذلك له الحرج وخالف طبيعته فيصبح القلق حليفه الأول في كل قرار أو اجتماع.
أسباب انعدام الثقة بالنفس :
1:ـ تهويلُ الأمور والمواقف بحيث تشعر بأن من حولك يركّزون على ضعفك ويتصيّدون أخطاءَك.
2:ـ الخوفُ والقلق من أنْ يصدر منك تصرّف مخالف للمألوف فيواجهك الآخرون بالْلَوم والنقد.
3:ـ إحساسُ الإنسان بأنّه ضعيف لايمكنه النجاح ولا يمكن أنْ يقدّم شيئاً للآخرين بل يشعر أنّه غير متميّز وغير نافع لهم وغالباً فإن من يعاني من هكذا تفكير هدّام ويرى نفسه حقيراً ويسرف في هذا التفكير في مخيلته سيتحوّل هذا التفكير إلى حقيقة مؤلمة, وللأسف ,وهذه أخطر المشاكل لأن الشعور بالحقارة يدمّر الشخصية الإنسانية ويدمّر كلّ طاقة إبداع فيها.
المعالجة وطرق اكتساب الثقة بالنفس:
1:ـ إيقاف عملية التحقير للذات مهما كان مصدرُها حتّى ولو جاءت منْ نفس الشخص بتكراره بعض الألفاظ المُوْحية والمعزّزة لعملية تحقير الذات مثل [أنا غبي ..أنا فاشل ..أنا ضعيف ..هذا قدَري ولنْ يتغيّر] فهذه من الأخطار الجسيمة على النفس وتحطمها من حيث لا تشعر.
2:ـ مراجعة تأريخ التجارب الفاشلة وتطويق تأثيرها النفسي وغلق النفس أمامَ النظرات السلبيّة والإحباط الذي يثيره المحيطون بك, ولا تُصغِ إليهم فإنّ الأواني الفارغة تحدث ضجّة أكثر من الأواني الممتلئة, وكذلك البشر لا يحدث ضجّة منهم إلّا ذوو العقول الفارغة فلا تضيّع وقتَك بالمجادلة معهم, والإيمان بأنّ لكلّ داء دواءٌ يشفيه, والثقة بالقابلية على التحسّن التدريجي والإيمان بأنّ الله لم يخلقنا عبثاً, بلْ لخلافته على الأرض, وجعل فينا من المؤهلات ما يكفي لهذه الخلافة.
3:ـ الإيمان بأنّ الثقة صفة مكتسبة لا وراثية, يمكن أنْ يمتلكها أيُّ إنسان, وعلينا المبادرة لتحقيق نجاح مهما قلَّت قيمته لخلق الثقة أو تعزيزها بالنفس.
4:ـ تذكر أنّك نسخة فريدة لنْ تتكرّر لذاتك ويمكن أنْ تقومَ بما لم يقم به أحد غيرك, فالمهمّ أنْ تضع يدك على المحراث ولا تلتفتَ إلى الوراء, ولا تدعَ اليأس يستولي عليك ..أنظر إلى حيثُ تَشرق الشمس كلّ فجر جديد ..ولنتعلّمَ منها الدرس الذي أراد الله منّا أنْ نتعلّمه إن الغروب لا يحول دون شروق جديد مرة أخرى في كل صبح جديد )).