ربما تكون الظروف التي يعيشها الإنسان خارج إرادته أو قدرته، وليس له فيها أي اختيار، ولكن تفكير الإنسان من الأمور التي يمكن التحكم بها، فإن أراد أن يحصل على نتائج إيجابية فلا بدّ أن يفكّر بطريقة إيجابية، وإلا فالنتائج تكون سلبية، تسلبه راحته واستقراره.
التفكير الإيجابي يولّد القوة والحزم؛ لأنه يركّز على صناعة الحلول لما يواجهه الإنسان في حياته، وبذلك يزداد ذلك الإنسان مهارة وثقةً وقوّةً.
والتفكير الإيجابي يولّد القرار الصحيح، لأن الإنسان يتحرّر فيه من قيود التفكير السلبي، والتي تتمثل بوسوسة النفس وتغرير الهوى لإتباع سلوك معين تجاه موقف ما، يشوبه التردّد وعدم الطمأنينة.
وهناك أشياء تؤثّر في التفكير الإيجابي، منها:
سماع وتحليل وجهات النظر الأخرى، فقد يكون الشخص إيجابياً في تفكيره لأنه تأثر بشخص آخر إيجابي أو نظرية أو برنامج.
ومنها: الوقت، فمثلاً تتجه سلوكيات الناس وتفكيرهم إلى الإيجابية في شهر رمضان أكثر من بقية الأيام، لأن هذا التوقيت يتميّز بوجود رابط روحي بين الناس وبين خالقهم، فيحسّنوا سلوكهم نحو الإيجابية.
ومن دواعي التفكير الإيجابي معاناة الإنسان في بعض المواقف، فبعض الناس عندما يصيبهم مرض خطير أو يفقد عزيزاً عليه أو أحد أعضائه، فإنه وإن كان يمرّ بعدة مراحل نفسية إلا أنها تنتهي بالتقبّل والتفكير الإيجابي والتسليم لإرادة الله في النهاية.
على أن أفضل ما يكون عليه التفكير الإيجابي هو ذلك الذي يكون صفة مستمرّة في جميع الأحوال، ويوصف الإنسان حينها بالإيجابي، وذلك لأنه لا يتأثّر بالمكان ولا الزمان ولا المؤثرات بل هو عادة يكون تفكيره سليماً ومنتجاً حتى مع حالك الظروف وأسوأ الحالات.
صفات الشخصية الإيجابية
إن الدين الإسلامي يُعدّ مصدراً هاماً في تغذية العقول بالتفكير الإيجابي، لما له من ارتباط بالحكيم القدير، فما من موقف أو أزمة يمرّ بها الإنسان إلا رسم له الإسلام معالم الطريق الصحيح، وبَعَثَ في قلبه الأمل والطمأنينة، فيسند تفكيره إلى ركن وثيق من المبادئ الفكرية المرتبطة بالعامل الروحي، لذا فإنك تجد الإيجابية بين يدي الرحمن جلّ وعزّ، وتجد ذلك الشخص الذي ارتبط بهذا البعد الروحي المهم يتميز بمستوى عالٍ من الإيجابية، وبعدة أمور أخرى، منها: العيش وسط أجواء من القيم والمبادي والمثل العليا مهما كانت الأزمات والمؤثرات والإغراءات.
ومنها: امتلاك الرؤية الواضحة للأشياء، فيعرف الشخص ما يريد على المدى القصير والمتوسط والبعيد وماذا يريد؟ ومتى يريد؟ مع وضوح خطط التنفيذ.
ومنها: التركيز على الحلّ عندما تحصل مشكلة، الشخصية الإيجابية تدرك أهمية التركيز على الموضوع الرئيس، وصرف الاهتمام عن غيره، فيصب اهتمامه على ما يريد.
ومنها: الاستفادة من التحدّيات والصعوبات التي تصاحب أو تواجه الحل المطلوب، دروساً نافعة في التخطيط للمستقبل.
ثم أنه توجد سبعة أركان أساسية تسمى الأركان السبعة للحياة المتزنة، وهي: الركن الروحاني، والركن الصحي، والركن الشخصي، والركن العائلي، والركن الاجتماعي والركن المهني، والركن المادي. فلو واجه الشخص الإيجابي تحدّياً مادياً أو مهنياً فلا يدع هذا التحدي يؤثّر على باقي الأركان.
إن الشخص الإيجابي لا ييأس ولا يفقد الأمل مازال هناك ساحة للحلّ، فهو يدرك أنه لولا سعة الأمل لضاقت الحياة، وأنه بدون الأمل يضيع الإنسان ويقع في مطبّات التحديات والتفكير السلبي.
كما أن الشخص الإيجابي يكون شخصاً اجتماعياً محبّباً إلى القلوب، وهو يحترم الآخرين، ويتعامل معهم بتقبّل تام دون المحاولة في التحكم فيهم أو استغلالهم.
وأخيراً نقول لكل إنسان سالم التفكير: حياتك هي انعكاس لأفكارك وقراراتك واختياراتك، حتى لو لم تكن مدركاً لذلك، وشعورك بالمسؤولية تجاه حياتك هو بداية الطريق إلى التغيير والتقدم والنمو.
ثمّة قوىً ثلاثة هي أسس التفكير الإيجابي، ولو فقد أحدها يكون الإنسان عرضه للتفكير السلبي وهي تتمثّل في:
(القرار) و(الاختيار) و(المسؤولية)، ولا يمكن الاستغناء عن أي جزء من القوى الثلاثة، ولو حدث ذلك تكون النتيجة هي الخروج عن الاتزان والشعور بالضياع، والوقوع في مطبّ القتلة الثلاثة (فتلوم وتنقد وتُقارن) وتصبح أفكارك سلبية.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (40)