لو توفّرت للمرء كلُ عناصر التفوق والابداع والنجاح؛ فيمكنُ أن يكون الافتقار إلى المثابرة إعاقة لذلك النجاح والتفوّق، فهي الخصلة الشخصية الأهمّ التي يجب أنْ تتمتّع بها لتحقيق نجاحاتك الباهرة، وبدون المثابرة فلن تحقّق شيئاً ذا قيمة وهي عامل النجاح الذي يميّز بين من يعمل وبين من يتمنّى والتمني بضاعة الحمقى، وتبرز المثابرة حينما تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وتبدو الامور مستعصية فمن يضع يده على المحراث ولا يلتفت إلى الوراء فهو من يفوز بالجائزة الهنيئة، وأحد معاني المثابرة هو رفض الاستسلام أو الاعتراف بالهزيمة فلو احتجت الوقوف لإعادة الحسابات فقف، ولكن كن دائماً على الطريق ومعظم الأحيان فإن النجاح يحتاج لثمن باهظ،
تُريدينَ لُقيانَ المَعَالي رَخيصَةً وَلا بُدّ دونَ الشّهدِ من إبَرِ النّحلِ
والقليل من الناس من يعبر نهر الحياة دون أن تبتلَّ أقدامه.
وبدون المثابرة فلا أمل بتحقيق النجاح، وهي تعني التماسكَ حتى نهاية المشوار والصمودَ والأخلاص، وهي القدرةُ على تحمّل الألمِ والضغظ والمرض والكوارث وخيبة الأمل، والمثابرة هي المفتاح الذهبي الذي يحوّل الفشل المؤقت إلى نجاح دائم، والهزيمة إلى نصر، وهي السلاح الأمضى في معركة الحياة، وهي البركان الذي لاتنبت على قممه أعشاب التردد، فكم من موهوب يفشل، وكم من عبقري مندثر تحت غبار النسيان، وكم من متعلم دُفن حيّاً، لأنّهم وببساطة لايملكون روح المثابرة، فهي القوّة الهائلة التي لا حدود لها، فمثابرةُ قطرة من ماء على السقوط في نقطة واحدة تذيبُ الصخورَ الصماء.
اجعل المثابرة عادة من عاداتك:
يمكننا القول إنّ العادة هي سلوك يصدر منّا من غير تفكير بطريقة محددة طوال الوقت، ويمكن أن تكونَ العادةُ حسنة مثل أدائك للصلاة في وقتها، أو تنظيف أسنانك بانتظام، أوالانضباط بالمواعيد، أو تكون سيئة كالإدمان على التدخين، ورغم أنّ للعادة على كلّ شيئٍ سلطان، وهي الطبع الثاني للإنسان، فإنه يمكن تغيير العادة مهما توغلت جذورها في أعماق النفس فعن أمير المؤمنين (ع) يقول: (غالِبوا أنفُسَكُم عَلى تَركِ العاداتِ تَغلِبوها، و جاهِدوا أهواءَكُم تَملِكوها) غرر الحكم:ج1:ص159، فمن يستطع ترك التدخين لمدة 16ساعة في صوم رمضان يمكنه بالمثابرة الاستمرار على الترك ليفوز بعافية جيدة.
ويمكن تغيير العادة السيئة بالتحوّل إلى العادة الحسنة، وذلك باستخدام التكرار والمثابرة والإصرار، وقد لا تستطيع أن تلقي بالعادة من النافذة، ولكن عليك أن تهبط بها على السلالم برفق، درجة بعد درجة، يذكر أن أحد المثابرين سأله صديقه كم مرة ستتصل بي قبل أن تستسلم وتقلع عن محاولة إقناعي بشراء وثيقة تأمين؟ فقال له: هذا يتوقف على من منّا سيموت قبل الآخر، يقول الصديق ما إن أطلق كلمته هذه حتى اشتريت منه وثيقة تأمين فسألني لماذا اشتريت؟ فقلت له: لقد شلت مثابرتُك مقاومتي.
هل العناد مثابرة؟؟
إذا أردت أن تنجح فيجب أن تفرّق بين العناد والمثابرة، فالعناد يعني أن يرفض الإنسان الاستسلام دون تغيير طرقه التي أنتهجها ويرفض الاعتراف بخطئه رغم أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، على الرغم من أنه لا يحصل على النتائج المرجوّة ولا يحاول انتهاج طريق آخر، والمثابرة بخلافه.
المثابرة لعلاج المعوقات وتحقيق النجاح
عندما تقف أمامك أمواج المعوقات استعن بهذه الخطوات الثلاث
1: ـ الإيمان بأن لكل مشكلة حلاً، ولابدّ من وجود طريقة ما تمكّنُكَ من القيام بما تريد، وعندما تؤمن بأن الحلول ممكنة فستتمكّن من سلوك الطريق الصحيح.
2: ـ تراجع وابدأ من جديد فقد يُعمي أبصارَنا الاهتمام بالمشكلة أكثر من اهتمامنا بالحلّ، فالاستراحة في منتصف الطريق تساعد في إيصالنا إلى نهاية الطريق وإلى الهدف براحة وهدوء.
3: ـ كن مثابراً، ولا تستسلم أبداً، وكتب التأريخ مليئة بسِيَر من نجحوا بعد فشل ونهضوا بعد كبوة وانتصروا بعد هزيمة وذلك خيرُ دليل على الإمكان، وأن القضية ليست بمستحيلة الوقوع عند الآخرين.