يعتبر القلق أحد المشاكل النفسية العصرية العامة، إذ يعاني منها كلّ شخص في مرحلة ما من حياته، ونادراً ما نجد شخصاً لم يمر بهذه المشكلة.
إنّ القلق هو مجموعة من المشاعر السلبية التي تتجمع داخل الإنسان وتُعيقه عن تحقيق النجاحات فـي الحياة، وعادةً ما يُصاب الإنسان بالقلق نتيجة التفكير المبالغ فيه بهموم الحياة ومشاكلها، وبالخوف من المستقبل الذي ينتظره ويؤدي ذلك له بأمراض نفسيه وصحية.
إنّ الشعور بالقلق يختلف من شخص لآخر، بل عند الشخص الواحد تبعاً للظروف والأحداث التي يواجهها، إلّا أنّ كلّ ذلك يسمى قلقاً مع تفاوت الدرجات والتأثير.
إنّ أعلى درجة للقلق تعتري الإنسان في الوقت الحاضر هو القلق بشأن المستقبل، فما من إنسان إلّا ويقلق للمجهول الذي ينتظره في المستقبل، والأشياء والأحداث المتوقعة التي لم تظهر بعد، أو ربما ليس لها وجود في الواقع أحياناً.
إنّ الحالة النفسية الفسيولوجية التي يسببها القلق عند الإنسان يكون لها نتائج وآثار غير مرغوبة عند الناس، مثل حصول حالة من التوتر والارتباك في الحركات الجسدية كالمشي بلا هدف، وحركة اليدين بلا داعٍ معيّن، أو ضعف في القدرة على التفكير بشكل سليم وغير ذلك من الأعراض غير المحمودة.
قلق أم خوف؟
ينبغي أن نعرف الفرق الواضح بين القلق والخوف، وبتعبير سهل إنّ الخوف هو شعور ينتاب الشخص عندما يرى بنفسه شيئاً بشكل مباشر، فمثلاً إذا كان أحد يسير في وسط الشارع وفجأة ظهر أمامه حيوان مؤذٍ يريد مهاجمته، فإنّ شعوره بهذا الحيوان أنّه يريد ضرره يسبب له الخوف منه، وهذا الشعور يدفعه عادة إلى سلوك دفع ذلك الضرر بالهرب أو غيره.
أما القلق فهو يختلف عن الخوف، وهو أنّك تقلق من أشياء، ولكن بدون أن تختبرها أو تراها بشكل مباشر، أي: إنّك تفكر في الأشياء فقط. وغالباً ما تكون هذه الأشياء مستقبلية أي: إنها لم تدخل عالم التحقق أصلاً، فمثلاً عندما تكون أنت موجوداً في المنزل، وجال في خاطرك تفكير عن الحيوانات المفترسة أو المؤذية؛ فإنّه ينتابك القلق منها، ويزداد القلق كلّما زاد احتمال أن تراها يوماً.
لذلك فإنّ القلق صار جزءاً طبيعياً من حالاتنا وانفعالاتنا في حياتنا اليومية، وعادة ما يبقينا مستعدين لمواجهة المواقف الضرورية التي تسبب لنا القلق، ويدفعنا للتحكم فيها للتخلص من حالة التوتر المصاحبة.
وقد يتحوّل بعض أنواع القلق إلى حالة مرضية عند الشخص، تظهر بصورة سلوك عصبي متزايد وشد وتوتر مستمر، وهذا يولّد في النفس طاقة سلبية على التصرفات كافة، وتؤثر على الصحة النفسية للشخص، وحينئذٍ يحتاج الأمر إلى التشخيص والعلاج. وعلى كلّ حال فقد قدّم المختصون مجموعةٍ من الطرق الصحية الفعّالة للتخلُّص من القلق:
أولاً: كي لا تُغرِق نفسك في بحر مليء بمشاعر القلق عليك أن تتوقع بشكلٍ دائم حدوث الأشياء السيئة في حياتك.
ثانياً: عليك أن تسعى لاشغال نفسك بأمورٍ جديدة تُلهيك عن التفكير بالقلق.
ثالثاً: ننصحك بأن تحـرص على القيام ببعض الأمور التي تساهم في الترفيه عن نفسك كقراءة الكتب الثقافية والأدبية
رابعاً: ننصحك عزيزي القارئ بأن تحرص على التقرّب من أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك
خامساً: في حال كنت تعاني من القلق بسبب مشكلة مهنية أو عائلية عالقـة ننصحك بأن تحرص على اتخاذ القـرار المناسب بشأنها دون أي تأجيل أو تسويف
سادساً: مهما كثرت عليك ضغوط الحياة ومشاكلها الكثيرة، عليك أن تمنح نفسك قدراً كافياً من الراحة والاسترخاء اليومي.
سابعاً: لتتخلَّص من مشاعر القلق ننصحك بأن تستمع إلى القرآن بصوت تحبه، وحاول تصوّر معانيه.
ثامناً: عليك أن تحصر تفكيرك فقط بالأشياء المميّزة التي لها مساس مباشر بحياتك، واترك التفكير فيما لا يعنيك.
تاسعاً: من الضروري أن تراقب أفكارك وأن تحرص على التخلُّص من كلّ الأفكار المزعجة التي تسبب لك القلق والانزعاج، وأن تحتفظ فقط بالأفكار الإيجابية التي تشعرك بالسعادة والراحة.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (56)