تنمية مهارات الطفل

الطفلُ صفحةٌ بيضاءُ قابلٌ لكلِّ ما يُنقشُ عليه

هذا المفهومُ الذي آمن به علم النفس بكلّ جدّية ينبغي أنْ يكون منطلقاً لإعداد جيلٍ نافعٍ وفعّالٍ ومنتجٍ في المستقبل ولكلّ مرحلة من مراحل الطفولة معطياتها الخاصة التي ينبغي أن تراعى في تنمية المهارات:

مرحلة الرضاعة:

ينمو الطفل في هذه المرحلة بشكل سريع، ويكتسب الكثير من المَهارات الحركيّة كالمشي، والحبو، والوقوف، والجلوس، وتبعاً لذلك ينبغي للوالدين توفير بعض الألعاب التي تُصدر الأصوات وذات الألوان الزاهية والمُختلفة، فيُطوّر الطفل قدرته على إمساك الأشياء وتحريكها وتقليبها بين يديه، بالإضافة إلى الكتب المصنوعة من الفلّين أو الكرتون المقوّى، ومن المُمكن أن تروّي الأمّ القصص بطريقة التلوين الصوتي مع اختلاف نبرات الصوت، فكلّ ذلك يستدعي انتباه الطفل، فسماع الطفل لصوت أمّه يساعده على تعلّم اللغة المَنطوقة والتعبيريّة، كما توجد هناك الكثير من الأنشطة التي يُمكن تقديمها للطفل لتقوية مَهاراته وتطويرها.

مرحلة الطفولة المبكّرة:

 تظهر في هذه المرحلة أهميّة تَنمية المَهارات الحركيّة ومهارات التآزر البصري الحركي، بالإضافة إلى المهارات اللغويّة والإدراكية، وتتمّ تنمية هذه المهارات بعدّة طرق وأنشطة تُمارسها الأمّ في المنزل أو المعلّمة في المدرسة؛ وذلك بعرض المهارة وتَدريب الطّفل عليها ليَصل إلى مرحلة إتقانها، أمّا هذه الأنشطة فتكون إمّا باللعب بالمشابك وتَصنيف ألوانها، وتطوير حاسّة اللمْس بعرض عددٍ من خامات الأقمشة أو الأسطح المُختلفة والتفريق بين الناعمة والخشنة وغيرها، والربط بين أكثر من مهارة في نفس النشاط؛ كأن يُميّز الطفل بأن الكرت الأصفر خشن الملمس والكرت الأحمر ناعم الملمس للمساعدة في تطوير القدرة على التفريق بين الأشياء، كما أنّ تقديم الألعاب التي تحتوي على الحركة أو اللعب بالرمل تدفع بالطفل لاستعمال إمكانيّاته الابتكاريّة وقدراته التخيليّة.

مرحلة الطفولة الوسطى:

 يحدُث في هذه المرحلة الخروج الفعلي للطفل إلى المدرسة ومسؤولياتها وواجباتها، واتّساع البيئة الاجتماعية، واتساع دائرة الاستقلال عن الوالدين، كما يتعلّم الطفل المهارات الحركيّة اللازمة للمشاركة بالأنشطة العامة والألعاب الجماعية، بالإضافة إلى بداية اكتساب الطفل في هذه المرحلة القِيَم والمعايير الخارجية التي تُشكّل بُنية شخصيّته الاجتماعية، وتتمّ تنمية مهارات الطفل بإشراكه ببعض الأعمال المنزلية التي تُناسب قدراته الجسمية، وتوفير مكعّبات الفك والتركيب وصلصال اللعب والبازل المناسب، كما يجب على الطفل القيام بمهاراته الاستقلالية بمفرده كارتداء ملابسه ووضعها في مكانها، وتناول طعامه وحده، والاستحمام، وربط الحذاء. يجب أيضاً تعليم الطفل في هذه المرحلة على الكتابة وتحسين خطّه، ومحاولة إتاحة الفرصة له لحلّ مشكلاته من دون تدخّل أحد، كما من الممكن تنمية مهارات الطفل اللغوية بتشجيعه على التلاوة الصحيحة للقرآن.

مرحلة الطفولة المتأخرة:

 يسعى الطفل في مرحلة الطفولة المتأخّرة إلى زيادة توكيده لاستقلاليّته وتكيّفه الاجتماعي، كما يُكوّن الصداقات والعلاقات خارج نطاق الأسرة، ويَتآلف الطفل مع الجماعات، ويُمكنه الانطواء تحت ظلّها، كما يترسّخ مفهوم الأخلاق والضمير، واكتمال التوجه الذاتي نحو الذات والجماعة، بالإضافة إلى مُمارسة الطفل الكثير من الأنشطة الجسمية على نطاق أوسع وبنشاط أكبر من المراحل السابقة، فيجب تعليم الفرد اللعب المحكَم الذي يَسير حسب قوانين مُعيّنة، وتشجيع العمل الجماعي وتحقيق التوافق مع الأقران، وتشجيع الطفل في توظيف اللغة المنطوقة في الأداء التمثيلي وانتحال الأدوار، ومساعدة الطفل على إتقان الألعاب الشائعة بين أقرانه وتشجيعه على مُمارستها والاستمتاع بها.

 إرشادات عامة في تعليم المهارات للأطفال:

 -التشجيع والتحفيز المستمر للطفل، بالإضافة إلى التعزيز اللفظي والثناء على الطفل عند نجاحه، وتجاهل التجارب الفاشلة له، وحثّه على الاستمرار حتى النجاح.

 -القدوة الحسنة والبنَّاءة؛ فالطفل يُراقب مَن حوله من المُعلّمين والأهلِ الأقران ممّن يُتقنون مهارة مُعيّنة، فهو يتعلّم بالمُلاحظة والتقليد.

 -تقديم المهارة المناسبة لعمر الطفل وقدراته الجسميّة والعقلية، وتقديم اللعبة أو النشاط المُناسب لتجنّب تعرّض الطفل للفشل المستمر والإحساس بالإحباط، ومراعاة الفروقات الفردية.

 -عدم إجبار الطفل على المُشاركة في نشاطٍ مُعيّن إذا كان لا يَرغب بذلك.

- مُراقبة الطفل أثناء لعبه وحده أو مع أقرانه في الألعاب الجماعية، وتَحديد السلوكيّات التي تنقصه، أو السلوكيّات السلبية ومُحاولة تعديلها في وقتٍ آخر.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (24)