لماذا زيارة أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) هي الأعظم على مرّ التاريخ؟!
إحصائيات إعلامية وإخبارية علنية واضحة لا تقبل التزوير، اعترفت في تقارير وأخبار سنوية، أن زيارة الحسين(عليه السلام) في العشرين من صفر، أعظم وأكبر وأرقى تجمهر ديني في العالم، فمن ناحية العدد يفوق عدد الزائرين عدد الحجاج بخمسة مرات إذ وصل عدد الزوار لبعض السنين إلى ما يقارب 25 مليوناً ما بين زائر عراقي وغير عراقي، من ما يقارب 80 دولة مختلفة في العالم، من بينها باكستان، والهند، وسوريا، ولبنان، وتركيا، والسعودية، والبحرين، والكويت، والإمارات، ودول القوقاز، والصین، وسنغافورة، ونیوزیلندا، والكثير من الدول الغربية والأفريقية، بينها نيجيريا، وجنوب أفریقیا، وتنزانیا، وجزر القمر.
ولم تقتصر فعاليات الزائرين من تلك الدول على أداء الزيارة فحسب، بل تمدّدت إلى إقامة المواكب لخدمة الزائرين، ويشتركون في كلّ المجالات التي يقوم بها العراقيون في أيام الزيارة المباركة.
بل ولم يقتصر إحياء هذه المناسبة على أرض العراق، وإنما تعدى الأمر حدود الوطن، فالكثير ممن لم تسمح لهم الفرصة بالوصول إلى كربلاء، صاروا يقيمون المواكبَ والمجالسَ الحسينية في بلدانهم، وبعضهم يقوم بالمشي بين نقطتين معينتين تضامناً مع الزائرين في كربلاء.
لذا عَدّت بعض الإحصائيات زيارة الأربعين أهم من مهرجان -كوم ميلا- الهندوسي الكبير، لأن الأخير يحدث مرة كلّ ثلاث سنوات، وزيارة الأربعين زيارة مسيرة مليونية يقيمها الزائرون كل عام، كما أن زيارة الأربعين تجري في أجواء أمنية خطيرة تعصف بالعراق منذ أكثر من 1350 عام، في حين تجري المهرجانات العالمية الأخرى في ظروف سلمية ليس فيها نسبة خطورة على المشاركين.
وهنا نسأل: هل يمكن أن نقول إن زيارة الأربعين تمثل حدثاً عالمياً؟ أم أن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) يبالغون في هذا الحدث فيصفونه بذلك؟
وللإجابة على هذا السؤال، لابد أن نعرف أولاً ما الذي يجعل حدثاً ما يوصف أو يتّصف أنه حدث عالمي؟
إن اكتساب أي مشروع أو واقعة صفة العالمية يتوقف على أمرين:
الأول: الانتشار والشمول.
الثاني: القبول الإيجابي للحدث المنتشر.
ولا يتصف شيء بالعالمية من دون تحقق هذين الأمرين معاً.
وكلاهما حاصلان في زيارة الأربعين للإمام الحسين (عليه السلام).
أما الانتشار، فكما قلنا وكذلك ما يشهد به الواقع، فإن يوم العشرين من صفر صار تأريخاُ مميزاً في كثير من دول العالم، فتقام المواكب والمجالس في بقاع عديدة، ويشترك في فعالياتها حتى أصحاب الديانات الأخرى لأنها حققت صفة الانتشار وشملت كل داعمي الحرية والعدل في العالم، واتخذوا من الإمام الحسين (عليه السلام) شعاراً ورايةً لهم في التعبير عن الانتماء إلى هذه الصفات الإنسانية الحميدة.
وأما القبول، فقد كان تفاعل الشعوب في العالم مع الزيارة الأربعينية في شهر صفر متمثّلاً بالاحترام والاحتفاء بكلّ إلى ما يمتُّ إلى الحسين (عليه السلام) بصلة، وصار يوم الأربعين عند بعض المجتمعات، يوم تعريف وتذكير بالقيم والمبادئ الإنسانية، التي تجسدت كلها في شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) ومواقفه الشجاعة إلى حد التضحية بالنفس والعيال، دون الانقياد والخضوع تحت قيم فاسدة بعيدة كل البعد عن الإنسانية.
ولا يتصوّر أحد أن الإعلام له دخل في تحقيق صفة العالمية، لأن وظيفة الإعلام هي نقل الحدث والواقعة، وليس إيجاد صفاتها، والعالمية صفة للحدث من حيث انتشاره وقبوله في العالم.
إضافة إلى أن الإعلام وسيلة قابلة للبيع والشراء، بالتالي لا يمكن أن نعتبرها نزيهة دائماً، لنقيس عليها حدثاً معيناً، بخلاف المشاركة الإنسانية، حيث تعد العنصر الفارق في هوية الحدث العالمي.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (33)